IMLebanon

تفاهم برّي – سلام أطاح بتعطيل مجلسي الوزراء والنواب فمتى دور رئاسة الجمهورية؟

مجلس النواب للتشريع بعد العيد والميثاقية مؤمّنة بمشاركة «القوات»

تفاهم برّي – سلام أطاح بتعطيل مجلسي الوزراء والنواب فمتى دور رئاسة الجمهورية؟

سفراء الدول المانحة أنذروا المسؤولين اللبنانيين في حال لم تقرّ القروض فستذهب إلى دول أخرى

بعد تعطيل مجلس الوزراء لأكثر من ثلاثة أسابيع نجح توافق الرئيسين نبيه برّي وتمام سلام في وضع حدّ لهذا التعطيل، وهذا يُشكّل إنجازاً، إذ المسار العام في البلد «الاستسلام» لقوى التعطيل وليس مواجهته.

صحيح أن لكل حالة ظروفها ومقوماتها، ولكن أن يتم تعطيل رئاسة الجمهورية لسنة وشهرين، وباب تعطيل الموقع الدستوري الأول ما زال مفتوحاً على مصراعيه..، كل هذا ألا يعني عند اللبنانيين أن يجعلهم يطلقون صرخة بوجه المعطّلين تقول «كفى.. طفح الكيل..».

ميشال عون يرفع شعار حقوق المسيحيين مدعوماً من حزب الله دعماً كاملاً، وقضية حقوق المكوّن المسيحي قضية مشروعة كحقوق المكوّنات الأخرى، وإذا أراد اللبنانيون الحفاظ على البلد وصيغته، يجب الحفاظ أولاً على حقوق أبنائه.. جميع أبنائه، وأبناؤه كي ينالوا حقوقهم لا يمكن أن يحصل في ظل نظام طائفي ومذهبي..، فالحقوق تتأمّن للجميع في ظل نظام «علماني» (العلمانية لا تعني التنكّر للدين، بل هي عدم إلباس مؤسسات الدولة ومواقعها الدستورية والإدارية ومنها الوظائف والمشاريع الانمائية وغيرها اللباس الطائفي والمذهبي..) يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات، وفيه تتم إتاحة الفرص أمام أصحاب الكفاءات، أي من يتولى المسؤوليات والأمانة هم أصحاب الكفاءة والخبرة من أي طائفة انتموا، وليس المحاسيب والأزلام والمقرّبين لهذا الزعيم أو ذاك..

وبما أننا اليوم في ظل نظام طائفي من حق ميشال عون أن يطالب بحقوق المسيحيين كما هو من حق غيره من القيادات المسيحية.

ولكن هل حقوق المسيحيين تتأمن فقط في مجيء ميشال عون رئيساً للجمهورية، وصهره وزيراً للخارجية وصهره الآخر قائداً للجيش؟

وهل بتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية لسنة وشهرين وهو الموقع الماروني الأول يتم تعزيز حقوق المسيحيين؟ أم يلحق أكبر الأضرار بحقوقهم؟

إن ميشال عون يتحمّل وزر بشاعة تعطيل المؤسسات وتعطيل الدولة، وهل هذا هو دور المسيحيين؟

وفي وسط منطقة كلها موضوعة على صفيح ساخن جداً يعيش لبنان في ظل استقرار «مقبول» قياساً عمّا يجري في البلاد المجاورة، هل حقوق المسيحيين واللبنانيين تتأمّن في الإطاحة بهذا الاستقرار «المقبول»؟ هذه أسئلة مطروحة في الشارع اللبناني..

جلسة مجلس الوزراء أول أمس كانت ناجحة بجميع المقاييس، وصحيح أن ذلك تحقق بتفاهم برّي – سلام، والبعض أراد أن يصوّره أنه «صفقة» بين الرئيسين، ولكن ما هو مؤكد أن هناك توجهاً ذهب بعدم الإستسلام «للتعطيل»، وهذا التوجه تأكد بإصرار الرئيس سلام وعدد كبير من الوزراء على عقد جلسة مجلس الوزراء، وكما قال الرئيس سلام عندما طرح قضية دعم التصدير الزراعي وهي قضية هامة جداً «سأطرح الموضوع من أجل أخذ القرار ومن أراد من الوزراء أن يعترض فليسجل اعتراضه..».

النجاح الذي تحقق في جلسة مجلس الوزراء أن كلمة «لا» هادئة وناعمة قيلت وأطاحت بالتعطيل وأهله، فمصالح البلد واللبنانيين هي القضية الوطنية بامتياز، وهذه القضية الوطنية العامة والشاملة يستفيد منها جميع أبناء المكونات الطائفية والسياسية.

القضية الوطنية تتحقق في عمل مجلسي الوزراء والنواب، وليس في تعطيلهما، وما حصل بين الرئيسين برّي وسلام ليس صفقة، بل هو توافق وتفاهم، فمجلس النواب إذا لم يشرّع في هذه المرحلة، فهناك أضرار كبيرة ستلحق بلبنان، فالعديد من السفراء أبلغوا المسؤولين اللبنانيين بأنه في حال لم يقرّ مجلس النواب والحكومة الموافقة على القروض المقررة للبنان فإن الدول المانحة ستضطر إلى تحويلها لدول أخرى كثيرة تنتظر…، كما أن تشريع الضرورة بات يضم عناوين كثيرة.. كلها ضرورية وملحّة وتأجيلها يلحق الضرر بجميع اللبنانيين، فعودة مجلس النواب للتشريع تعادل أهمية التقائه لانتخاب رئيس الجمهورية.

من جهة ثانية يبدو أن تعطيل مجلس النواب عن التشريع وحتى تعطيل مجلس الوزراء لم يعد يُشكّل حالة ضاغطة على عون وحلفائه من فريق تعطيل انتخاب الرئيس، والتساؤل أين هو الرأي العام الضاغط ؟

تُشير كافة المعطيات أن مرسوم دعوة مجلس النواب لدورة تشريع استثنائية سيوّقع عليه أكثر من 13 وزيراً، وأن الرئيس برّي سيدعو إلى جلسات تشريعية بعد الأعياد وسيتم خلالها بحث عناوين وقضايا كثيرة لمساعدة السلطة التنفيذية على القيام بدورها، وعُلم أيضاً أن «الميثاقية» ستتأمّن عبر مشاركة كتلة القوات اللبنانية في جلسات التشريع وأن الرئيس برّي سيضع على جدول أعمال المجلس إضافة إلى الموازنة والقروض بندي حق استعادة الجنسية وقانون الانتخابات.

إن إعادة تفعيل المؤسسات الدستورية، تُحاكي متطلبات المرحلة الاستثنائية والظروف الصعبة، وتستكمل الصورة في كلمة «لا» لمعطّلي انتخاب رئيس الجمهورية، ويبدو أن الإشارة الخضراء لم تصدر بعد من أجل قرار جريء يطيح بعوامل انتخاب الرئيس.