IMLebanon

ما الذي تغيَّر لتصبح العقوبات الأميركية في 2017 أشدّ خطورة من 2015؟

هناك أكثر من مؤشر ودليل، على ان القانون الأميركي الجديد الذي يجري الاعداد له، سيكون أشد خطورة على لبنان وعلى الوضعين المالي والاقتصادي من القانون السابق الذي صدر في العام 2015. والخطورة لا تتعلق بالاضافات التي سيتضمنها القانون، بقدر ما تتعلق بالطريقة التي سيتم فيها تطبيق مندرجاته.

في الايام القليلة الماضية، جرى نوع من الاستنفار الداخلي من أجل تسليط الضوء على خطورة ما يجري الاعداد له في واشنطن، حيث يحضّر الكونغرس لقانون جديد هو بمثابة استكمال للقانون السابق المعروف باسم Hizballah International Financing Prevention Act ( HIFPA) الذي صدر في العام 2015.

وقد لعبت المصارف دورا بارزا في التنبيه الى ضرورة التحرّك المبكر بعدما لاحظت ان السلطة السياسة تتعامل بنوع من الخفة مع الملف، ربما لأنها تستند الى تجربة 2015 والتي تجاوزها لبنان بأقل خسائر ممكنة، ولم تؤثر كثيرا على قطاعه المصرفي الذي يموّل الاقتصادين الخاص والعام.

لكن مكامن الخطر اليوم أشد تعقيداً من السابق، ليس لأن الاقتراحات في القانون الجديد توسّع نطاق العقوبات التي قد تطاول الافراد والمؤسسات الذين يتعاملون مع حزب الله فحسب، بل لأن اسلوب التنفيذ قد يكون مختلفا عن السابق، بما قد يؤدي الى مصيبة موجعة على كل المستويات.

في مقارنة سريعة بين الوضعين في 2015 و2017 يمكن تسجيل النقاط التالية:

اولا- في 2015، كانت الادارة الاميركية «مسالمة»، وكانت تبحث عن طريقة لمحاصرة حزب الله مالياً، من دون المساس بالمصالح اللبنانية.

ثانيا- كانت العلاقات الاميركية-الايرانية في طور التحسين من خلال توقيع الاتفاق النووي والذي اعتبر في حينه بمثابة خطوة اساسية في اعادة تطبيع العلاقات بين البلدين.

ثالثا – كان لبنان بلا رئيس للجمهورية، وكان يصعب التعاطي مع حكومة برئاسة شخصية محسوبة على المحور الآخر، وكان هناك حرص على عدم الاقدام على اي خطوة قد تؤدي الى نتائج عكسية، بحيث تتيح لحزب الله السيطرة اكثر على البلد.

رابعا – الادارة الاميركية برئاسة باراك أوباما كانت في مرحلة تصفية اعمال، وكان الاهتمام مركزا على تسجيل انجازات في السلام، تنسجم مع سياسة الانسحاب التكتيكي للجيوش الاميركية من بؤر التوتر في العالم، ولم تكن هناك رغبة في فتح مواجهات وأزمات ساخنة جديدة.

خامسا- شاركت أطراف لبنانية لفترة طويلة في متابعة القانون قبل صدوره بسنة واكثر، ونجحت في إدخال تعديلات مقبولة عليه قبل صدوره.

في مقابل هذه الحقائق، تبدو الصورة اليوم مختلفة تماما، بوجود ادارة أميركية ناقمة على السياسة السابقة التي اعتبرتها سياسة استسلام اكثر مما هي نهج سلام. وفي ظل موقف أميركي مستجد تمّ التعبير عنه بطرق مختلفة سياسية وميدانية، يتبين أن البيت الابيض لم يعد يعتبر ان التطبيع في العلاقات مع ايران ماضٍ على قدم وساق، وان مندرجات الاتفاق النووي ليست في مصلحة الاميركيين، وان التعاطي مع النفوذ الايراني الذي يتوسّع في المنطقة، ينبغي ان يكون وفق مبدأ التصدي وتقليم الأظافر. في المقابل، هناك حكومة اليوم متوازنة، وتوجهات رئيسها تختلف عن توجهات من سبقه، وهو مؤيد لمبدأ العبور الى الدولة، ولو انه عاجز عن تحقيق ذلك حتى الان.

بالاضافة طبعا، الى أن الادارة الاميركية الحالية لا تزال في بداية العهد، وهي جاهزة للاقدام على فتح ملفات ساخنة، وتسجيل نقاط تعتبرها في مصلحتها.

والى كل ذلك، هناك غياب لبناني هذه المرة عن متابعة القانون، واذا صدقت المعلومات بأن القانون قد يصدر في ايار، فهذا يعني انه لم يعد هناك الكثير لانجازه على مستوى التفاوض مع الاميركيين لتلطيف النصوص.

في عودة الى القانون المتوقع، وخلافا لكل الاجتهادات القائمة حاليا، والتي تركّز على التعديلات التي سيحملها، فان الخطر ليس في الاضافات بقدر ما يكمن في النية في التنفيذ الصارم، على عكس المرة السابقة، وفي اسلوب تعاطي الادارة الاميركية الحالية مع الرسائل التي قد يوجهها حزب الله ردا على القانون، والتي قد تختلف كلياً عن رد فعل الجانب الأميركي في العام 2016.