IMLebanon

نقطة البداية إطفاء حرائق المشرق

القليل الذي يرضي العرب هو اجتماع قادتهم على مقربة من ركام الضحايا وحطام المدن، فمجرد انعقاد القمة هو محطة تأمل ووعد بالحوار بدل الحروب الناعمة أو الخشنة، وانعقادها في الأردن دليل انتباه إلى الحال المأسوية في المشرق وانعكاسها السلبي على الدول العربية وشعوبها جميعاً.

ثمة تدوير ممكن للزوايا في العلاقات البينية العربية وبحث عن منصة للحوار بين الدول وداخل الدولة الواحدة، أو ما تبقى منها في حال سورية والعراق وليبيا.

يرى المجتمعون قرب البحر الميت من حولهم آثار حضارات مادية وروحية امتد تأثيرها إلى العالم كله، ويرون أيضاً انحسار المساحات الآمنة في المشرق العربي، فما عدا الأردن ولبنان اللذين يعانيان وطأة النازحين وتهديدات المتطرفين والعين الإسرائيلية الحمراء، ثمة انهيار في ما تبقى من المجتمع الفلسطيني نتيجة المستوطنات والجدران العازلة، وحروب في سورية والعراق وصلت إلى النقطة الأكثر خطورة: تحول الأخوة في الوطن إلى أعداء يقتتلون على فتات ما كان أرضاً تجمعهم في الحياة والممات.

لم يجد الرئيس اللبناني ما يخاطب به القادة سوى كلام عاطفي ودعوة إلى حوار عاجل لقطع الطريق على حلول مفروضة قد ترسم حدوداً غير الحدود وتنشئ دولاً غير الدول، ولم ينس اقتراح مساهمة لبنانية في الحوارات العربية – العربية أو داخل كل دولة، مستنداً إلى خبرة اللبنانيين في التقاتل والتصالح.

المجتمعون يعرفون أنهم في منصة آمنة تشرف على حرائق المشرق بدءاً من اللاذقية وانتهاءً بالحدود مع إيران. من هنا أهمية الدور العربي في استعادة سلام المشرق لئلا تسرقه أدوار أخرى إقليمية وعالمية، فالعراق الغارق في مستنقع الكراهية يسيطر على حراكه الدامي الأميركيون والإيرانيون مع نفوذ تركي محدود، وسورية ساحة حرب إقليمية وعالمية، لكنها والعراق مفتوحان لتنظيمات متطرفة تبني خلاياها في ظلام الفوضى وتحجب آفاق السلام الداخلي لتكرس في البلدين مقراً لتخريب الجوار العربي والأوروبي. أما لبنان الذي يتشارك مع الأردن في شيء من الاستقرار الأمني والاجتماعي، فيئن من مشكلات اقتصادية ويتحمل ثقل سياسيين ليس لهم مثيل في الأنانية ونوم الضمير.

سلام المشرق نقطة البدء في مواجهة حرائق العالم العربي، فبوحدة سورية ووحدة العراق نصل إلى تأكيد وحدة اليمن وتفادي انقسام الوطن الليبي. وصحة المشرق هي المعيار للوقوف في وجه أطماع إسرائيل وللتوصل إلى سلام عادل في المنطقة، ذلك أن المشرق بسياساته المسؤولة لا بتلك المتخفية وراء الميليشيات ودعاة الجريمة الجماعية، يعتبر نموذج السياسة الشرق أوسطية بتعقيداتها وحواراتها أو بحروبها، فالميليشيات أكثر عدداً وفاعلية من الجيوش النظامية.

وإذا كان للإسلاميين الذين تضج أصواتهم وتفجيراتهم في المشرق أن يقرأوا التاريخ جيداً، فسيرون استعادة صراع النفوذين الفارسي والتركي للقبض على الدولة العباسية التي أدت إلى الإنسانية رسالة الحضارة العربية الإسلامية، وسيرون تحطيماً لدمشق عاصمة الأمويين التي انطلق منها النفوذ العربي إلى العالم. لكن هؤلاء الحاملين راية الإسلام لا يقرأون تاريخاً ولا يتأملون حاضراً، ويحاربون الهوية العربية التي تحمل رسالة سلام إلى إيران وتركيا مع تأكيد احترام مميزات الحضارة وحسن الجوار.

قمة عربية في المشرق: بعض الأمل وكثير من التأمل، والتفاتة سريعة من ملايين المهاجرين اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين الذين غادروا بلادهم بلا عودة. الآن وخلال حروب سابقة.