IMLebanon

الصراع على السلطة يبدأ مع قانون الانتخاب هل يُتّفق عليه وتُجرى الانتخابات في 2016؟

بعدما تم تأليف لجنة نيابية موسعة لدرس قانون جديد للانتخابات النيابية في مهلة شهرين، ثم يعرض على الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشته وإقراره، فإن السؤال المطروح هو: متى يولد قانون جديد للانتخابات ويكون مقبولاً من كل القوى السياسية الأساسية في البلاد، وهل مهلة الشهرين كافية للاتفاق عليه، وإذا لم تكن كافية هل يطرح عندئذ كل ما لدى مجلس النواب من مشاريع قوانين على الهيئة العامة ثم على التصويت لتقرر الأكثرية أي مشروع تختار منها؟

لقد كان في ودّ الرئيس نبيه بري أن تكون اللجنة مصغّرة علها تنجز عملها بسرعة أكثر من لجنة موسعة كي لا يصح فيها القول: “إن اللجان هي مقبرة المشاريع”. فهل سيكون في الإمكان إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون جديد خلال ربيع سنة 2016 توصلاً الى وضع حد لتمديد ثالث للمجلس يفرض نفسه وهو ما يضع لبنان في مصاف الدول الفاشلة أو المارقة؟ وهل يظل انتخاب رئيس للجمهوريّة ينتظر الاتفاق على هذا القانون مهما طال الوقت، أم ينبغي انتخاب رئيس للجمهوريّة قبل أي أمر آخر ليكون له عندئذ رأي في رفضه وإعادته الى مجلس النواب لدرسه مجدداً أو الموافقة عليه، وإبقاء هذا القانون من جهة أخرى خارج بازار التسويات والمساومات والمحاصصات؟

مما لا شكّ فيه أن وضع قانون جديد للانتخابات النيابية يكون عادلاً ومتوازناً، لا يقل أهمية عن انتخاب رئيس للجمهوريّة لأن مجلس النواب المنبثق من انتخابات حرة ونزيهة، ويمثل إرادة الشعب تمثيلاً صحيحاً بشتى فئاته وأجياله، وينتخب رئيساً للجمهوريّة ومنه تنبثق أيضاً الحكومات وهو الذي يحاسبها على أعمالها، أفضل من أن يتولى ذلك مجلس ممدد له. لكن لقانون الانتخابات أهمية تجعل كل القوى السياسية تهتم به عند درسه ووضعه في صيغته النهائية ولا سيما عند تقسيم الدوائر بحيث يحاول كل حزب وكل تكتل من خلال هذا التقسيم معرفة حصته ونتائج الانتخابات قبل إجرائها، لأن من يفوز بأكثرية المقاعد النيابية هو الذي يستطيع أن يتحكم بالانتخابات الرئاسية وبتشكيل الحكومات وبإقرار المشاريع إذا لم يحكم. فإذا لم يكن القانون عادلاً ومتوازناً والانتخابات حرة ونزيهة كي تأتي نتائجها لمصلحة الموالين للسلطة، وباعتماد الغش والتزوير أحياناً، فإن المعارضة لا تجد أمامها عندئذ سوى الشارع للتعبير عن رأيها الذي يكون مسموعاً أكثر من داخل مجلس النواب كونها أقلية نيابية ولكنها أكثرية شعبية لم تتمكن من التعبير عن نفسها في صناديق الاقتراع لأسباب شتى.

يقول الرئيس حسين الحسيني في هذا الصدد إنه عندما بدأت الأعمال التحضيرية لمؤتمر الطائف جاء في ما يتعلق بقانون الانتخاب وكما نصت عليه “وثيقة الوفاق الوطني” حول الصيغة العملية للعيش المشترك بين اللبنانيين التي تسمح لإرادتهم بالظهور كما تسمح باعادة تكوين سلطات الدولة، إن المحافظة دائرة انتخابية ويجب أن يأخذ أي تمثيل نيابي صحيح بثلاثة معايير هي الآتية:

الأول: أن يكون المرشح مؤهلاً اجتماعياً، أي أن يكون ممثلاً لمكوّن اجتماعي هو طائفة المرشح ومجتمعه.

الثاني: أن يكون مؤهلاً مناطقياً، أي ممثلاً لمنطقة معينة التي هي القضاء.

الثالث: أن يكون ممثلاً للوطن كلاً، وهذا يستدعي انتخابه من ناخبي المنطقة وفق النظام النسبي والصوت التفضيلي.

ويبقى السؤال المهم وهو: هل تتوصل اللجنة النيابية الى اتفاق على وضع قانون للانتخابات يكون عادلاً ومتوازناً وغير مفصل على قياس هذا الحزب أو ذاك، خصوصاً أن اللجنة النيابية تتمثل فيها كل القوى السياسية الأساسية في البلاد بحيث إن مجرد موافقتها على مشروع قانون ينبغي أن يوافق عليه مجلس النواب باعتبار أن ممثل كل حزب في اللجنة يكون قد ناقش كل بند فيه وعاد إلى حزبه للموافقة عليه أو رفضه؟

الواقع أن الصراع على السلطة يبدأ مع قانون الانتخاب لأن من يفوز بأكثرية المقاعد النيابية تكون له السلطة بكل مواقعها. هذا في النظام الديموقراطي، أما في بدعة النظام التوافقي وقد أملتها تركيبة لبنان الطائفية الدقيقة، فإن الأكثرية النيابية تتساوى والأقلية في الربح والخسارة، فلا يتم انتخاب رئيس للجمهوريّة إلا بالتوافق وبتسوية، ولا يتم تشكيل حكومة إلا بالتوافق أيضاً، وإلا طالت أزمة انتخاب الرئيس وأزمة تشكيل الحكومة، وفقدت نتائج الانتخابات النيابية معناها عندما يتساوى الرابح والخاسر فيها، وهو الحاصل في لبنان منذ عام 2005.