IMLebanon

منظومة الـ«أس.أس 400 الروسية»

تقول مصادر ديبلوماسية غربية انه يوم دخلت روسيا الحرب الى جانب الرئيس السوري من بابها الواسع سارع رئيس وزرائها الى موسكو بحثا عن الاسباب والحلول، وتنظيما لقواعد اللعبة في السماء السورية،خاصة بعد دخول منظومة الـ «اس.اس.300» وال «اس.اس 400»، فكان له ما اراد من قواعد اشتباك سمحت للطيران الاسرائيلي بحرية حركة، حيث نفذ اكثر من عملية رعاها الاتفاق بين موسكو وتل ابيب.

استراتيجية لم تختلف كثيرا، اذ مع اعلان «القيصر بوتين» سحب قواته، حتى سارع الرئيس الاسرائيلي هذه المرة لاستكشاف الاجواء، مزودا بعدد كبير من الأسئلة تتمحور حول ملابسات القرار وتداعياته، وليؤكد ان «توطيد العلاقات الاستراتيجية والتنسيق مع روسيا أمر قائم ولم يتغير»، رغم انه ليس من الواضح ما اذا كان القرار قد فاجأ اسرائيل ام انها كانت على علم مسبق به، اذ من المستبعد أن يكون الانسحاب الروسي مخالفاً للإرادة الإسرائيلية أو مهدداً لأمنها في ظل التأكيد المستمر على التنسيق الأمني الروسي- الإسرائيلي فيما يخص سوريا، رغم تاكيد رئيس الاركان غادي ايزينكوت العكس.

وبحسب التقارير الاسرائيلية ان ريفلين لن يناقش مع بوتين فقط مسألة إمكانية استغلال حزب الله وإيران الانسحاب والتمدد في سوريا، رغم ابلاغ موسكو تل ابيب اكثر من مرة أنها غير معنية بأن تستفيد طهران والضاحية من تدخلها ،بل أيضا سيعبر له عن قلق «إسرائيل» من إمكانية حلول حالة من الفوضى تفضي إلى تهديد العمق الاستراتيجي الإسرائيلي من قبل الجماعات السنية المتطرفة.

تنطلق القراءة الاسرائيلية بحسب التقارير، من ان الرئيس الروسي فاجأ العالم بقراره سحب قواته بقدر ما فاجأهم حينما أرسل هذه القوات الى سوريا منذ ستة أشهر، بحسب «جيروزاليم بوست»، التي لفتت الى ان «حتى الولايات المتحدة بأجهزة استخباراتها لم تتوقع ما يحضره بوتين في سوريا ولا تدرك ما يحفز قراراته على هذا المستوى»، معتبرة ان موسكو «غيرت المعادلة الإقليمية بتدخلها العسكري، لا بل التوازنات العالمية بثمن لا يذكر فخسرت طائرة حربية واحدة وقتلى معدودين في صفوف قواتها»، معتبرة ان «الانسحاب ستكون له ارتدادات على إسرائيل، ايجابية وسلبية على حد سواء، فهو من جهة سيعيد حرية الحركة لإسرائيل والتي ستتحرر من التنسيق المسبق مع روسيا في المناورة الجوية في سوريا، ولكنه من جهة ثانية سيضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع إيران التي تملك قوات برية على الأرض السورية، قرب الحدود مع إسرائيل».

فالهواجس الإسرائيلية تدور حول حجم الانسحاب بحسب تقاريرها، ومصير الطائرات، الأسلحة والمعدات العسكرية التي سوف تبقى على الأراضي السورية بما في ذلك المنظومات الصاروخية البعيدة المدى والمضادة للطائرات، فضلا عن القلق من تدهور الحالة الامنية على الحدود الشمالية، في منطقة الجولان ومحيطها، ومنع سيطرة الاسلاميين المتطرفين على الجهة السورية من الحدود، إلى جانب منع تعاظم قوة تنظيم «حزب الله» والحد من النفوذ الإيراني في سوريا. وهي الاسباب التي كانت بنيت على اساسها التحليلات الأمنية الإسرائيلية التي رات في التدخل الروسي فرصة إيجابية لحفظ مصالحها في سوريا.

في هذا الاطار، نشر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تقريراً تحت عنوان: «التقديرات الاستراتيجية لإسرائيل في 2015-2016»، جاء فيه انه «يمكن لإسرائيل أن تحاول خلق فرص للاستفادة من التحالف بين إيران وروسيا وحزب الله»؛ وذلك عن طريق تقوية العلاقة مع روسيا وجعلها بمكانة القوة التي تكبح إيران وحزب الله وتمنعها من تشكيل أي خطر على الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا ان ذلك سيسمح «بوضع قوانين لعبة ملائمة لروسيا وإسرائيل بهدف منع الاحتكاك والتقديرات الخاطئة والتصعيد، كما يمكن أيضاً بلورة قوانين اللعبة لتكون أساساً للتوصل لأي تسوية مستقبلية في سوريا».

واذا كان ثمة اجماع بين المعلقين الإسرائيليين على ان الخطوة الروسية الأخيرة لن تغير من التنسيق الإسرائيلي -الروسي الذي جرى التوصل اليه مع بدء عملية التدخل العسكري الروسي في سوريا، وذلك مع استمرار التواجد في القواعد العسكرية البحرية والجوية، فانه يبدو أن بوتين نجح بتأسيس «وضع قائم» عسكري وسياسي بحسب مصادر ديبلوماسية، حيث وضع حدود التدخل العسكري للدول العظمى، راسما ستاتيكو الخارطة النظرية المستقبلية لسوريا، والتي يبدو خيار تقسيمها الى ثلاث أو اربع مقاطعات، بحسب الرؤيا الروسية مخرجاً معقولاً على المدى القصير، بحيث يحافظ كل طرف على الأراضي التي يسيطر عليها ويحظى بحصانة دولية للبدء باعادة اعمار الدولة.

خارطة طريق يمكن ان تتغير بتدخل لاعبين سياسيين آخرين مثل تركيا التي تواجه معاركها الخاصة ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا وسوريا ايضاً.

وفي السياق، اعترفت صحيفة مقربة جدا من رئيس الحكومة الإسرائيلي بالخطأ الكبيرعندما فوت فرصة التصالح مع تركيا بفعل الضغط الروسي، مشيرة إلى أن تل أبيب أقدمت على ذلك اعتقادا منها أن الروس سيبقون طويلا، ما يستدعي مراعاة مصالحهم من أجل إقناعهم بمراعاة مصالح «إسرائيل» في تركيا، بحسب تعبيرها.

والسؤال المطروح: على حساب من اتت الخطوة البوتينية؟ وما هي الرسائل السياسية التي اراد ايصالها من خلال ابقاء منظومات ال «اس.اس 400» والى اي طرف، طالما ان الاخيرة لا قيمة لها في الحرب ضد «داعش ».