IMLebanon

هكذا «يبرّئ» نصرالله حزبه.. من «التعطيل»!

يبدو أن بازار تشويه الحقائق ورمي التهم على الآخرين من قبل مسؤولي «حزب الله» يأخذ في بعض الأوقات حالة من الصعود والهبوط وفقاً لمصالح الحزب وأهواء مسؤوليه. فبعد أشهر من الحملة المستمرة من قبل مسؤولي «حزب الله» ونوابه على تيار «المستقبل» واتهامه بما هم مبتلون به من تعطيل لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية، جاء كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله أمس والذي اتهم فيه تيار «المستقبل» بالعناد و«بمسؤوليته نتيجة هذا العناد عن عدم الوصول الى التسوية وانتخاب رئيس للجمهورية»، ليؤكد أن كلام مسؤولي الحزب لم يأت من عبث وأن ما يقولونه يعبر عن قناعة، ليس عند هؤلاء فحسب بل عند قيادة الحزب أيضاً، والتي تسعى جاهدة «لتغطية السموات بالقبوات» والتعمية على ما يقوم به الحزب من تعطيل مستمر للمؤسسات الدستورية وعلى رأسها سدة الرئاسة.

الحزب الذي لا يريد إيصال مرشحه الى سدة الرئاسة بحسب ما تنص عليه الأصول الدستورية لإنتخاب رئيس بل معتمداً سياسة التهديد والوعيد واستخدام شماعة «داعش» لتوجيه الرسائل للخصوم، وهو يريد تعيين الرئيس والإتفاق عليه قبل النزول الى المجلس وانتخابه وهذا أمر مخالف للقانون والدستور، خرج بالأمس أمينه العام ليرمي التهم جزافاً على تيار «المستقبل»، حيث اعتبر في كلمة له خلال اللقاء السنوي مع علماء وقراء المجالس العاشورائية أن « التسوية تحتاج إلى تخفيف العناد من قبل «تيار المستقبل»، مشيراً الى أن «هناك عناداً لدى تيار المستقبل في موضوع ترشيح العماد ميشال عون، وإذا قلل من هذا العناد يمكن الذهاب إلى تسوية تناسب الجميع، وهذا العناد هو الذي يعطل الرئاسة في لبنان ويمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية».

التسوية تقتضي أن يبادر كل فريق باتجاه الفريق الآخر الى منتصف الطريق، لكن يبدو أن نصرالله لا يريد التخلي عن «عناده» بإيصال مرشحه حتى لو تم خراب البلد، وتناسى كيف أن الرئيس سعد الحريري قدم المبادرة تلو الأخرى من أجل إنهاء هذا الفراع حتى وصل به الأمر الى ترشيح أقرب المقربين الى النظام السوري و«حزب الله» لا لشيء إنما من أجل مصلحة البلد والحفاظ عليه، في وقت يمعن فيه الحزب في ضرب البلد وخرابه كرمى لعيون إيران من خلال إستمرار مشاركته في الحرب السورية في قتل الشعب السوري الأعزل الى جانب حليفه بشار الأسد، غير آبه بتبعات هذه الحرب التي ادت الى دفع العديد من الشباب اللبناني وهم في عمر الورود، أرواحهم هناك. ويبدو أن ذاكرته قد خانته وتناسى أيضاً كيف أن من يعطل حصول هذه الإنتخابات هو عدم تأمين نصاب أكثر من أربع وأربعين جلسة من جلسات انتخاب الرئيس وعدم نزوله وحلفائه الى المجلس من أجل الإنتخاب.

الإمعان في ضرب الدولة ومؤسساتها عبر سياسة التعطيل التي يعتمدها نصرالله وحزبه في مقاربة الوضع الداخلي، تدل بدون أدنى شك الى أن «حزب الله» لا يريد انتخاب رئيس حتى مرشحه عون لا اليوم ولا غداً بانتظار ما سيؤول اليه الوضع في سوريا وهو سيسعى جاهداً الى تعطيل كل المبادرات التي يقوم بها الرئيس الحريري من أجل إنهاء هذا الوضع الخطير الذي لم يعد البلد قادراً على تحمله أكثر. وإن كان يريد نصرالله رئيساً فعلاً، لكان عمل على إقناع حلفائه بالنزول الى المجلس بدلاً من الشارع وتأمين نصاب الجلسة وإيصال مرشحهم الى سدة الرئاسة وإنهاء المعضلة التي يعيشها البلد منذ أكثر من سنتين.

عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت، اعتبر في حديث الى «المستقبل» أن «أمر السيد نصرالله غريب، فهو يعطل الإنتخابات ويرمي التهمة على غيره»، مشيراً الى أن «حزب الله يستهتر بالدولة ويريد منا أن نؤيد عون ويريد تعيين رئيس من دون انتخابه في المجلس».

وشدد على أن «نصرالله بكلامه هذا يقول بأنه المرشد للجمهورية اللبنانية وهو من يعين الرئيس ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ويضع قانون الإنتخاب وفقاً لأهوائه»، معتبراً أن «الناس باتت تعرف كيف أن تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري يسعيان جاهدين الى الخروج من المأزق الذي نعيش فيه والإنتهاء من الشغور الرئاسي الذي يمر به البلد، والرئيس الحريري ما زال يسعى للبحث عن مخارج وحلول، في وقت يسعى حزب الله من أجل فرض شروطه والهيمنة».

بدوره، وصف عضو الكتلة النائب محمد الحجار، كلام نصرالله بأنه «بعيد عن المنطق وبعيد كل البعد عن الحقيقة»، مشيراً الى أن «حزب الله يريد تنفيذ التوجيهات الإيرانية ويريد اعتقال رئاسة الجمهورية لبيعها على طاولة المفاوضات بحثاً عن النفوذ الإيراني في المنطقة وتعزيزه على حساب مصالح أهلها وناسها، ومن هنا يريد إلقاء التهم جزافاً باتجاه تيار المستقبل بأنه وراء التعطيل، وهو ينسى كيف أنه يعطل هذه الإنتخابات بعدم نزوله وحلفائه الى الجلسة وينسى أن المرشحين الاثنين هما من صلب فريقه، وإن كان يريد إيصال مرشحه فعليه اقناع حلفائه والنزول الى المجلس وتأمين نصاب الجلسة».

ولفت الى أن «الإنتخابات تقول بضرورة الذهاب الى المجلس وانتخاب رئيس دون ترهيب أو تهديد، وما يفعله حزب الله اليوم من خلال دفعه الى تعيين رئيس بدل انتخابه هو مخالف للقانون والدستور»، معتبراً أن «الكرة اليوم عند الطرف الآخر لأنه من يملك قدرة التعطيل ونية التعطيل، أما بالنسبة إلينا فنحن من نسهل كل شيء ونحضر الجلسات، وعلى الطرف الآخر أن يقوم بواجباته مثلنا لكنه يبدو أنه يريد الإبقاء على سياسته التعطيلية والإستمرار بتفتيت وخراب البلد».