IMLebanon

تحذير أممي

ماذا ينتظر أرباب السلطة، من كل الاتجاهات وبكل مكوّناتهم، ومصالحهم وارتباطاتهم الإقليمية والخارجية حتى يتفقوا ويُنهوا الأزمة التي يمرّ بها بلدهم، بل ماذا ينتظرون حتى يرفعوا أيديهم عن هذه الأزمة بعدما حمّلهم مجلس الأمن الدولي بإجماع كل أعضائه المسؤولية الكاملة عن استمرار الأزمة الداخلية ودعاهم بكل وضوح وصراحة متناهية إلى التصرّف بمسؤولية للتدليل لمن يسمع، ولمن لا يريد أن يسمع على أنهم كلهم أو جلّهم ما زال يتصرّف بعدم مسؤولية، وكأن الوضع الداخلي بألف خير وكأنه لا وجود لأية أزمة تجتاح البلد برمّته، فيما هم يتلهون بمناكفاتهم وخلافاتهم المفتعلة وكأن البلد بألف خير، فلا أزمة سياسية تهدّد بفرط البلد وضياع كل شيء، ولا أزمة إقتصادية تهدّد بالإنهيار الشامل فيما لو لم يأتِ المنقذ في أسرع وقت، ولا أزمات إجتماعية على كل المستويات تهدّد بتفريغ هذا البلد من شبابه وحتى شاباته العاطلين عن العمل، والمشرّدين في الشوارع هرباً من الفاقة التي تطاردهم أو تحت تأثيرها.

مجلس الأمن الذي لا يهتم كثيراً بشؤون ومصير الدول الصغيرة رفع الصوت عالياً محذّراً من أن الشغور والشلل السياسي الناجم عنه يضعفان بشكل خطير قدرة لبنان، فهل لم يقتنع أرباب السياسة والسلطة بعد بأن الخطر على مصير هذا البلد مدلهم، وهو يقترب كل يوم يمر على بقاء الشغور في رئاسة الجمهورية، ثم أما آن الأوان لكي يعوا أن اللعبة التي يلعبونها سوف تنقلب عليهم شاؤوا أم أبوا لأن قدرة بلدهم تضعف يوماً بعد يوم عما وصفته بيان مجلس الأمن بتحديات استثنائية، وهي تحديات تعرفها جيداً تلك الطبقة السياسية التي ما زالت رغم كل هذه التحديات مصرّة على الركض وراء مصالحها الشخصية على حساب المصلحة الوطنية العامة التي تحافظ على الشعب اللبناني، وتمنع عنه كل المخاطر التي تنتج عن هذه التحديات.

صحيح أن مجلس الأمن الدولي الذي هو أكبر سلطة دولية ما زال حريصاً على وحدة لبنان وسيادته، وهو انطلق من هذا الحرص لتحذير الطبقة السياسية من مخاطر استمرارهم اللعب بالنار المشتعلة، على حساب المصالح الوطنية العليا، غير أن لهذا الحرص حدوداً بل ونهاية، وبعدها يفلت زمام الأمر من بين أيديهم، ويتخلّى المجتمع الدولي عن هذا البلد الفاشل بسبب ممارسات الطبقة السياسية، ولو نقص أعضاء الأمم المتحدة واحداً من أعضائه. والصحيح أيضاً هو أن المسؤولية كلها تقع على هذه الطبقة وتحديداً على أولئك الذين ما زالوا يمنعون مجلس النواب من انتخاب رئيس للبلاد يعمل بسرعة على إعادة انتظام المؤسسات الدستورية وتفعيلها، لوضع لبنان على السكة الصحيحة، وإنقاذ شعبه من الخطر الذي يقترب منهم ومن بلدهم كلما طال أمد الأزمة الرئاسية، فهل أن هذه الفئة تتحسّس هذا الخطر الداهم أم أن مصالحها الشخصية وارتباطاتها الخارجية بل ارتهاناتها الخارجية تجعلها لا تسأل عن مصير هذا البلد ولا عن مصائر شعبه المهدّدة.

لا شك بأن تحذيرات مجلس الأمن الدولي مبنية على دراسات وقراءات مشتركة بين الدول الأعضاء لتطورات الأزمة اللبنانية، ومخاطرها على مصير هذا الوطن الذي إسمه لبنان، وإلا لما كان مجلس الأمن بكامل أعضائه دق ناقوس الخطر وحذّر الطبقة السياسية من التحديات ما لم تبادر سريعاً وقبل فوات الأوان إلى تسوية للأزمة المؤسساتية.