IMLebanon

«ثلاثية الحوار» تستنسخ «الدوحة الأولى» فهل تأتي الثانية بجديد؟

قبل أسبوع على ثلاثية جلسات الحوار التي عُدّت محاولة لإحياء «دوحة ثانية» ظهر واضحاً انّ «سلة» صاحب الدعوة اليها «إستنسخت» تفاهمات «الدوحة الأولى» التي انتهت الى مشروع حلّ أزمة تجددت بوجوهها المختلفة باستثناء الأمنية الداخلية منها منذ عامين. فالتجربة لم تعمّر سوى ولاية رئاسية واحدة فهل يمكن بناء أي رهان على احتمال إحيائها؟ وكيف؟

ساد الإعتقاد لفترة انّ المجتمعين حول طاولة الحوار الوطني في عين التينة منذ إحيائها في 8 ايلول 2015 شكّلوا في مرحلة من المراحل في غياب رئيس الجمهورية مجلس إدارة لتدبير شؤون البلاد والعباد.

يجتمعون عند كل استحقاق ويناقشون الملفات الخلافية ويوزّعون المهمات والأدوار تارة على الحكومة وأخرى على مجلس النواب وصولاً الى «لجنة وزارية» تدير ملفاً ما، عدا عمّا أحيل منها الى الحوار الثنائي بين تيار«المستقبل» و«حزب الله».

لم يخطىء أصحاب التوصيف هذا، فالحكومة الحالية التي تَسلّمت مرحلة إدارة شغور الموقع الرئاسي وكالة عن رئيس الجمهورية في بعض من صلاحياته غير اللصيقة بشخصه، والتي لا يمكن تجييرها لأحد سواه، أحالت كثيراً من الملفات الخلافية والمعقدة اليها وطلبت معونتها فكانت حاضرة في تكوين تفاهمات داخلية لإدارة الحكومة وطريقة ممارسة بعض صلاحيات الرئيس المنتقلة اليها تارة بالأكثرية او بالثلثين او بموافقة المكوّنات الأساسية فيها والرضوخ لاعتراض مكوّنين منها على الأقل.

الى أن وصلت الى تجيير دعمها للجنة وزارية وإدارية كانت تعالج ملف النفايات، عدا عن مقاربتها الناجحة للتعيينات والمناقلات العسكرية والأمنية التي ترددت في شأنها قبل البَتّ بها في هيئة الحوار.

ولم توفّر هيئة الحوار مهمات أخرى كلّفت بها أو آلت اليها. فهي التي بذلت جهداً كبيراً لتأمين عقد جلسات معدودة لمجلس النواب الذي فشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية مرة لتجديد تمديد ولاية المجلس وأخرى تحت شعار «تشريع الضرورة».

فيما تَولّت احياناً معالجة اوضاع امنية حرجة فأحالت تفاهماتها الى الحوار الثنائي بين «المستقبل» و»حزب الله» في كثير من المحطات الأمنية التي كانت تُنذر باندلاع الفتنة المذهبية، ولا يخفى دورها في تأمين الظروف لإجراء الإنتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة واستحقاقات أخرى محلية ووطنية.

وعليه، يبدو واضحاً عند البحث في إنجازاتها انّ الهيئة لم تفلح في اي مقاربة لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية على رغم تخصيص جلسات لها لفترة للبحث في مواصفاته، كذلك فشلت في مقاربة قانون الإنتخاب الجديد الذي رفع اليها من اللجان النيابية المشتركة بعد تردّد الحكومة في مناقشته على أمل الوصول الى قانون توافقي يُرضي اكبر عدد ممكن من أقطابها وهو ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى طرح «سَلّته الجديدة» التي ستكون حاضرة على طاولة الجلسات الماراتونية بأيامها الثلاثة المقررة بين و2 و4 آب المقبل.

ومن هنا تظهر المعادلة التي يبحث عنها البعض، فهل ستنجح الهيئة حيث فشل الآخرون؟

ليس من المتوقع ان تحقق الخلوات المقبلة أي إنجاز بارز من اليوم، وليس هناك أيّ مؤشر يدلّ الى العكس. طالما انّ المواقف من كل ما هو مطروح ما زالت على حالها بلا أي تعديل او احتمال حصوله، فما الذي سيتغيّر من اليوم والى حينه؟

فالهيئة بتكوينها السياسي والتمثيلي لمختلف القوى اللبنانية تبدو صورة مصغّرة عن المجلس النيابي والحكومة معاً. ولذلك يصحّ القول انّ فشلهما في الوصول الى اي مخرج في ايّ ملف خلافي مطروح على طاولة البحث سينسحب عليها تلقائياً من دون ايّ مفاجآت.

فالمعادلة نفسها حاضرة في تركيبة الهيئة ونصابها، وكان يمكن ان تكون مكتملة إذا انضمّ اليها مجدداً من يمثّل «القوات اللبنانية» اليها. ومع انّ الحدث مُستبعد، فثمّة من يقول ما الذي سيتغير؟ فحلفاؤها وحلفاء حلفائها هم على الطاولة وهو ما يخفّف من وطأة الغياب ويشكل بديلاً صادقاً يمثّلها بعفوية وصدق في ظل التحالفات التي تتحكم بالملفين الرئاسي والإنتخابي اللذين باتا يشكّلان لُبّ المشكلة.

ولذلك تتجه الأنظار الى تكريس معادلة جديدة ترسم خريطة الطريق الى الحل، وهو بات محصوراً باحتمال واحد، وتحديداً في أن يكون لدى برّي المزيد من «الأرانب» ليُلقي بواحد منها من كُمّه في مرحلة فقدت فيها المفاجآت بدليل الفشل الذي اصاب مشاريع مختلفة تبنّاها واعتقد انه بنى من اجلها تفاهمات سقطت واحدة تلو الأخرى.

ولعلّ تجربة التفاهم النفطي الأخير كانت وستبقى الى حين إثبات العكس، دليلاً يعكس الصعوبة في ابتداع المخارج في بعض الملفات المعقدة فكيف بالنسبة الى ملف في مستوى الإستحقاقين الرئاسي وقانون الإنتخاب؟

ليس بسبب العجز فحسب، إنما بسبب استفحال الخلافات على المحاور الإقليمية والدولية التي ارتهن لها بعض اللبنانيين فباتوا في انتظار المنّ والسلوى من العراق والترياق من سوريا في وقت غابت الأولى من منبعها في ساحة الكرادة في بغداد، وافتقدت الثانية من سوريا المشتعلة… فإلى متى الانتظار؟ وهل من مفاجآت؟!