IMLebanon

صوت ماجدة الرومي يُعانق شجر الأرز… تحيّة لروح جبران

للسَنة الثانية على التوالي، انطلقت مهرجانات الأرز الدولية بليلةٍ ساحرة في جوار غابة «أرز الرب» في بشرّي. وكان لافتاً المحطة التكريمية للنابغة اللبناني العالمي جبران خليل جبران إبن مدينة بشرّي، بحيث استُهلّ الحفل بعرض 3D MAPPING للكاتب العالمي، تكريماً لما قدّمه مِن إرثٍ ثقافي وأدبي للعالم، من إخراج ميلاد طوق وتنفيذ شركة 3D MAPPING Factory.

بعد النشيد الوطني اللبناني، أطلّت النائب ستريدا جعجع بثوبٍ ذهبيّ أنيق مِن توقيع المصمّم اللبناني العالمي إيلي صعب.

ستريدا

وألقت كلمة الافتتاح، حيث قالت: «أخاطبكم من غابة أرز الربّ، ومن وحي ما خاطبَ به «نبي جبران» الجموع المحتشدة في مدينة «أورفليس»، لأقول لكم: لبنان وطن الحياة باقٍ، لبنان وطن الفرح باقٍ، لبنان وطن الفنّ والحضارة باقٍ ، لبنان وطن العيش المشترك باقٍ، لبنان وطن الأرز الضاربة جذوره في عمق التاريخ والجغرافيا باقٍ وسينتصر، وكلّ أبواب الفتن والحروب والمصاعب والتحدّيات لن تقوى عليه… يقول جبران خليل جبران: «لو لم يكن لبنان وطني، لاتّخذتُ لبنان وطني»، هي رسالة من نبي لبنان إلى العالم أجمع، أنّ من لديه لبنان لا يستبدله بكنوز الدنيا كلها.

وكم نحن بحاجة إلى أن نتمسّك بهذا الكلام، اليوم في آب 2016، في زمنٍ بات طموح الكثير من اللبنانيين أن يهاجروا إلى بلد آخر أو أن يحصلوا على جنسية ثانية.

وتابعَت: «هو جبران… طيفه يَحضر اليوم فوقنا في «مهرجانات الأرز الدولية»، وروحه تهيم فوق الأرض التي أحبَّها، وحمل إسمَها وفِكرها الى العالم أجمع. هو جبران خليل جبران الذي تمّت ترجمة كتابه «النبي» الى أكثر من 50 لغة حول العالم، لتتعرّف المسكونة إلى فكر لبنان، لتتعرّف كلّ الأديان والأجناس والأعراق والإثنيات والألوان إلى عظمة الفكر اللبناني. قيل قديماً: «لا يُكرَّم نبيٌّ في وطنه».

أمّا نحن فأرَدنا أن نَخرق هذا القول لنؤكّد أنّ جبران خليل جبران مكرَّم في وطنه وبين أهله. جبران المحبّة: التي «لا تعطي إلّا نفسها، ولا تأخذ إلّا من نفسها. المحبّة لا تملك شيئاً، ولا تريد أن يملكها أحد، لأنّ المحبة مكتفية بالمحبة».

وأضافت: «جبران الذي قال للأزواج: «قِفوا معاً ولكن لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً، لأنّ عمودَي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنموان الواحدة منهما في ظلّ رفيقتها». جبران الذي علّمنا عن الأبناء: أولادكم ليسوا أولاداً لكم. إنّهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم. ومع أنّهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم».

جبران الذي علّمنا: أنّ «صديقك هو كفاية حاجاتك. هو حقلك الذي تزرعه بالمحبة وتحصده بالشكر. هو مائدتك وموقدك». جبران الذي أعطى العمل بُعده الإنساني بقوله: «بالعمل تحقِقون جزءاً من حلم الأرض البعيد، جزءاً خُصّص لكم عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتُم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة «. هذا الجبران اللبناني – الإنساني

– العالمي، هو هدية لبنان الى العالم ، تماماً كما هو عطيّة من الله للبنان، وتحديداً لبشرّي وجبّة بشرّي وللأرز، وله منّا أن نبقى أوفياء لأحلامه، هو الذي أصرّ في وصيته على أن يعود الى وطنه وبلدته بشرّي ليلتحم مع ترابها. وهو الذي كما لم يبخل بفكره وإرثه على العالم أجمع، لم يبخل أيضاً بقسم من ثروته على أبناء بشرّي.»

وقالت جعجع: «من جبران أعتذر أمامكم، عن كلّ الإهمال والإجحاف اللذين طالا منطقتنا، وأؤكّد له وللبنانيين أنّنا كأبناء لجبة بشرّي سنتمسّك بإيمان جبران ومحبته لأرضه ووطنه، وسنصِرّ على ترسيخ شعبنا في أرضه ووطنه.

لذلك، نحن أبناء جبّة بشري والأرز، وبعد أن استعدنا العام الماضي «مهرجانات الأرز الدولية» بعد غياب نصف قرن، بتكريم الجيش اللبناني في الأوّل من آب، كم هو جميل هذه السنة أن تكون إنطلاقة مهرجاننا، بتكريم النابغة اللبناني والكاتب العالمي إبن مدينتي جبران خليل جبران.»

وأردفَت: «مع التأكيد وبكلّ فخر أننا سنحيي كلّ سنة هذه المهرجانات، من هنا، من غابة أرز الرب، لنعيد إحياء مجد لبنان وتراثه وفنّه وفكره. نحن اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، مؤتمنون على جزء من تراث البشرية، وحضارات الأديان التي ساهم خشبُ الأرز في بناء قصورها وهياكلها، من مصر القديمة والأراضي المقدّسة الى بلاد ما بين النهرين…»

وأشارت جعجع إلى «أنّنا أوّلاً، وقبل كلّ شيء، نحن مؤتمَنون على الحفاظ على لبنان وأرز لبنان، رمز عنفواننا ومجدنا وعلمنا. للسنة الثانية على التوالي، نعود لنؤكّد، أننا شعب يحبّ الحياة، ولا يعرف معنى اليأس أو الاستسلام. نعود لنؤكّد أننا مسؤولون تجاه لبنان أوّلاً ، وتجاه مواطنينا أن نرفع اسم وطننا عالياً في كلّ الميادين، ومنها ميادين الفن والثقافة والموسيقى والإبداع.

ونحن مسؤولون أن نستمرّ، ومسؤولون أيضاً، أن نستثمر في نشر مفاهيم الحرّية والفنون والفرح في لبنان الذي يعاني، وفي هذا الشرق المظلم والغارق في التطرّف والعنف والعبثية والإرهاب.

نعود في آب 2016 من الأرز، لنؤكّد أننا راسخون في أرضنا مع شعبنا، ولن تقوى علينا الصعوبات مهما اشتدّت العواصف من حولنا. فنحن مغروسون في هذه الأرض كما جذور الأرز ضاربة في الأعماق، ولا شيء يعلو فوقنا غير السماء وربّ السماء».

ولفَتت جعجع الى «أننا نعود في آب 2016 ونحن نؤمن أنّنا، كما صدّرنا الحرف والأرز إلى العالم، هكذا نحن، صدّرنا وسنصدّر فنّنا وثقافتنا وحضارتنا الى الكون، تماماً كما ملأ أدبُ جبران خليل جبران وفلسفته أصقاع الأرض قاطبة.

رُبّ سائلٍ لماذا اعتمدنا حتى اليوم على فنّانين لبنانيين مبدعين؟ وجوابنا واضح: قرّرنا أن تكون «مهرجانات الأرز الدولية» احتفالاً وطنياً بامتياز. قرّرنا أن نعطي الأولوية للفنّانين اللبنانيين الذين رفعوا اسمَ لبنان أينما حلّوا. فحقُهم هم أوّلاً أن يتربّعوا على عرش «مهرجانات الأرز الدولية « قبل غيرهم، كيف لا وفنّهم لامسَ العالمية».

وختمت جعجع بشكرِ «جميع الذين دعمونا ووقفوا إلى جانبنا، من مسؤولين ووزراء على كافة المستويات، وأخصّ منهم بالشكر: معالي وزير السياحة ميشال فرعون، معالي وزير الثقافة ريمون عريجي، ومعالي وزير البيئة محمد المشنوق.

كما أشكر أصحابَ الرعاية والمعلنين المؤمنين بـ»مهرجانات الأرز الدولية»، كما لا يسعني إلّا أن أوجّه تحية كبيرة من القلب الى راية الحرّية في لبنان، شاشة الـMTV التي تواكب هذا المهرجان. وأخيراً أحيّي وأشكر أبناء جبّة بشرّي – أهلي، أبناء لبنان، وأؤكّد لهم أننا على العهد باقون، وبإعلاء شأن لبنان مستمرّون .هذا أرزك يا لبنان، هذه مهرجاناتك يا أرز لبنان، فلتشعّ أنوارُها في سماء لبنان».

ماجدة الرومي

ثمّ انطلقت المهرجانات بعرض للألعاب النارية على أنغام أغنية «لبنان رَح يرجع» للفنّان جوزيف عطية، بعدها افتتحت أيقونة الصوت الأوبرالي الفنّانة ماجدة الرومي أولى سهرات مهرجانات الأرز بأغنية «الحرّية»، حيث كان في انتظارها حشد غفير من محبّيها ومعجبيها الذين تقاطروا ليستمعوا إلى مجموعة كبيرة من أجمل أغنياتها القديمة والجديدة، منها: عم بحلمك يا حلم يا لبنان – كلمات – بلادي – إعتزلت الغرام – ستّ الدنيا يا بيروت، عطر…، وترافَقت الأغنيات مع لوحات وعرض لصوَر من الطبيعة في خلفية المسرح على طريقة Motion Designer.

وتجدر الإشارة الى أنّ الإعلامي وسام بريدي قدّم السهرة التي كانت من توقيع المخرج باسم كريستو ونَقلتها قناة الـ mtv. كما تمّ عرض ثلاثة أفلام وثائقية: الأوّل نَقل انعكاسَ المهرجانات على الوضع السياحي والاقتصادي في قضاء بشرّي، والثاني كان عبارة عن الـ Making of للتحضيرات التي سبقت المهرجانات. والثالث فيلم ذكّرَ بلقطات ومشاهد من مهرجانات الأرز الدولية للسنة الماضية.

إضاءة فريدة

أمّا المميّز فكانت الإنارة الفريدة التي قدّمتها إدارة شركة طيران الشرق الأوسط الـMEA برئاسة محمد الحوت، والتي زيّنت غابة الأرز في الجهة المقابلة لمسرح المهرجانات، على أن يُصار لاحقاً الى استكمال إضاءة كلّ الغابة، بعد أن استُقدمت معدّات الإضاءة من إيطاليا.

والدراسة التي وضِعت من قبَل اختصاصيين ليس فيها أية أضرار تخالف النظام البيئي للغابة، وقد اختيرَت الإنارة من نوع LED ذات اللون الأبيض الدافئ، لأنّه لا يضرّ بصحة الإنسان ولا بالحياة البرّية.