IMLebanon

ترامب في الرياض: رحلة انقلابين

الرئيس دونالد ترامب يبدأ اليوم من الرياض رحلة يسجل فيها تكريس انقلابين: واحد ينقلب فيه على بعض الشعارات في حملته الانتخابية والقرارات والسياسات في أيامه الرئاسية الأولى. وآخر تنقلب فيه ادارته على سياسات الادارة السابقة في الشرق الأوسط. الأول هو الاستدارة من الاسلاموفوبيا ومنع مواطني سبعة بلدان اسلامية من دخول أميركا الى اللقاء والتحالف مع أكبر تجمع عربي واسلامي. والثاني تطبيق ما دعا اليه مدير مركز التاريخ العسكري والديبلوماسي في واشنطن مارك مويار، وهو عكس سياسة أوباما الانكفائية التي أخافت حلفاء أميركا من تركهم لمصيرهم واراحت أعداءها، بحيث يصار الى إراحة الأميركيين وحلفاء أميركا ودفع أعدائها الى الخوف.

والمثال العملي هو الانتقال من رهان أوباما على موجة الاسلام السياسي والتوازن بين ايران والعالم العربي ودعوة طهران والرياض الى سلام بارد وتقاسم النفوذ في المنطقة الى اضعاف النفوذ الايراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ودعم تحالف عربي واسلامي واسع. فضلا عن قيادة هذا التحالف لمحاربة داعش والقاعدة وكل التنظيمات الارهابية، مع ابقاء ايران المطلوب منها الانكفاء الى داخل حدودها في خانة الدول الراعية للارهاب. فوزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس يتحدث عن استراتيجية بعيدة المدى تضمن منع ايران من فرض الهيمنة على المنطقة، ثم الحفاظ على نفوذنا في العراق بعد تحرير الموصل من داعش لضمان عدم تحوّل العراق تابعا لايران.

لكن مشكلة ترامب انه يأتي من جبهة داخلية تهتز تحته الى جبهة خارجية مخروقة في أمكنة حسّاسة. وهو صانع أزمات وصاحب فضائح قادت وزارة العدل الى تعيين مدّع خاص للتحقيق فيها هو المدير السابق لمكتب التحقيق الفيديرالي روبرت مولر، ويأمل في ان يقوّي موقفه الخارجي وضعه الداخلي. والعالم العربي والاسلامي المضروب بأزمات وصراعات وحروب يأمل في أن يقوده الدعم الأميركي الى وضع قوي في مواجهة الارهاب والتحديات التي بينها الضغط على اسرائيل لتسوية الصراع العربي – الاسرائيلي، ودفع ايران الى التوقف عن تصدير الثورة وممارسة مصالح الدولة التي تمارس حسن الجوار.

وهذه مهام صعبة تتطلب وقتا وجهدا واستمرارية. ولا أحد يضمن ماذا يفعل أو يقول ترامب غدا. ولا شيء يوحي ان القوى الاقليمية والدولية تقترب من مرحلة التسويات في الصراع الجيوسياسي الدائر في المنطقة وعليها. لا الحلفاء الذين تريد أميركا تطمينهم ينامون على حرير الوعود. ولا الأعداء المطلوب تخويفهم يخافون بسهولة ويقفون مكتوفي الأيدي من دون مقاومة.

لكن اللعبة دخلت في فصل متبدّل، وان لم يتغيّر اللاعبون.