IMLebanon

ترامب وايران:  موقف بلا استراتيجية

عام ٢٠١٥ أصدر دونالد ترامب كتابا تحت عنوان: عظيمة ثانية: كيف نعالج أميركا المقعدة. والمواقف التي وردت في الكتاب هي التي أدار بها ترامب معركته الرئاسية. بعد الفوز بقي يكرّر تلك المواقف والتزامها. وبعد تسلمه الرئاسة بدأ يراجع بعضها ويتراجع عن بعضها الآخر. بين المواقف التي تمسّك بها موقفه من ايران، بصرف النظر عن تسليمه بالاتفاق النووي الذي كان يعد بتمزيقه في يومه الأول في البيت الأبيض. وهو موقف معاكس لموقف الرئيس باراك أوباما.

ذلك ان أوباما أدار السياسة الأميركية في المنطقة بما يخدم رهانه على التوصل الى اتفاق نووي مع طهران، ثم على تفاهم معها على القضايا الاقليمية. وهو راهن في ما سمّي الربيع العربي على محور الاسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين يوازن محور الشيعية السياسية

بقيادة طهران. لا بل دعا بوضوح في حواره مع ذي أتلانتيك السعودية وايران الى سلام بارد وتقاسم النفوذ في المنطقة. لكن الرهان على الإخوان المسلمين فشل في مصر وسواها. ولم تقبل ايران التفاهم مع أميركا على ما يتجاز الملف النووي الى أية قضية اقليمية.

أما ترامب، فانه انطلق في الكتاب من رفض التمييز بين الراديكالية السنية والراديكالية الشيعية على أساس انهما متشابهتان لا مختلفتان، وإن ذهبت ايران الى محاربة داعش. فالتصور هو ان ايران تمثل ما يمكن ان يصير اليه داعش اذا حقق سيادة على الأرض ونال اعترافا ديبلوماسيا وبدأ عملية تجميع حلفاء ومناصرين في الشرق الأوسط والعالم. والهاجس لدى الادارة هو تحجيم النفوذ الاقليمي الايراني.

وهذا بعض ما يركّز عليه وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس الذي يجول في المنطقة، وهو يطلق الرصاص السياسي على طهران التي تجدها حيث هناك مشكلة في المنطقة. واذا كان وزير الخارجية ريكس تيلرسون يقول ان ايران هي أكبر دولة داعمة للارهاب، فان مدير المخابرات المركزية مايكل بومبيو يراها تقترب من تحقيق الهلال الشيعي الذي ليس في مصلحة الولايات المتحدة. ومن الطبيعي ان تردّ طهران بقوة، بحيث يطالب وزير الخارجية محمد جواد ظريف واشنطن بتطبيق التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ويكرّر وزير الدفاع اتهامها بأنها أكبر دولة ارهابية.

لكن الواقع ان ادارة ترامب لا تزال من دون استراتيجية ولا خطة سياسية تخدم مواقفها. والمخاطر كبيرة في أي عمل عسكري ضد ايران وبالمقابل، فان طهران، برغم الكلام الكبير على تهديد المصالح الأميركية، تبدو حريصة على الاطار السياسي للصراع مع أميركا. والسؤال هو: ماذا عن اللعب على الهوامش وفي الأطراف؟