IMLebanon

غارة حرب..؟

قد تكون هذه أخطر غارة جوية من نوعها، منذ «انطلاق» الحملات الجوية الإسرائيلية في الداخل السوري.. ولا يفعل الإعلان الأسدي عن إسقاط طائرة مُغيرة «داخل الأرض المحتلة»! وإصابة واحدة أخرى! سوى إعادة إنعاش سيرة الطيّب الذكر أحمد سعيد وبياناته الإذاعية من «صوت القاهرة» في حروب العام 1967.. في حين تبقى الخطورة الاستثنائية صنو الحقيقة والواقع.

قد تكون شظايا الصاروخين اللذين أُطلقا باتجاه الطائرات الإسرائيلية، والتي سقطت في الأردن، هي من دفع الإسرائيليين الى الإعلان للمرة الأولى عن الغارة الجديدة، لكن ذلك لا ينفي حقيقة موازية وهي أنّه للمرة الأولى أيضاً يُطلق صاروخان اعتراضيان من الداخل السوري.

الإعلان عن إطلاق الصاروخين (وربما أكثر) جاء من قِبل السلطة الأسدية، لكن نظرة أخرى قد تقول شيئاً آخر! أي أن يكون «حزب الله» هو من تولى ذلك مباشرة وبمعيّة «المستشارين» الإيرانيين الكثر، ووضع الأسد، أمام أمر واقع، لا يريده لا هو ولا بطانته، ولا رُعاته الروس!

بشّار الأسد يعرف قبل كل الناس، أنّه يستطيع أن يفعل ما يشاء في سوريا، لكنّه لا يستطيع إطلاق رصاصة واحدة ضد إسرائيل! وأنّه في اللحظة التي يرتكب تلك «الخطيئة»، تدخل أيامه الأخيرة في سياق العدّ التنازلي! وأنّه حتى لو أراد، في أسوأ الاحتمالات، أن «يتصدى للعدوان الغاشم» على «السيادة» السوريّة، فهو لا يملك ما يمكّنه من ذلك! بل واقع الحال، هو أنّ نظام آل الأسد، حتى في ذروة الجهد التسليحي الذي قام به الأب تحت شعار «التوازن الاستراتيجي» لم يملك القدرة الدفاعيّة المطلوبة في وجه التفوّق الجوّي الإسرائيلي وخصوصاً في منظومة صواريخ أرض-جو!

الصواريخ السوفياتيّة من طراز «سام-6» خلخلت ركائز اليقينيات الإسرائيلية في حرب العام 1973 على جبهتي سيناء والجولان.. لكن لم يَطُلْ الزمن قبل أن يتبيّن في حرب اجتياح لبنان في العام 1982، أنّ إسرائيل والولايات المتحدة وجدتا «حلاً» تقنياً ناجحاً لتلك المعضلة، وجرى التأكد من ذلك، من خلال قصف البطاريات الصاروخية التي نُشرت في البقاع اللبناني آنذاك!

حافظ الأسد، على الأقل، كانت لديه شجاعة التصدّي للأخطار في الخارج قبل وصولها الى الداخل. وكان موصوفاً بالذكاء والدهاء والقدرة على العمل تحت الضغط، والمناورة عند حوافي المهاوي.. لكنّه ورّث إبنه نظاماً وبلداً ونسيَ أن يورّثه شيئاً من خصاله! والنتيجة أنّ الوارث لم يترك شيئاً من الغباء يعتب عليه حتى صارت سوريا ركاماً. ونظامها بقايا. وقرارها في أيدي الإيرانيين من جهة والروس من جهة ثانية!

ولذلك، صعب جداً تصديق خبرية أنّ بقايا السلطة هي التي تصدّت للطيران الإسرائيلي هذه المرّة. مثلما هو صعب استبعاد أدبيات أحمد سعيد عن الإعلان الخاص بإسقاط طائرة مُغيرة وإصابة أخرى! وهذا في كل حال، يعني، أو يؤشر، الى أن «حزب الله» والإيرانيين صاروا يتعاملون راهناً مع الغارات الإسرائيلية باعتبارها مقدّمة لما هو أكبر وليست آنية وظرفية مثلما كان الحال سابقاً. وأنهم صاروا متيقنين من صدور «قرار» بمواجهة دورهم في سوريا.. وأنهم في الإجمال، يحاولون رسم حدود تلك المواجهة وحصرها في الداخل السوري إذا كان ذلك ممكناً!؟

واضح في العلن والمنطق، أن «حزب الله» لا يريد مواجهة تشمل الجبهة اللبنانية. بل الأصح هو أنه لا يريد أي مواجهة (مع إسرائيل) أصلاً وفصلاً لا في لبنان ولا في سوريا، لكنه في موازاة ذلك، ومثلما هو مُعلن ومعروف (ومُبلّغ) سيرد على أي ضربة توّجه إليه، وعلى أي حرب تستهدفه.. وآخر همّ من همومه، هو موقف بشار الأسد، واحتمال دفعه ثمن «خطيئة» لم يرتكبها!