IMLebanon

في انتظار الولادة الفعلية للعهد الجديد

تسود حالة من الاحباط وخيبة الأمل لدى غالبية من أوساط المجتمع وفئاته على تنوعها وتباين مستوياتها. وبدأ بترسخ اقتناع، وبخاصة في الوجدان الشعبي، بأن الاعوجاج في البنيان اللبناني يعود الى عطب في الأساسات، وهو غير قابل للاصلاح أو التغيير. وغالبية ممن تفاءلوا خيرا بولادة العهد الجديد، يجدون اليوم ان وقائع الحياة اليومية في لبنان لم تتغير، لا على المستوى الاجتماعي ولا على المستوى الرسمي. ويبدو الشارع اليوم في حالة ازدحام شديد بحشود المحتجين ورافعي الصوت للمطالبة بحقوقهم المهدورة، ورفع الظلم المترسخ والمتمادي والمستمر منذ أجيال أو اللاحق بهم على مدى عقود. والمزاج اللبناني العام في هذه الآونة يميل الى رؤية النصف الفارغ من الكوب، وليس النظر الى النصف الملآن!

***

اذا كانت مشاعر الناس بالخيبة مبررة، فانها بالمنظار الواقعي غير عادلة. ولعل السبب في ذلك يعود، الى ان شعورا خادعا خيّم على الذين تفاءلوا بالعهد الجديد، وتخيّلوا انه بمجرد وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية، وبما عرف عنه من نضاله الطويل في سبيل الاصلاح والتغيير. انه يمتلك العصا السحرية التي ستقلب الأوضاع رأسا على عقب، فتزول دولة الفساد وتقوم دولة الاصلاح بين عشيّة وضحاها!.. ولكن لبنان من فوق ليس كلبنان من تحت. ومع ذلك فان القليل الذي تحقق في فترة زمنية قصيرة من عمر العهد كان أساسيا، وتمهيديا لما سيأتي، ومنها في المقدمة إقرار القانون النسبي للانتخابات النيابية، وغير ذلك من قرارات.

***

أول من كان يدرك ان العصا السحرية لا وجود لها، هو الرئيس ميشال عون نفسه. وهو أول من قال في مستهل العهد، ان البداية الحقيقية للعهد ستكون بعد اعلان نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، وكأنه يستبصر حقيقة المرحلة الانتقالية منذ انتخاب الرئيس والى حين ولادة المجلس النيابي الجديد. والرئيس عون هو اليوم على رأس جمهورية تنتمي الى الماضي بكل ما فيه من تراكم وتفكك وفساد وهدر وتمزق ومخاطر. ولخائبي الأمل نقول ان من صبر ٧٤ سنة من الاستقلال لن يغصّ بشهور قليلة في انتظار الانتخابات المقبلة، والولادة الفعلية للعهد الجديد.