IMLebanon

الاستعراض الخبيث  

السيدة مارين لوبان بدت وكأنها آتية الى لبنان من العصور الوسطى، من “محاكم التفتيش” وليس من عاصمة النور باريس… وإلاّ أي تفسير للهمروجة التي افتعلتها هذه المرشحة لرئاسة الجمهورية في أحد أعرق البلدان الديموقراطية في العالم؟!.

نفهم أن تكون مدام لوبان تتوسّل أي حدث أو مسألة لتوظفها في معركتها الانتخابية الرئاسية، ولكننا لا نفهم، بأي شكل من الأشكال، وتحت أي ذريعة من الذرائع، أن تفتعل مشكلة لا أساس لها على حساب الساحة اللبنانية:

أوّلاً- انّ قضيّة الحجاب مفتعلة وليست صحيحة، ذلك أنّ دار الإفتاء لم تفرض على السيّدة لوبان أن تتحجّب… جل ما رغبت الدار إليها أن تحترم المقام فتضع غطاءً على الرأس بمثابة ما يُعرف بأنه “ايشارب”، ليس إلاّ.

ثانياً- انّ للمقامات الروحية في العالم كله، وعندنا في لبنان من باب أولى، حرمتها واحترامها وأضعف الإيمان أن تكون لوبان مدركة لهذا الواقع وتلتزم بآدابه وأعرافه وتقاليده.

ثالثاً- كلنا يعرف أنه حتى الڤاتيكان ذاته يعتمد هذا البروتوكول بقوة وصرامة، لدرجة أنّ ملكة بريطانيا، اليزابيت الثانية، وهي من أرفع القامات والمقامات في العالم، تلتزم بغطاء الرأس عندما تقابل قداسة البابا… أياً يكن البابا المالك في حاضرة الڤاتيكان، وهذه حقيقة معروفة، لا يجهلها أحدٌ.

رابعاً- ولا بدّ من التذكير ببعض “مآثر” السيدة لوبان، فهي تمثل يمين اليمين، أي أقصى التطرّف، ومعروف عنها عنصريتها ضدّ الأقليات والمهاجرين عموماً والعرب والمسلمين خصوصاً، وهي ابنة ضابط فرنسي يداه ملطختان بدماء قوافل الشهداء الجزائريين… إلى أن جاء رئيس فرنسي مستنير، هو الجنرال شارل ديغول، الذي أنقذ فرنسا من محرقة الجزائر ومستنقعها، إضافة الى أنّ والدها هو الذي أسّس حزب “الجبهة الوطنية” العنصرية في فرنسا، بالرغم من أنّ والدتها كانت ضدّ زوجها وكثيراً ما كانت تندّد بجرائمه وتلوّنه ونفاقه، ومعلوم أنها قامت بجلسة تصوير “جريئة” لمجلة العري المعروفة “بلاي بوي” الى جانب شاب أسود نكاية بزوجها وبعنصريته.

صحيح أنّ لوبان مرشحة، وفق استطلاعات الرأي الدقيقة، لتنال الأكثرية في الدور الأول من الانتخابات، ولكنها ستكون أكثرية نسبية وليست مطلقة، وبالتالي فهي لن تصل الى قصر الإليزيه بأي حال من الأحوال، لأنّ فرنسا الديموقراطية، بلد “الاخوة والعدالة والحرية” تلفظ هذه النماذج ولا تسمح لها بأن تتولى الحكم فيها… خصوصاً وأنه من المنتظر أن تتكتل ضدّها، في الدورة الثانية أحزاب اليمين والوسط واليسار كلها…

وباختصار لقد افتعلت السيدة لوبان هذه الأزمة عبثاً… ولعلّ زيارتها الى لبنان استهدفت أولاً وآخراً الوصول الى هذا الاستعراض الخبيث والتافه.

عوني الكعكي