IMLebanon

ثالث أيام «ثلاثية الحوار» كما أوّلها: لا شيء

في النصف الملآن من كوب ثلاثية الحوار في أيامه الاخيرة في عين التينة امس، أن استمرار الاختلاف في تطبيق الاولويات دستورياً كان من دون تشنج ثنائي او جماعي في وقت تبين، واقعاً، أن هناك لاءين أساسيتين عبّر عنهما وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل على خلفيتين:

– الاولى «ثابتة ولن تتغير» عند التيار «الوطني الحر» وأوردها باسيل كنصيحة بعدم «التعويل على المعادلات الخارجية»، حين قال: «ان حقنا الدستوري عدم تأمين النصاب، ولا أحد يمكن أن يأخذه منا الا حلفاؤنا اذا تركونا. فهذا حقنا الميثاقي، وطالما أن شعبنا يعطينا اياه فنحن لن نتنازل عنه».

– والثانية ثابتة في تحديد الاولويات ومكان تنفيذها عبّر عنها الجميل حين قال: «نحن من نريد الاصلاح ومن طرح اللامركزية ومجلس الشيوخ ونقل البلاد الى مرحلة جديدة ولكن داخل مجلس النواب وتحت رعاية رئيس الجمهورية».

فهل كان الفشل حليف ثلاثية الحوار؟

ينفي مشاركون في هذه الجلسات لـ«المستقبل» أن يكون المتوقع من هذه اللقاءات «أكثر» مما تحقق، بمعنى أن «لا ايجابيات ولكن لا سلبيات» منها. فالجميع حضر الى عين التينة عارفاً «أننا لن ننتخب رئيساً، وأن الظروف الحائلة دون انتاج قانون للانتخاب لم تتبدد بعد وأن الامور في حاجة الى حل لا علاقة لنا به انما بالمعادلة الكبرى التي لم تحل بعد». واذ يشير هؤلاء الى ضرورة البحث في المواضيع التي طرحت «من زمان»، يوضحون أن الاختلاف تمحور حول الآتي:

– هل ان مجلس الشيوخ واللامركزية الادارية مطلب الجميع، جزء من السلة ويرتبطان تالياً بقانون الانتخاب ويؤديان الى تعطيل انتخابات رئيس الجمهورية؟ 

هنا، ثمة من اعتبر أنه، «حتى» لو حصل اتفاق على هذين الامرين، فلا يجوز التوافق على غير الشخصية المسيحية الميثاقية التي تكون حصلت على أكبر حجم من الدعم المسيحي. فهناك امكان اذاً على الاتفاق على مجلس الشيوخ واللامركزية الادارية، ولكن، في حال عدم الاتفاق على اسم الشخصية المرشحة للانتخابات الرئاسية، فلا نصاب سيؤمن لجلسة الانتخاب في المجلس.

وفي المقابل، ثمة من طالب بالتوافق على هذين الامرين وعلى رئاسة الجمهورية في آن.

– وهل اذا ربط مجلس الشيوخ بقانون الانتخاب (طرح بري بتأييد من «المستقبل») يسهل التوصل الى وضع مثل هذا القانون بعد أن يكون «الارثوذكسي» تأمن تطبيقه انتخاباً للشيوخ؟.

ثمة من يعتبر أن الاتفاق على مجلس الشيوخ بطبيعته التشريعية ورئيسه وصلاحياته ربما يستغرق ما يراوح بين عامين وثلاثة أعوام في وقت هناك استحقاقان داهمان أولهما على علاقة بالانتخابات الرئاسية وثانيهما بالنيابية. وهذا يعني لهؤلاء «عدم التطابق» زمنياً بين قانوني مجلس الشيوخ والانتخاب، مع العلم بأن الاتفاق على هذا الجزء من السلة لن يؤدي الغرض بمعزل عن الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية.

وفي المحصلة، هذا كله يعني أن المتحاورين خرجوا من ثلاثية الحوار كما دخلوا اليه، خالي الوفاض، حتى أن لجنة الخبراء التي أشير اليها لم تحدد أسماؤها وترك أمرها، على ما قيل لـ«المستقبل»، الى بري الذي لم يبد في كلامه الى المتحاورين في مستهل الجلسة، أنه «متفائل او متشائم»، مؤكداً لهم أن «العبرة تبقى في الخواتيم». وطرح استكمال مناقشة صلاحيات مجلس الشيوخ، فانقسم الحاضرون بين مؤيد للسير بهذا الامر مباشرة (8 آذار) ورافض له قبل انجاز الانتخابات الرئاسية واقرار قانون انتخاب يعقبه خوض في الاصلاحات الدستورية (14 آذار)، على أن يكون مجلس النواب «المكان» للبحث في هذه المسألة في حضور رئيس الجمهورية. فكانت خلاصة ممثلي 8 آذار أن الاخيرين «يعرقلون الاصلاحات وقد بدلوا رأيهم في غضون 24 ساعة».

على اثر جلسات الايام الثلاثة التي لم تأت بنتيجة عملية، عيّن بري موعداً جديداً للقاء في 5 ايلول المقبل، وخرج المتحاورون يدلون بتصاريحهم المختلفة.

فأوضح النائب علي فياض أن مهمة اللقاء المقبل هي تشكيل لجنة من اختصاصيين وخبراء بمجلس الشيوخ، وصلاحياته وشكل انتخابه، معتبراً أنه «لا يمكن مناقشة هذا الامر بمعزل عن البحث في مجلس وطني خارج القيد الطائفي». وقال: «هذه الخطوة يجب أن تسبق تشكيل مجلس الشيوخ، وقانون الانتخاب يجب أن يكون وطنياً وتالياً نسبياً». وأشار الى «من يسعى الى عزل هاتين النقطتين وفصل مساراتهما»، قائلاً: «البعض يأخذنا الى أقصى التفاؤل في حين يردنا البعض الى أقصى التشاؤم». ولفت الى «قنابل زرعت في طريق الاصلاح لتعطيله»، مؤكداً «أننا جديون في الاصلاحات والرئاسة، لكن أعان الله اللبنانيين على سياسات البعض».

وانطلق الجميل من اتفاق الطائف قائلاً ان «تطبيقه يبدأ بفرض سيادة الدولة على الاراضي اللبنانية كلها وجمع السلاح بين أيدي الجيش اللبناني فقط». أضاف: «أما إذا كان المطلوب إصلاحات وهي ضرورية، فمكان مناقشتها هو تحت سقف المؤسسات لا خارجها حيث على المجلس درس الأزمات، والمشكلات والاصلاحات». وأوضح أن «وجودنا على هذه الطاولة هو للدفاع عن الدستور وللتصدي لأي محاولة بترحيل ملف الرئاسة وصرف النظر عن انتخاب رئيس للجمهورية لأن له الأولوية»، مشيراً إلى أن «ترحيل قانون الانتخاب الى حين بت مجلس الشيوخ هو عملية دفن لامكان وضع قانون انتخاب جديد يسمح للبنانيين بتغيير الطبقة السياسية». وأكد أن «الأولوية هي انتخاب رئيس للجمهورية ووضع قانون للانتخاب عبر التصويت تطبيقاً للدستور وعدم الهروب من التصويت داخل المجلس». ونفى «منع الاصلاح السياسي، ولكننا، في هذه ظل هذه الازمات نعيش وضعاً خطيراً جداً والاولوية هي لانتخاب رئيس لفتح الطريق امام عمل المؤسسات مجدداً». ورأى أن نقل البلاد الى مرحلة جديدة يكون «داخل مجلس النواب وتحت رعاية رئيس الجمهورية».

ولم يمانع باسيل «حل مواضيع الرئاسة، وقانون الانتخاب والاصلاحات على حدة لاستكمال تطبيق الطائف وتطوير النظام». وقال: «اذا كنا نريد قانوناً طائفياً فنحن مع الارثوذكسي، واذا كانوا يريدون قانوناً للمواطنة فنحن مع النسبي». وطالب بقانون «يعتمد معياراً واحداً وواضحاً ولا يقوم على قواعد استنسابية وانتقائية».

ولفت النائب غازي العريضي الى أن «أهم» ما في الثلاثية هي «المواقف الايجابية لناحية المقاربة السياسية»، مطالباً بـ«وجوب» البناء على الدعوات الى التوافق. وأشار الى أن «الجميع يرفض التمديد لمجلس النواب وقانون الستين»، معرباً عن اعتقاده بـ«وجوب أن لا تتبدد هذه الاجواء حتى 5 ايلول المقبل». وتوقع، «في حال عدم الوصول الى تفاهم سياسي في كثير من الامور أن نكون أمام أزمة مفتوحة على المستويات كلها»، معتبراً أن «الحوار ليس مضيعة للوقت».

من جهته، أشار النائب طلال ارسلان الى «ورش عمل بالاسماء لتنفيذ البنود التي اتفق عليها»، معتبراً أن «الخلل في النظام سببه عدم تطبيق الدستور».

ورأى الرئيس نجيب ميقاتي أن قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ «يجب أن يأتيا في رزمة واحدة لأنها المدخل الى قانون انتخاب عصري»، فيما شدد النائب أحمد كرامي على وجوب «أن تأتي الرئاسة في المركز الاول ولا شيء ينفذ قبلها»