IMLebanon

ماذا يدور حقيقة على الساحة التركية؟

ما الذي يدور حقيقةً، على الساحة التركية؟

هل كان الانقلاب العسكري الأخير، هو الانقلاب الأول الذي عرفته تركيا في عهد الرئيس أردوغان؟ أم سبقته جملة من التدابير شبه الانقلابية على صعيد الداخل والخارج؟

هل كانت التغييرات التي استجدت قبل أشهر على مواقع القيادة هي طلائع تلك الانقلابات الداخلية المصغّرة التي دسّت أنفها بتمهل وتؤدة، ثم أحدثت تغييرات ملموسة على مستوى أكثر من موقع قيادي، وفي الطليعة رئاسة الوزراء؟

هل كان إسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي التركية أمراً مدبراً من قِبَل المجموعات العسكرية التي أطلقت الانقلاب، مما دفع الى كل تلك التطورات الدراماتيكية التي أسهمت في قلب الأوضاع؟ وهل تكويعة أردوغان بالاتجاه الروسي، والمصالحة مع مقدماتها الاعتذارية، كانت الجزء الأول، الظاهر والمعلن في الحركة الإنقلابية الأردوغانية أعقبها ذلك التوجه المفاجئ باتجاه اسرائيل، بما أعاد العلاقات الدبلوماسية والسياسية والأمنية والاقتصادية معها إلى سابق ما كانت عليه من أوضاع مستقرّة ومستتبة ومتعاونة مع الحكم التركي؟

هل كان الانقلاب العسكري التركي جزءا لا يتجزأ من مجموعة الأحداث المتتابعة التي استهدفت حكم الرئيس أردوغان، بدفع أساسي من الولايات المتحدة وملحقاتها المستقرّة في بنسلفانيا، وباستهداف أميركي منزعج من عودة الأوضاع إلى طبيعتها ما بين روسيا وتركيا، وما استلحق ذلك من تطورات على الساحة السورية تناولت اللعب بالورقة الكردية العابا خطرة ومتناقضة ومهددة لأوضاع الشعوب ومصائرها وبأرواح السوريين وبوحدة الأرض السورية؟

هل يشكّل تصريح رئيس مجلس الوزراء التركي الأخير الذي لحس مواقف تركيا السابقة واستدار على مواقفه مائة وثمانين درجة، حيث صرّح الرئيس يلديريم «بأنه يمكن أن يكون للرئيس الأسد دور في المرحلة المقبلة لأنه شئنا أم أبينا فإنه أحد اللاعبين هناك»، بينما كان الموقف التركي السابق قائما ومتمركزا على رفض أي دور للأسد سواء في المرحلة الانتقالية أم في المراحل الأبعد المتعلقة بمستقبل الدولة السورية، وهل حرب النظام ضد الأكراد في «الحسكة» هي الثمن المطلوب من الأسد لإبقائه على سدّة الحكم؟

هل التحالف الروسي – الإيراني – الأميركي، بات يشكل جزءا لا يتجزأ من المخططات التركية، أم أنه مجرد مرحلة تكتيكية متداخلة مع متطلبات الحرب السورية بكل أوجهها واتجاهاتها، وهل أن الترتيبات الأمنية القائمة ما بين الولايات المتحدة والأكراد من جهة والنظام السوري من جهة أخرى، وكذلك الحرب القائمة بين الجيش السوري الحر وبعض الفصائل الداعشية، يشكل جزءاً لا يتجزأ من ذلك الاختلاط الغريب العجيب ما بين الوقائع والمصالح الإقليمية والدولية؟ والممتزجة في مطلق الأحوال بدماء السوريين، وما هي الأسباب الحقيقية التي جعلت من العلاقات الأوروبية – التركية حمماً مستعرة يهدد كل من فريقيها الفريق الآخر بشتى أنواع المجابهات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية فضلا عن تلك المتعلقة بالتهديد بإعادة تركيا إلى توجيه أفواج المهاجرين السوريين نحو البلدان المختلفة مضاعفة بذلك المخاطر التي باتت تلك البلدان تستخلصها من تلك المستجدات المهددة لاستقرارها السياسي والاجتماعي والأمني؟

أسئلة تتقاذفها في هذه الأيام العصيبة، جملةٌ من الأحداث والتطورات والتداخلات المصلحية المتعلقة بالدول العظمى والكبرى وأحيانا المتوسطة والصغيرة، وجميعها تصب في شكل خاص، في منطقتنا العربية، وأغلبيتها جاءت بتحريك وتخطيط من جملة من المواقع المخابراتية في العالم، مع تواطؤ واضح وخبيث مع إدارة أوباما سيئة الإدارة والسمعة، والتي ازدادت مؤخرا نسبة رفض سياستها الخارجية من قبل الشعب الأميركي حيث باتت 43% بدل نسبة سابقة كانت تناهز الـ50%.

نشير هذه التساؤلات، ونحن ندرك سلفا أن ما يسيّر الدول في سياساتها الخارجية خصوصا، هو مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية، وندرك بشكل خاص أن المخاطر الكردية بالنسبة للدولة التركية هي قضية جوهرية يرتبط بها الكيان التركي نفسه، مهددة إياه بأفدح الأخطار، كما ندرك بشكل خاص حقيقة وأهمية الروابط الاقتصادية التي تربط روسيا بتركيا، بما فيه تلك المطامع الاقتصادية الروسية بالنفط والغاز السوري المتوقع وجوده في الأرض وفي الشواطئ السورية، والذي تقدّره دراسات دولية أخيرة بنسبة 2.5% من احتياط العالم من النفط و0.1% من احتياط العالم من الغاز، الأمر الذي دفع بالدب الروسي إلى كل هذا الاستقتال بالسعي للاستقرار في سوريا وشفط الحصص الاقتصادية الرئيسية الناتجة عن هذه الثروة المتوقعة، مشفوعة بالمطامح والمطامع الاستراتيجية.

وماذا بعد؟ هل استقرّت تركيا على هذا الموقع المستجد والمترجرج ما بين مصالح «ومخاطر» تربطها بأكثر من جهة وأكثر من موقع ولأكثر من سبب؟ هي الأيام والتطورات العملانية على ارض الواقع ينتظرها الجميع، لعل توقعاتها المخيفة تستثني بلادنا ولو جزئيا من هذه الحروب العالمية الحديثة.