IMLebanon

ماذا جرى في جرود فليطا؟

فيما حطت المصالحة بين جهات الائتلاف الحاكم في بعبدا حول طاولة الورشة الحكومية ببنودها الميثاقية والسياسية والاقتصادية والانمائية، بعدما نجحت في امتحان قانون الانتخاب، راسمة التساؤلات حول توافر القدرات على تحقيق الاهداف التي تضمنتها، كان ثمة تساؤلات من نوع آخر مصدرها الحدود اللبنانية ـ السورية عند السلسلة الشرقية مع استفادة جبهة فتح الشام من احدى الثغر وشنها هجوما باتجاه موقع متقدم لحزب الله في لحظة حساسة وسط الحديث عن اكتمال الاستعدادات لشن عملية عسكرية لتطهير الجرود من المجموعات الارهابية.

اللافت في العملية بحسب اوساط مراقبة توقيتها، في ظل الصراع الخليجي المتفاقم، ورهان البعض على ان عزل قطر سينعكس ايجابا على الجبهة الشرقية نتيجة ضغوط الدوحة على «جبهة فتح الشام»، خصوصا ان الامارة كانت نجحت في ترتيب اكثر من مصالحة بالتعاون مع ايران ما سمح بحقن الدماء والتخفيف من الاعباء القتالية الملقاة على عاتق حزب الله على اكثر من جبهة، خصوصا عند الحدود اللبنانية ـ السورية.

وفي هذا الاطار تكشف مصادر واسعة الاطلاع عن عرقلة او شبه فشل للاتصالات التي كانت قائمة لسحب عناصر الجبهة من جرود منطقة عرسال وكذلك اتمام عودة مجموعات من النازحين السوريين من مخيمات عرسال الى الداخل السوري، والتي كانت بدأت من اسبوع، متخوفة مما قد تحمله التطورات خلال الايام القادمة، داعية الى عدم الاستهانة بما حصل ليل الاربعاء-الخميس، معتبرة ان العملية تحمل ابعادا سياسية ابعد من العسكرية، خصوصا ان الموقع المستهدف هو مجرد نقطة مراقبة مدعمة متقدمة .

وعليه، ترى المصادر ان ما حصل سيسرع العملية العسكرية التي يعتزم حزب الله تنفيذها في جرود الحدود الشرقية، معيدا ترتيب اوليات عمليته العسكرية نتيجة الاوضاع المستجدة مع اتساع رقعة الاستهداف لتشمل النصرة سابقا، بعدما كانت الاتصالات قد نجحت سابقا بتحييد فتح الشام عن المعركة تمهيدا لسحبها، على ان تقتصر المعركة على تنظيم داعش، علما ان كل الاستعدادات العسكرية قد اكتملت لمعركة لن تكون سهلة كما يتصور البعض في منطقة ذات طبيعة جغرافية صعبة ومعقدة.

الاوساط التي رجحت ان تكون العملية استعراضية تستهدف البيئة الحاضنة للنصرة، من خلال تأكيدها على ان لا اتفاق مع حزب الله ولا استسلام، وانها رغم قرار الانسحاب بقيت تقاتل حتى اللحظة الاخيرة، دعت بعض الاطراف السياسية الى عدم «تسخيف» ما يحصل على الجبهة الشرقية، ردت على المشككين بانسحاب حزب الله من مواقعه وتسليمها للجيش بعد العملية التي جرت امس، مؤكدة ان الموقع المستهدف لا يقع داخل الاراضي اللبنانية انما على الجانب السوري من الحدود.

من جهتها اشارت مصادر وزارية متابعة الى ان الجانب اللبناني ابلغ المجتمع الدولي بوضوح ان الجيش اللبناني غير معني بأي عمليات عسكرية من خارج الخطط والاجندة التي يضعها، وان لا تعاون مباشر بين الحكومة اللبنانية والسورية حول الاوضاع على الجبهة الشرقية، مستدركة ان اخراج الدفعة الاولى من النازحين من مخيم عرسال نحو عسال الورد، انما تم بمبادرة واتصالات قادها حزب الله مع الجانب السوري، وان دور القوى العسكرية والامنية اقتصر على تأمين المواكبة الامنية الضرورية ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش اللبناني.

فما الذي حصل مع ساعات فجر الخميس الاولى؟ بحسب المتوافر من معلومات فان مجموعة من «جبهة فتح الشام» قامت بعملية جسّ نبض لمدى استعداد عناصر حزب الله المنتشرة في منطقة جرود فليطة، فقامت بمهاجمة احدى نقاط المراقبة والرصد مدعمة، المعروفة بـ«محسن 5»،  المتاخمة لمنطقة عرسال، لجهة القلمون الغربي، والتي تشكل جزءا من منظومة المراقبة المتقدمة للحزب في المنطقة، ناجحة في التقدم نحو الدشم الاساسية للموقع تحت وابل من القذائف الصاروخية والاسلحة الرشاشة المتوسطة، مستغلة احدى الثغر، لتشتبك مع حامية الموقع التي اضطرت الى التراجع، قبل ان تنجح في استعادة الموقع في هجوم مضاد، بعد تدخل المواقع المنتشرة في المنطقة وتقديمها الدعم المدفعي والرشاش المطلوب، مستخدمة كثافة نيران كبيرة ما ادى الى ايقاع العديد من الاصابات في صفوف المجموعة المهاجمة وتدمير احدى الآليات بصاروخ موجه، واستشهاد عنصرين من حزب الله احدهما آمر الموقع ع.د.د. من بلدة كفرصير وأ.ح.أ. من بلدة العديسة، وجرح اربعة عناصر، كما تمكن الحزب من غنم كمية من الذخائر والاسلحة واجهزة الاتصال اللاسلكي.