IMLebanon

لبنان كله في القاع

كانت القاع قرية أساسية في بلد التعايش.

أما أمس فقد كانت لبنان كله، في يوم المحنة.

لا أحد توقع أن تأتي الحرب، على لبنان، بعد نصف قرن، من حرب على بلدة صعدت من قاع المحنة الى نجاد المحبّة.

مجزرة قبل الظهر.

ومجزرة بعده.

مرة واحدة، ثم مرة ثانية، هذه ليست صدفة، بل مرتين متجاورتين، كما كان يقول شاعر لبنان سعيد عقل: مرة واحدة مليح، مَرّتيْن.

هل كانت صدفة، ان يتجمع نواب البقاع، من زحلة الى بعلبك، ليؤكدوا تلاحمهم ضد الارهاب!!

وهل تكرار المجزرة بعد خمسين عاما، إلاّ تثبيت لأمرين اثنين:

الأول ان العدوان على التعايش باقٍ، ولو بعد دهر من الزمن الرديء.

والثاني ان الانتصار على الإنكسار، أقوى من الاندحار!

***

استيقظ اللبنانيون على جلسة طارئة لمجلس الوزراء.

لكنهم وجدوا السلطة المنكوبة، المفجوعة، واحدة.

لا سلطتان ولا مجموعة سلطات.

مع انهم يدركون ان في البلد، مجموعة سلطات تلتئم في مجلس وزراء واحد، لحراسة الفساد وتشجيع الارهاب، ورعاية النفايات، من برج حمود الى كوستابرافا والى معظم المناطق.

شاهد اللبنانيون الحكومة مجتمعة.

وعرفوا ان الرئيس سمير مقبل، صعد من بيروت الى بلدة القاع.

وان وزير الداخلية نهاد المشنوق، ترك السراي لأهلها، وصعد الى أهله المنكوبين، ليكون في جوار الشهداء الخمسة، من شباب القاع.

وهذا منظر غير مألوف، لكنه ميسور، في وطن تحوّل الشعب فيه، الى البكاء على الشباب، أو الى الاشادة بهم، ولو على أطلال النشاز، في وطن منكوب بالكوارث الانسانية.

من يقف وراء عناصر التكفير والتخريب.

كثيرون يشيرون اليهم بالاسم.

لكن الجيش وقف بين الأهالي، ومعه قائده جان قهوجي والجنود، ومعهم أيضا البطل المغوار شامل روكز.

في لحظات قليلة، انحسرت التباينات، وظهرت النيّات الصلبة والحيّة، في وقفة الرجال. وهي نادرة حيناً وغزيرة أحياناً.

***

وحسناً، فعل مجلس الوزراء، عندما أصدر بياناً عبّر فيه عن مكنونات السادة الوزراء.

الناس، في لبنان تعبوا من العنعنات، وضاقوا ذرعاً بالخلافات.

في السابق كانوا يخافون من محاولات تقاسم الوطن بين الطوائف.

هذا موقف لطائفة اسلامية، وآخر للطائفة المسيحية، وهذا قانون انتخابي للطائفة الاسلامية السنية، وآخر للطائفة الاسلامية الشيعية، وثالث للموارنة، ورابع للأرثوذكس وخامس لطائفة الروم الملكيين.

أما بالأمس، فقد كانوا جميعاً للوطن. ولدرء الفتنة عن وطن يعتزّ بوحدته، ولا يحب أن يعود الى صراعات سقيمة بين الطوائف.

نكبة القاع أو المجزرة، جسّدت وحدة غائبة في غياهب الخلافات المذهبية.

كلمة لا بد منها:

اللبنانيون لا يحبّون الوحدة مجبولة بالدماء.

انهم يحبونها مجللة بالمحبة والوفاء.

هذا البلد يغبطه الحوار.

ويقتله الجفاء.

هل يتذكرون هذا الكلام، لمرة واحدة؟

أم ان الوحدة هي ارادتهم ومصيرهم، مهما اشتدت عليهم رياح المشاكل وأعباء النزاعات!!