IMLebanon

هذا هو المطلوب من إيران فعله إذا أرادت حقّاً فتح “صفحة ذهبيّة”

السؤال الذي تختلف الأجوبة عنه باختلاف الجهة والمصدر هو: هل تُغيّر إيران سلوكها بعد مباشرة تنفيذ الاتفاق النووي بحيث تُصبح المنطقة هادئة وآمنة ويُترجم الرئيس حسن روحاني قوله بأن الاتفاق “يفتح صفحة ذهبية ويحقّق النمو لإيران والأمن والاستقرار للمنطقة”؟

ثمّة من يقول إن إيران قد لا تغيّر سلوكها لأنّها تعمل بموجب استراتيجية وضعتها منذ قيام الثورة وهي تصدير هذه الثورة الى خارج حدودها ليصبح لها نفوذ سياسي ووجود عسكري في غير دولة عربية من خلال تسليح وتمويل مجموعات مذهبية استطاعت أن تخلق المشاكل والمتاعب داخل كل دولة، فلم تكن والوضع هذا من دول حسن الجوار، وقد ظهر ذلك في العراق واليمن وسوريا والسعودية ولبنان. وإذا كانت قد تخلّت بموجب الاتفاق عن السلاح النووي فلكيّ يكون لها في المقابل دور في المنطقة ونفوذ يفوق نفوذ أي دولة فيها. وقد بلغ التدخّل الإيراني السياسي والعسكري الى حد جعل السعودية ومعها دول أخرى تقطع علاقاتها الديبلوماسية معها أو تعلّقها لتصبح المنطقة على حافة حرب شيعيّة – سنيّة أو عربية – فارسية قد لا تنتهي إلا بتقسيم يُقيم دولاً مذهبية وعرقية، وهو ما تتمنّاه اسرائيل لتبرّر إعلان قيام “الدولة اليهودية”.

وثمّة من يقول إن إيران ما بعد الاتفاق النووي قد تكون غيرها ما بعده، إلاّ أن هذا ربما لا يظهر إلا بعد الانتخابات في إيران الشهر المقبل، وعلى نتائجها يتوقّف معرفة الكثير… فإما تفتح فعلاً صفحة ذهبية في المنطقة، كما قال الرئيس روحاني، وتكون للاتفاق ارتدادات سياسيّة وأمنيّة واقتصاديّة إيجابية على المنطقة ويكون فعلاً اتفاقاً تاريخيّاً ليس فيه غالب ومغلوب وتتحوّل الأموال المجمّدة بعد رفع العقوبات لتحسين مستوى معيشة الشعب الإيراني الذي يعاني العوز. أما إذا تحوّلت لتمويل وتسليح مجموعات مذهبية داخل دول في المنطقة، فإن الصفحة الذهبيّة التي بشّر الرئيس روحاني بفتحها قد تتحوّل صفحة دمويّة تقضي على كل آمال الانفراج.

الواقع ان إيران إذا كانت تريد فعلاً تغيير سلوكها حيال دول المنطقة، فما عليها إلاّ أن تفعل الآتي:

أولاً: وقف تدخّلها العسكري في اليمن ودعمها الحوثيّين بالمال والسلاح بغية إثارة قلق السعودية وغضبها على وضع في دولة تشكّل حديقتها الخلفية وخاصرتها الرخوة، بل أن تساعد إيران على التوصّل إلى تسوية تقيم حكماً توافقياً يحظى بقبول كل القوى السياسيّة الأساسيّة في اليمن.

ثانياً: وقف دعم فريق مذهبي بالمال والسلاح ضد فريق آخر في العراق توصلاً إلى اتفاق يحافظ على وحدة الأرض والشعب فيه، ولا يعرّضه لانقسام داخلي حاد لا خروج منه إلا بالتقسيم.

ثالثاً: سحب قواتها من سوريا توصلاً إلى اتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني قادرة على مكافحة ما تبقى من التنظيمات الارهابيّة، وإجراء انتخابات نيابيّة تقرّر نتائجها شكل الحكم والنظام في سوريا.

رابعاً: سحب مقاتلي “حزب الله” من سوريا كي يستطيع لبنان إعادة بناء الثقة والوحدة بين جميع مكوناته، واعتماد سياسة تحييد لبنان عن كل الصراعات لأن ليس سوى ذلك ما يضمن استقراره السياسي والأمني والاقتصادي. إلاّ أنه يبقى من حق إيران أن تتدخّل في شؤون دولة أخرى في المنطقة إذا تدخّل سواها ولكن بالطريقة ذاتها، أي سياسيّاً إذا كان سياسياً، واقتصادياً إذا كان اقتصادياً، وعسكرياً إذا كان عسكرياً، لا أن ترد على التدخّل السياسي بتدخّل عسكري لئلّا يقابله تدخّل مماثل فيقع المحظور.

إلى ذلك، يمكن القول إن ورقة الانفجار أو الانفراج في المنطقة هي في يد إيران، فما الذي ستقرّره خصوصاً بعد الانتخابات التي ستجرى فيها، هل توقف تصدير الثورة الى خارج حدودها بالتدخّل السياسي أو المالي أو العسكري، ولا سيما الى دول الجوار، فتقع الحرب الشيعيّة – السنيّة أو حرب العرب والفرس أو حرب الهلالين الشيعي والسني التي كان العاهل الأردني توقّعها قبل سنوات، فتكون إسرائيل عندئذ هي الدولة المطمئنة الى وضعها في المنطقة، وغير قلقة وخائفة كما يتصوّر البعض بعد مباشرة تنفيذ الاتفاق النووي لأنها تكون هي الرابحة من دون حروب بدءاً من نزع السلاح الكيميائي السوري وانتهاء بمنع إيران من انتاج السلاح النووي، وهي رابحة أيضاً من استمرار الحروب داخل أكثر من دولة عربية أو من حروب عربية – عربية تريحها ومن وجود تنظيمات مسلّحة ينتهي دورها وتنسى عدوّها اسرائيل بانشغال الجميع بمحاربة الارهاب عدو الجميع.

إن سلوك إيران حيال دول المنطقة هو الذي سوف يقرّر صورة الوضع فيها.