IMLebanon

إنسحاب «حزب اللّه» من الجرود أسهل من إنسحابه من سوريا

لا يمكن فصل «معركة الجرود» عن الأزمة السورية كلها. فالمعارك الدائرة في هذه البقعة الحدودية بين لبنان وسوريا هي جزء من «البازل» الممتد من حدود سوريا مع تركيا الى حدودها في جرود عرسال مروراً بالحدود المشتركة مع كل من العراق والأردن.

وبالتالي فإن «الترتيبات» المتفق على بعضها، وسيتم الإتفاق على بعضها الآخر، بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا تفرض معادلة جديدة في التعامل مع الأزمة السورية قوامها إنهاء المعارضة السورية المسلّحة إما سلماً وإما عسكرياً، تمهيداً لمرحلة انتقالية تمتد حتى نهاية ولاية الرئيس السوري بشار الأسد، تكون متّسعة لإجراء تشاور دائم ينتهي بتقرير مصير سوريا كلياً: هل يكون باسترجاع وحدة سوريا أرضاً وشعباً، أو يكون بتقسيمها. أو باعتماد التقسيم المموه عبر الفيدرالية أو الكونفيدرالية.

وإلاّ كيف نفهم قرار البيت الأبيض وقف مدّ المعارضة السورية المسلحة بالإمدادات العسكرية والمالية؟.

وكيف نقرأ مسلسل «التسويات» (المحلية) التي تتم بين المسؤولين السوريين وفصائل في المعارضة المسلّحة التي تتوالى أخبارها في موازاة ما يدور في جرود عرسال من معارك ضارية.

ثم إنّه لولا هذا التوافق الروسي – الأميركي، ولولا غضّ الطرف الإقليمي في المنطقة لما كانت عملية حزب اللّه في الجرود مرّت، وتمرّ، حتى الآن في ما يبدو انها موافقة ضمنية على هذه العملية بعدما باتت التنظيمات المعارضة المتمركزة في جرود عرسال عبئاً على الجميع: إنها عبء على الداعمين أوّلاً بأول، وهي عبء على المعارضة السورية المشاركة في المفاوضات والتي لا تملك من عدّة في المواجهة إلاّ الجلوس الى طاولة (أو إحدى طاولات) المفاوضات. وهي أيضاً عبء على المدنيين، خصوصاً في بلدة عرسال وفي مخيّمات اللجوء السوري في تلك المنطقة الجردية… إذ إن عرسال دفعت نحو مئة شهيد، حتى الآن، جراء تمادي الإرهاب في فرض مزاجه وقانونه (… لا قانونه) على الناس المدنيين الطيبين الأبرياء… ومن يزوّد بالأخبار يفاجئك بممارسات الإرهابيين في حق المواطنين اللبنانيين والنازحين السوريين وهي ممارسات مرعبة (…)، إضافة الى تعطيل الحياة المنتجة إقتصادياً وإجتماعياً وإنمائياً في عرسال.

وعليه فإنّ قيام حزب اللّه بتنفيذ عملية بهذا الحجم لا يمكن إلاّ أن يكون «منسجماً» مع الحال الإقليمية والدولية التي أشرنا اليها آنفاً، بقدر ما هي حاجة ماسّة للحزب في هذه المرحلة الدقيقة التي تتألّب عليه قوى كبيرة، وبالذات مع تلويح الأميركي بفرض عقوبات استثنائية على الحزب، وقد تتخطاه الى قوى أخرى (…).

والسؤال المركزي المطروح الآن هو: ماذا بعد تحديد الإنتصار على «النصرة» ، وهذا بات شبه أكيد؟

فهل يكمل الحزب في إتجاه داعش؟!. وهذا إحتمال كبير؟

وإذا سارت الأمور مع «تنظيم الدولة» في مسار مواز لمسارها مع النصرة وحقق حزب اللّه انتصاراً عسكرياً مباشراً وكبيراً، فكيف سيتصرّف في الداخل؟ هل يتعامل مع النصر العسكري بالأسلوب ذاته الذي تعامل به بعد نصر 25 أيار 2000 عندما أهداه الى لبنان كله بلسان سماحة الأمين العام السيد حسن نصراللّه… فيسلم المواقع التي إنتزعها من الإرهابيين الى الجيش وينكفىء منسحباً من الجرود تمهيداً للإنسحاب من سوريا؟ علماً أن البعض يجزم بأن الإنسحاب من الجرود أسهل من الإنسحاب من سوريا حيث بلغت التزامات الحزب هناك مؤشرات مرتفعة جداً؟.. وهل الحزب هو جمعية «كاريتاس» أو «الحبل بلا دنس» أو «مار منصور» حتى يتوارى متراجعاً الى الداخل وكأن شيئاً لم يكن؟!.