IMLebanon

العقوبات الأميركية على إيران… إلى أين؟

ما إن أعلن البيت الأبيض التزام النظام الإيراني بالاتفاق النووي، وهو ما حاول تأكيده وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالقول إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت، وللمرة السابعة، التزام إيران بالاتفاق النووي، حتى أعلنت أميركا فرض عقوبات جديدة على النظام الإيراني، نتيجة استمراره في تجاربه الصاروخية ودعم الإرهاب.

نسير مع القارئ الكريم في هذا المقال لاستعراض مسيرة تلك العقوبات، منذ وصول الرئيس الأميركي ترمب للبيت الأبيض.

اتضحت ملامح موقف ترمب من النظام الإيراني منذ بداية حملته الانتخابية، والتي وصف فيها الاتفاق النووي بأنه أسوأ اتفاق مر على الولايات المتحدة، واعداً بتمزيقه في حال وصوله إلى البيت الأبيض.

وصل ترمب إلى البيت الأبيض فبدأ معه فصل جديد في رؤية الأمور من زاوية، وقبول زوايا أخرى قادمة من مؤسسات في المنظومة الأميركية. هذا الأمر لم يمنع ترمب من السير قدماً في موقفه تجاه النظام الإيراني.

على الجهة المقابلة، وفي ظل التوجسات من الإدارة الأميركية الجديدة من قبل الداخل الإيراني، وتأكيد الرئيس الإيراني على أن الاتفاق النووي ذو بُعد دولي ولا يقتصر على دولة واحدة، والمقصود هنا أميركا، يفاجئ الحرس الثوري المشهد بإطلاقه صاروخاً باليستياً تجريبياً، عندها تعلن الولايات المتحدة في 4 – 2 – 2017م فرض حزمة عقوبات اقتصادية جديدة على 25 شخصاً وشركة، بتهمة دعم برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وقد تمثلت هذه العقوبات باستهداف الشركات التي تورد معدات إلى البرنامج الصاروخي الإيراني، والجماعات التي تساعد في تسليح ما تعتبره واشنطن منظمات إرهابية في المنطقة.

وفي أثر هذه العقوبات الأميركية المفروضة، ناهيك عن موقفه بعد أن وضع ترمب الرعايا الإيرانيين ضمن مجموعة دول منع دخول مواطنيها للولايات المتحدة، لم يكن للنظام الإيراني أن يقف مكتوف الأيدي، فأعلن فرض عقوبات على شركات أميركية يتضح أنها لا تكاد تعدو عن كونها ردة فعل غير مؤثرة، وتتمثل تلك العقوبات في تعزيز القدرات الصاروخية، هذا الأمر جعل رئيس البرلمان الإيراني يعيد التأكيد على أن النظام الإيراني سيقف أمام هذه الإجراءات الأميركية وممارساتها ضد طهران.

لم تقتصر العقوبات على النظام الإيراني من قبل الولايات المتحدة فحسب، بل عاد الاتحاد الأوروبي، ورغم تصريحات منسقة الشؤون الخارجية حول رغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيز علاقاته مع إيران، ليقوم بتحديث قائمة الشركات والأفراد من إيران، والذين فرضت عليهم عقوبات في السابق. تصدر هذه القائمة رئيس السلطة القضائية الإيرانية صادق أملي لاريجاني، والمدعي العام والقاضي بمحاكم الثورة أبو القاسم صلواتي، وقائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، ومستشار المرشد العسكري فيروز آبادي إلى جانب ممثل خامنئي في الحرس علي سعيدي.

وها هو مسلسل العقوبات مستمر، ولا يزال النظام الإيراني سائراً في تجاربه الصاروخية وغير مبالٍ بالعقوبات المفروضة عليه في مجال حقوق الإنسان. ورغم تصريحات الرئيس الأميركي ترمب بالقيام بتمزيق الاتفاق النووي، فإن تعقيدات هذا الاتفاق وأبعاده الدولية لم تكن لتسمح لترمب بالقيام بذلك دون مراعاة لما تقدم، إضافة إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ملتزمة بتعهداتها، وهو ما أشار له وزير الخارجية الإيراني.

يتساءل القارئ: ما الذي يلوح في الأفق في ظل هذه السلسلة الطويلة من العقوبات؟ وهل ستطال الاتفاق النووي صراحة؟

الحقيقة أنه ورغم العقوبات الأميركية الجديدة، فإنه من غير المتوقع أن تواجه هذه الإجراءات بردود فعل إيرانية قوية، ولن تحول دون استمرار الحرس في تجاربه الصاروخية، للتأكيد على ضرورة عدم ربط البرنامج الصاروخي بالاتفاق النووي.

قد يستخدم البرلمان جوانب أخرى في مشروعه المضاد للإجراءات الأميركية، مثل تعزيز القدرات الصاروخية ودعم ميزانية الحرس الثوري، إلى جانب تقديم الدعم لتمويل الميليشيات في المنطقة.

يبقى الجانب الاقتصادي ورغبة الشركات الأميركية في الولوج للسوق الإيرانية، حالها في ذلك حال شركات غربية أخرى أو أميركية، مثل شركة «بوينغ» وبيعها لطائرات ركاب، إضافة إلى متغيرات المشهد الإقليمي، يلعب دوره بين رغبة ترمب وموقفه المتشدد حيال إيران، ينازعها في ذلك الواقع وزوايا الرؤية الأخرى، وبين بقاء تلك العقوبات في حيز يتعايش معه النظام الإيراني.