IMLebanon

الڤيروس… ناقل الخلافات  

 


إنه معرض للعجائب والغرائب في الطبيعة كما في السياسة. ولو شئنا أن نسهب في الأمثلة وتعداد النماذج لغرقنا في مطوّلات غير ذات نهاية.

 

 


فقط نكتفي بتطورات  الساعات الأخيرة… وبالذات ما يتعلق بعمل السلطات…

– رئيس الجمهورية يتفقد مشاريع السدود في البلد الذي تهدر ثروته المائية الهائلة في البحار، بينما تجارة «سيترنات» المياه رائجة منذ شهر أيار وحتى اليوم وعلى نطاق واسع.

– رئيس مجلس النواب يدعو الى جلسة نيابية تشريعية فيحاول البعض تحويلها الى مناقشة عامة. وعندما تستأنف الجلسة في قسمها الثاني يكون النصاب قد فُقد… فالنواب النشامى ليس لديهم وقت لتضييعه في إنجاز القوانين… ألا تكفيهم ارهاقاً تلك السنوات الطويلة جداً من ولاية أساس، الى ثلاث ولايات تمديدية؟!.

– حكومة ما إجتمعت إلاّ على خلاف. وما «إتفقت» إلاّ على خلاف. وما قرّرت إلاّ بخلاف. خلافات على الصغيرة وعلى الكبيرة، على صفقات المشاريع وصفقات السياسة.

– وزراء يذهبون الى سوريا بصفة هي موضع خلاف: هم يرونها رسمية ورئيس الحكومة وآخرون من الوزراء يرونها «خاصة» و«شخصية». وأكبر علماء الدستور لا يستطيعون حلّ هذا اللغز: متى يكون «شخصياً»  الوزير الذي يجري محادثات مع نظيره في بلد آخر، ومتى يكون هذا الوزير «رسمياً» في المحادثات ذاتها؟ واستطراداً: هل الإتفاقات التي يوقعها الوزير، في المحادثات إياها، وتلزم الدولة سياسياً ومالياً وما الى ذلك (…) هل هي رسمية أو شخصية؟ آنفاً قلنا إن علماء القوانين والدساتير عاجزون عن حلّ هذا اللغز. ولكن ماذا لو أفتى هذا العالِم الكبير بأنّ الزيارة الوزارية هي شخصية؟ فهل يوافق القوم أو يجدون في مطالعته وفتواه سبباً آخر للخلاف؟ والعكس صحيح: ماذا لو أفتى ذاك العالم الكبير بأن زيارة الوزير الى دمشق هي رسمية؟ فهل يوافق القوم أو يجدون في مطالعته وفتواه سبباً آخر للخلاف؟ وفي التقدير أنه لو بُعِثَ أوجين بيار وعبد الرزاق السنهوري وادمون ربّاط (…) أحياء يرزقون لما استطاعوا أن يقنعوا القوم عندنا وأن يوصلوهم الى رأي واحد.

أوليس اننا بلد اللامألوف؟!

أليس أننا نصرّ على ألاّ يقتنع الفريق منّا بما يصدر عن الفريق الآخر ولو كان الفريق الأوّل مقتنعاً في قرارة نفسه؟!.

أليس أننا مصابون بڤيروس بغيض جداً يطيب لنا أن نسميه «الڤيروس ناقل الخلافات» وهو ذو عدوى سريعة ومباشرة أُصبنا به، من أسف شديد، خصوصاً في العقد الأخير بحيث صار الواحد منّا يأكل سلبيات ويتنفس سلبيات وينطق سلبيات.

***

سُئل الرئيس الفرنسي الكبير الراحل الجنرال شارل ديغول، في عز الحرب الباردة وصراعات الأمم: أنت مع اليمين أو مع اليسار؟!. فأجاب: عندما تكون فرنسا فأنت فوق!

لماذا نحن نصرّ على أن نبقى تحت؟!.