IMLebanon

تباين في توظيف المعركة ضد داعش

لا أحد يستطيع احراج الجيش اللبناني، وان جاءت محاولات الاحراج في قالب الدعم، وبدت ممنهجة ولجوجة. ولا شيء يحجب، ولو جزئيا، اداء الجيش واقتداره في معركة فجر الجرود مهما تكن لعبة الصور بارعة والأحاديث عن حاجته الى المساعدة متكررة والاشادة به تحمل طابع الوصاية. فالكل يعرف لماذا اضطر الجيش للقول بوضوح وصراحة انه يخوض المعركة ضد داعش من دون تنسيق مع أحد، بعدما كثرت الدعوات الى ضرورة التنسيق مع حزب الله والقوات السورية. والسؤال الذي كنّا في غنى عن طرحه في عزّ المعركة هو: هل كان التنسيق العسكري مطلوبا في العلن فقط للنجاح في محاربة داعش بأقل الأكلاف والخسائر أم ان محاربة داعش مطلوبة أيضا من أجل التنسيق السياسي بين بيروت ودمشق؟

التوقيت ليس قليل الدلالات. من معركة جرود عرسال التي خاضها حزب الله بالقتال ثم التفاوض مع جبهة النصرة الى معركة جرود القاع ورأس بعلبك التي يخوضها الجيش ضد داعش في الأراضي اللبنانية ويخوضها حزب الله والجيش السوري في القلمون الغربي السوري. المعركة الأولى انتهت بخروج مسلحي النصرة الارهابيين الى ادلب بحراسة حزب الله والقوات السورية. والمعركة الثانية تبدو محكومة بالشعار الذي رفعه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في معركة تلعفر ضد داعش وهو: الاستسلام أو القتل. إذ لا أحد يعرف ان كان أو كيف يمكن ترحيل مسلحي داعش الارهابيين الى الرقة أو دير الزور مثلا.

لكن معركة الجرود في عرسال والقاع ورأس بعلبك والقلمون هي مشهد جانبي في معركة أوسع. واذا كان العدو واحدا، فان الأهداف من محاربته موحدة بالنسبة الى التخلص من خطر الارهاب، ومتباينة أبعد من ذلك. فالقضاء على داعش في حسابات دمشق وطهران وحزب الله هو جزء من انتصار محور المقاومة على مشروع الغرب والمحور الاقليمي المتحالف معه. والقضاء على داعش في حسابات لبنان هو تحرير الأرض اللبنانية من الارهاب والارهابيين، ولا مجال لربط الأمر بالعداء للغرب. فالجيش يحارب بأسلحة من الغرب وبشكل خاص من أميركا. وما لعب دورا في تمكين الجيش من استهداف مراكز داعش هو أبراج المراقبة التي تبرّعت باقامتها بريطانيا على الحدود الشرقية. ونحن في حاجة الى الغرب. وليس من مصلحة لبنان الانحياز الى أي محور اقليمي وخصوصا حين يحتد صراع المحاور.

والجيش قادر على حماية لبنان من الأخطار الحقيقية عليه. والمهم هو توظيف الانتصار ضد الارهاب في السيادة اللبنانية، لا في صراع المحاور الاقليمية.