IMLebanon

عندما كانت الدولة… !  

فتَّحت هذه الزاوية، في مقال أمس، جروحاً، ولقي كلامُنا بعنوان «من دولة المؤسسات الى المزرعة» ردوداً كثيرة جداً، وغمرت «نوستالجيا» الزمن الجميل نفوس مَن عايشوا ذاك الزمن أو بعضاً منه.

وإنهالت عليّ الإتصالات وبعضهم يروي حكايات ويستنكر قصصاً وروايات تؤكّد على أهمية حقيقة ثابتة وهي: لقد كان في لبنان دولة… وفعلية.

وكان صديق محب لـ«الشرق» قد زوّدني بنسخة عن بيان صادر عن وزارة العدل في 23 تموز 1968، في عهد المرحوم شارل حلو، إثر بوادر أزمة بين الحكومة الإيرانية والحكومة اللبنانية على  خلفية إصرار شاه إيران وآخر أباطرتها محمد رضا بهلوي على تسليمه الجنرال الإيراني تيمور بختيار الذي كان قد أُلقي القبض عليه في بيروت كما سيرد في بيان الوزارة. وفي تلك الحقبة كان شاه إيران أحد أهم حكّام المنطقة وكان يُلقّب بـ«شرطي الخليج» باسطاً سطوة عالية في الداخل وهيبة موصوفة في الخارج. ولم يُسلِّم لبنان الجنرال المطلوب إلاّ بعد تسليم والتزام طهران بشروط هذا الوطن الصغير…

وهنا نصّ البيان الذي يدفعنا الى السؤال المزمن: أين كنّا وأين صرنا؟ (علماً أن وزير العدل كان في ذلك الحين المرحوم رشيد بيضون والبيان إتخذ في حكومة الرئيس المرحوم عبدالله اليافي في مجلس الوزراء برئاسة الرئيس المرحوم شارل حلو).

بيان صادر عن وزارة العدل (23-7-1968).

إيضاحاً للواقع، يعلن وزير العدل أن السلطات المختصة في مطار بيروت الدولي قد ألقت القبض على الجنرال الإيراني تيمور بختيار بجرم نقل أسلحة بعضها حربي وغير مرخص، وذلك أثناء مروره بطريق الترانزيت متوجهاً الى وطنه إيران.

وقد طلبت الحكومة الإيرانية، أثناء محاكمته لدى المحاكم العسكرية اللبنانية بالجرم العادي الذي ارتكبه، تسليمها إياه لمحاكمته بجرائم عادية كان قد ارتكبها في إيران.

وقد سلكت معاملة الإسترداد الطريق التي ينص عليها القانون اللبناني، فكانت موضوع درس من مدعي عام التمييز إقترن بتقرير أوصى فيه السلطة التنفيذية باستجابة طلب الإسترداد في ما يتعلق بجناية ضرب وجرح أحمد علي زاد فيزوارى وافقاده حاسة السمع، فتبنت الحكومة وجهة نظر مدعي عام التمييز وعلقت الإسترداد على موافقة الحكومة الإيرانية على التسليم بشروط مدعي عام التمييز وهي:

1- أن تتعهد السلطات الإيرانية، تأييداً لما ورد في كتابها المؤرخ في  6-6-1968 لوزارة الخارجية اللبنانية بأن لا تلاحق السيد بختيار إلا بالجريمة المذكورة.

2- أن تجري محاكمته أمام المحاكم العادية الصالحة.

3- أن يؤمن له حق الدفاع وسائر الحقوق المتعلقة به.

4- أن يحصل ذلك بموجب كتاب صريح من السلطات الإيرانية المختصة ليكون أساس مرسوم التسليم، وذلك تنفيذاً للعادات المتبعة دولياً في مثل هذا الموضوع ولتعهد السلطات الإيرانية المنسجم معها.

5- ان تطلع السلطات الإيرانية الحكومة اللبنانية على مراحل المحاكمة وعلى نتيجتها.

«هذا وتجدر الإشارة الى أن الجنرال بختيار عند إلقاء القبض عليه في لبنان، إنما كان قاصداً إيران وان مروره في لبنان كان بطريق الترانزيت ولم يكن مقيماً فيه، كما أنه لم يطلب حق اللجوء السياسي في لبنان».

وعنا لأمر فخامة الرئيس عون ودولة الرئيس الحريري ومعالي وزير العدل الصديق سليم جريصاتي.