IMLebanon

كثرة إنتاج وسوء توزيع  

خبر خير… فقد دبّت الحميّة في الأطراف السياسية التي تتجه الى التقدم بمشاريعها للإنتخابات النيابية. وأوّل الغيث أننا سنكون اليوم السبت على موعد مع الحزب التقدمي الإشتراكي(واللقاء الديموقراطي) للتقدم بمشروع جديد سيكون بالضرورة، مدار أخذ ورد، وموافقة واعتراض، من سائر الأطراف. وهذا أضعف الإيمان.

كتلة الوفاء للمقاومة (حزب اللّه) النيابية قالت، بدورها، إن لديها ستة مشاريع بعضها جاهز وبعضها الآخر قيد اللمسات الأخيرة.

وكتلة الرئيس نبيه بري هي أيضاً أعدّت العدّة للطلوع بمشاريعها الإنتخابية التي ستظهر الى العلن على الأرجح في الأسبوع المقبل أيضاً.

وفي أدراج مجلس النواب سلسلة مشاريع نكتفي بذكر البعض منها: مشروع الوزير المرحوم فؤاد بطرس، ومشروع الوزير السابق مروان شربل الذي تبنته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وأحالته رسمياً الى مجلس النواب، والمشروع الذي تبناه الطيف المسيحي والذي عُرف بتسمية «المشروع الأرثوذكسي» وقد أقرته اللجان المشتركة الخ…

وهذا الكوكتيل الغريب العجيب من المشاريع يشكل، في الظاهر، دليل عافية. ولكنه في الواقع يشكل ازدحاماً كبيراً على طريق التشريع أين منه ازدحام الطريق الساحلي ذهاباً وإياباً من انطلياس الى المعاملتين، ومنها الى نهر الموت.

ولكن لا بأس. فالمهم أن يدرك الجميع (وهم يدركون قطعاً) أنّ الوقت داهم، والمشاريع تتبدد كالذرات في الساعة الرملية حتى إذا حلّ الخامس عشر من شهر أيار المقبل من دون أن يقروا واحداً من تلك المشاريع، وقعنا في المحظور الكبير، ما يفتح باباً على أسوأ الإحتمالات.

وليست كثرة المشاريع سوى دليل على أن الصراع هو في رأس الجليد البارز منه على توفير مكاسب في أعداد النواب لمختلف الأطراف، وهو في عمقه صراع على الإستعداد لإنتخابات رئاسة الجمهورية التي يسعى كل طرف الى شدّ لحافها لمصلحته، وهذا أمر مفهوم ومشروع… ولكن ما ليس مفهوماً ومشروعاً هو أن يؤدي هذا الشدّ الى تمزيق اللحاف، ثم الى الفراغ الذي طمأننا رئيس الجمهورية، ورئيسا مجلسي النواب والوزراء الى أن البلد لن يقع فيه.

إلاّ أن الخشية ستظل قائمة، وسيبقى سيف الفراغ (والتمديد) مصلتاً فوق الرؤوس، حتى نسمع دوي مطرقة الرئيس نبيه بري من على منبر رئاسة مجلس النواب مشفوعاً بقوله: «صُدِّق». فيكون لنا قانون للإنتخاب.

واللاءات الثلاث التي رفعها رئيس الجمهورية في وجوه التمديد وقانون الستين والفراغ، والتي يتلاقى معها الجميع في الظاهر على الأقل، تظل في حاجة الى ترجمة فعلية، كما قلنا وكتبنا أمس في هذه الزاوية.

لذلك نخشى أن ينطبق علينا، إزاء كثرة المشاريع وندرة القوانين، ما قاله الأديب الإيرلندي الظريف جورج برنارد شو واصفاً ذاته، وهو صاحب الذقن الكثّة والرأس الأصلع: «كثرة إنتاج وسوء توزيع».