IMLebanon

عندما تكون الميثاقيّة إله من تمرّ !

لو أن التيار الوطني الحر، قاطع مجلس الوزراء وحيداً، وتجاوز باقي الوزراء، على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، هذه المقاطعة ولم يلتزموا بها، كان يمكن القول ان هناك رغبة عند اكثرية الوزراء، بعدم التهيّب والاكتراث لموقف التيار الوطني، دون ان يعتبر موقفهم هذا انتهاكاً للميثاقية التي قال بها الدستور اللبناني. ولكن مع مقاطعة حزب التيار الوطني، واستقالة حزب الكتائب، وعدم مشاركة حزب القوات اللبنانية في الحكومة، وانسحاب الوزير ميشال فرعون من الجلسة، وتضامن حزب الطاشناق مع التيار الوطني الحر، يصبح عندئذ انعقاد جلسة مجلس الوزراء امس، وموقف رئيس الحكومة، وجلافة تصريحات بعض الوزراء، طعنة قاسية في صدر الميثاقية والمواطنة والعيش المشترك، تتجاوز التيار الوطني الحر الى جميع المسيحيين، الذين قاطعوا منهم والذين فضّلوا الكراسي على أي شيء آخر.

من لا يريد ميشال عون رئيساً للجمهورية، هو حرّ ومن حقّه، ولكن من يطيح حقوق المسيحيين ويتجاهلها، ومن يجعل من الميثاقية وجهة نظر، وإله من تمر، يعبده اذا حقق مصالحه، ويأكله عندما لا تتحقق هذه المصالح، ويختبئ وراء قناع الصراع مع عون، لينقضّ على المسيحيين، فهذا منتهى الوقاحة وازدواجية المعايير.

سبق لتمام سلام، وغيّب مجلس الوزراء لأمور وقضايا، اقل اهمية بكثير من احترام مكوّن اساس في هذا الوطن، الذي ليته لم يبصر النور، ولكن عندما تعلّق الامر بكرامة طائفة «تطاحش» منذ 24 سنة لاستعادة بعض من حقوقها، شرب سلام حليب السباع واصرّ على عقد الجلسة.

ميشال عون ليس كل المسيحيين، وكذلك سمير جعجع وسامي الجميّل، وأغوب بقرادونيان، ولكنهم اكثرية طابشة بالعدد والنوعية، ولا يجوز، ولا يمكن، ولا احد باستطاعته ان يتجاوزهم، خصوصاً مَن هم في هذه الحكومة التي ربحت الميدالية الذهبية بالفساد في اولمبياد الريو.

* * * * *

ان جريمة انتخابات العام 1992، ممنوع ان تتكرر ولو وضعت اقنعة مختلفة، والمحاولات الدائمة لدق اسفين الخلاف في الجسم المسيحي، وآخرها كان في عقد جلسة الامس، لن يكتب لها النجاح، لأن القرار المسيحي في نهاية الأمر معروف بيد مَن، واذا كانت الظروف الصعبة تحيط بالمسيحيين العرب في هذه الايام، فهذا لا يعني عدم صوابية المثل الذي يقول «الزمن دولاب» وبهذه المناسبة لا بدّ من توجيه سؤال للحكومة، وخصوصاً لوزير الاعلام عن اسباب عدم بث وقائع الاحتفال بمرور 34 عاماً على انتخاب الشهيد الشيخ بشير الجميّل رئيساً للجمهورية، خصوصاً انها المحطة الرسمية التابعة للدولة؟؟

* * * *

انا في المبدأ آخر صحافي يمكن ان يدافع عن العماد ميشال عون، ولكنني من منطلق وطني، لا طائفي في طليعة المدافعين عن الحقوق المسيحية، لأن لا عروبة من دون مسيحيين، وخصوصاً مسيحيّو لبنان، وفي المبدأ ايضاً ليس كل العالم على صواب وعون على خطأ، والعكس صحيح ايضاً، لذلك اذا اراد اللبنانيون بجميع طوائفهم ان يستمرّ لبنان وطناً لجميع ابنائه بالعدل والكرامة، على الشريك المسلم ان يتصرّف بوعي اكثر، بإدراك اكثر لقيمة المشاركة ليشعر المسيحي بعد سنوات طويلة من التهميش والقهر والابعاد، ان الماضي قد مضى، لا أن تاريخ الوصاية السورية يعيد نفسه.

في النهاية، ما زلت اتساءل ولا اجد تفسيراً: لماذا خذل حزب الله مرة اخرى حليفه ميشال عون؟؟