IMLebanon

السفارة الأميركية تجمع ممثلين للمسيحيين: إما فرنجيه وإما بديل … ولكن الفراغ ممنوع

في خطوة رمت الى الاطلاع من الافرقاء المسيحيين جميعا على رؤيتهم لدعم ترشيح النائب سليمان فرنجيه وكيف يمكن مقاربتها، علمت “النهار” ان السفارة الاميركية في عوكر تولت دعوة ممثلي هؤلاء الافرقاء، الى جانب مسيحيين من المستقلين، الى غداء لتبادل الاراء في الموضوع الرئاسي. ويبدو ان خلاصة ما انتهى اليها تبادل الآراء هي اعلان الجانب الاميركي ان على الافرقاء المجتمعين الذهاب حتما الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفق ما عبر القائم بالاعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز في لقاءاته مع الزعماء المسيحيين، اما بالذهاب الى انتخاب فرنجيه، وتاليا تأييد المبادرة التي تصب في هذا الاطار، وإما تقديم بديل من هذه المبادرة عبر الاتفاق على ترشيح شخصية مارونية أخرى لإنهاء الفراغ بأي ثمن، في حال كان للبعض ميل الى اتجاه مماثل. غرد نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان في اليوم التالي منتقدا “تدخل بعض الديبلوماسيين في الشأن الداخلي اللبناني، وهو أمر غير مرغوب فيه، والاجدر بهم الاحتفاظ بنصائحهم لانفسهم”، في ما فهم انه رد على نصائح القائم بالاعمال الاميركي في موقف معهود من “حزب الله” ازاء السفير الاميركي، وليس من “القوات اللبنانية”، خصوصا انه نقل عن عدوان قوله في اجتماع قوى 14 آذار قبل يومين ان مصير ترشيح فرنجيه مماثل لمصير ترشيح الشيخ مخايل ضاهر. وبغض النظر عما اذا كانت الظروف مماثلة وما اذا كانت تتيح ذلك في ظل اختلاف موقعي كل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع عن ظروف 1988، فإن هذا الموقف، شأنه شأن موقف عون، يظهر عدم قدرة على ” هضم ” ترشيح فرنجيه، على رغم مرور ثلاثة اسابيع حتى الان على الكشف عن الاجتماع بين الاخير والرئيس سعد الحريري، فيما العتب على اشده في المجالس المغلقة بين الحلفاء. وفي الموازاة، تفيد مصادر سياسية انه كان ينبغي توقع ان يبادر الرئيس سعد الحريري في اتجاه ملف الرئاسة لان جمهوره وجمهور 14 آذار لا تستقيم اموره خارج اطار الدولة، على عكس ما قد يكون عليه وضع “حزب الله” مثلا. حتى ان ثمة من يروي انه قرابة منتصف الليلة التي كان سيخرج فيها الرئيس اميل لحود من قصر بعبدا بعد التمديد له ثلاث سنوات ، لم يخف الرئيس سعد الحريري مخاوفه من الفراغ الذي سيعقب هذا الرحيل، نظرا الى الكلفة الباهظة التي يمكن ان تترتب على لبنان نتيجة لذلك. وهو ما حصل فعلا في ايار 2007 قبل تسوية الدوحة. وسعى الحريري الى ملء الفراغ بمساع جدية مع العماد عون لم تنجح نتيجة اداء شخصي لم يساعد في محطات كثيرة، كإطلاق الأخير نعت “الداعشية” على خصومه لعدم تعيين صهره قائدا للجيش، او اعتماده مواقف استفزازية، كما انه لم يستطع ان يحظى باكثرية داخلية داعمة لوصوله. وكان لتلاقي موقف جعجع مع موقف النائب وليد جنبلاط والرئيس بري وصقور من “تيار المستقبل” اليد الطولى في عدم دعم وصوله. وفي ظل استنفاد كل من عون وجعجع حظوظهما الرئاسية خلال سنة ونصف سنة من الشغور، لم يبرز ترشيح الرئيس امين الجميل الى الواجهة لكونه سبق ان شغل منصب الرئاسة، ولم يبق من بين الاربعة الاقوياء الذين تم التوافق عليهم دون سواهم في بكركي، سوى النائب فرنجيه، الذي على رغم تحفظات كثيرين عن توجهاته السياسية، لا يمكن اغفال المسافة التي اقامها بين مواقفه ومواقف حليفه العوني في شكل اساسي في محطات كثيرة استطاع فيها بذكاء استغلال الاخطاء التي يثيرها عون في وجه الاخرين، وصولا الى تعطيل الحكومة بعد تعطيل الانتخابات الرئاسية.

الكرة الان في ملعب القوى المسيحية التي حصرت الترشيح في ما بينها في اجتماع برعاية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. فاما ان تتوافق هذه القوى الاربع على مرشح، وإما أن تتفق ثلاث منها في حال رفض عون في ظل اصراره على استمرار ترشيحه، فتحرج الاخرين بأي شخصية ترشحها، علما أن هناك شخصيات مؤهلة لذلك، وإما تقرر ما سيكون عليه موقفها من ترشيح فرنجيه. لكن لا عودة الى الوراء بمعنى امكان تمييع الموضوع، لان ملف الرئاسة فتح ولن يقفل. وثمة ما يجب ان يتولاه “حزب الله” بنفسه باعتبار انه حين تحدث الامين العام للحزب عن تسوية شاملة اثار في الوقت نفسه موضوع التنازلات المؤلمة التي يجب تقديمها. ومع ان ثمة رأيا قد يبرز لجهة اي تنازلات سيقدمها الحزب اذا كان سيتم انتخاب فرنجيه، فإن مشكلة الحزب قد تكون مع عون، سواء عقدت جلسة انتخاب فرنجيه بمشاركة الحزب او لا، لان مجرد دعوة الرئيس نبيه بري ستعد تأمين غطاء من الحزب لذلك، وتاليا طعنة له. لكن لا صحة وفق ما تفيد به معلومات شخصيات سياسية عليمة لما يحكى ان ايران متلكئة او غير موافقة، بل ان مساعد وزير الخارجية الايراني حسين عبد الامير اللهيان كان ابلغ الرئيس تمام سلام موافقة ايران على التسوية. فهذه الاخيرة، وعلى غير ما تم تداوله حتى الان، انطلقت بمبادرة داخلية وجرت طبخة داخلية كليا، انما بغض نظر اقليمي، حتى اذا ما حصل توافق داخلي فإن القوى الاقليمية والدولية لن تمانع. وهذا هو واقع الحال بالنسبة الى ما اصبحت عليه الامور، بحيث ان ما افتقد اليه ترشيح عون، توافر لفرنجيه، اي التوافق الخارجي والاكثرية الداخلية.