IMLebanon

إلى أين يقود عدم الارتياح العوني لموقف «حزب الله» من مقاطعة جلسة الحكومة؟!  

لم يظهر قياديون في «التيار الوطني الحر» او في تكتل «التغيير والاصلاح» أي رد فعل مباشر على مشاركة حليفهم «حزب الله» في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، سوى ان البعض من هؤلاء كشف ان ما جرى حرّر «التيار» و»التكتل»، من دون الدخول في أية تفاصيل.

في قناعة عديدين، ان «العونيين» محقون في جانب، وغير محقين في جانب آخر.. وأن الغرضى الأساس من وراء مقاطعة الجلسة، وتمثل بالرسالة المليئة بالخيارات المتعددة، قد وصلت الى أصحاب الشأن، لكن من الصعب الحديث عن نتائج فورية، ولا بد من الانتظار بعض الوقت، خصوصاً وأن دفع جلسة الحكومة الى الثامن من أيلول المقبل، لم يكن عبثياً، بل جاء مدروساً بغرض افساح المجال أمام الاتصالات التي انطلقت بالسر وبالعلن، وعلى غير مستوى لتجنب التصعيد وضبط الأمور تحت سقف يمكن التحكم به.

لا يخفي بعض «العونيين» ارتياحهم لقرار «حزب الله» المشاركة في جلسة الحكومة، على رغم اعلان وزراء ونواب الحزب تمنياتهم بارجاء الجلسة، وقد أبلغوا ذلك،  عبر الوزير محمد فنيش الى رئيس الحكومة تمام سلام، الذي لم يكن سعيداً بما آلت اليه الأوضاع، وهو يدرك، ان المسألة ليست عابرة، بل هي نتاج الأجواء السياسية التي سبقت موعد الجلسة، وليست محصورة فقط بالتعيينات العسكرية والأمنية، خصوصاً أكثر، ان نواب ووزراء «التيار الحر»، الحاليين والسابقين لم يتأخروا عن فتح «الدفاتر القديمة» والتي خلاصتها فشل «التيار» و»التكتل» في الوصول الى ما يريده، وكانت السهام على مدى السنوات الماضية موجهة اليه في الصدر كما في الظهر.

ليس من شك في ان لـ»حزب الله»، خصوصيته التي أملت عدم المقاطعة وعدم التجاوب مع حليفه الجنرال ميشال عون.. وهو، أي الحزب يدرك، ان مشاركته في المقاطعة ستحمله كامل مسؤولية تعريض المؤسسة الحكومية الى الشلل والتعطيل وما ينتج عن ذلك من حملات اعلامية تزكي سياسة اتهام الحزب بأنه «دولة ضمن الدولة» او «دولة فوق الدولة»؟!.

في الاتصالات التي جرت بين «التيار» والحزب، أظهر الأخير تفهمه الكامل للأسباب التي دفعت الأول الى قرار المقاطعة ورفض العودة عنه، لكن في الوقت عينه تمنى ان يتفهم «التيار» وضع الحزب في هذه المرحلة بالذات، وهو الذي التزم الابتعاد ما أمكن عن التصعيد في الداخل ما أمكن، والنأي بالنفس عن الرغبة في ملء العديد من الشواغر في الدولة وسائر مؤسساتها وتركها للرئيس نبيه بري، على ما يقول مقربون من الاثنين.

لم يعد سراً ان هناك، من يسعى جاهداً لتأزيم العلاقة بين «حزب الله» و»المستقبل»، أكثر كثيراً مما هي عليه.. ولا يخفي قياديون في الطرفين ان هناك من له مصلحة في تحويل «تنفيس الاحتقانات المذهبية» التي يعمل عليها في الحوارات الثنائية الى «بركان غضب» يستعيد أبشع الأيام والمراحل التي تعرضت لها العلاقات بين الفريقين ولاتزال تستحضر عند كل شاردة وواردة، وعند كل «زلة لسان» او كلام غامض، آخذين من الاصطفافات والمحاور الخارجية والتباعد بين المملكة العربية السعودية وايران مادة حيوية في تعزيز الصراعات في الداخل اللبناني، بعدما نجح الافرقاء المعنيون بضبط الخلافات تحت سقف معين يسهل معه ضبط الأمور والحؤول دون أي انفجار، الكل فيه خاسر؟!

يدرك «التيار» العوني هذه الأمور جيداً، لكنه في الوقت عينه يرفض ان يكون هو من يدفع الثمن دون غيره، وقد كشفت تطورات الأيام القليلة الماضية، ان مشكلة «التيار» هي في الأساس، مع بيئته، حيث أجمع منافسوه السياسيون على التقليل من أهمية العدد الذي يمثله في الشارع المسيحي عموماً، مؤكدين على أن المسألة هي في «النوع لا الكم..»؟! ليسقطوا حجة «الميثاقية» التي يتمسك بها العونيون، ويلوحون بأن المقاطعة ليست سوى الخطوة الأولى..

واللافت ان قوى سياسية أساسية في «المارونية السياسية» تجزم بأن «التيار الحر» على حق في كل مطاليبه.. لكن التوقيت والظروف وتراكم الأزمات والملفات الدقيقة يستدعي التروي و»العد الى المئة قبل الاقدام على أي خطوة..» وهم يأخذون على «حزب الله» (حليف عون) أنه لم يبادر ولا عند أي استحقاق الى تأكيد تحالفه العملاني مع العونيين، وهو (أي الحزب) ماضٍ في خيار تجنب التصعيد على الارض، وقد ترك حليفه في أصعب الأوقات «ليقلع شوكه بيديه» وقد تجلى ذلك في التباين القوي من مسألة التمديد المزدوج لمجلس النواب ولقائد الجيش العماد جان قهوجي، الأمر الذي شجع قياديين في «التيار» على الدعوة لاعادة النظر بالعلاقات، وهم لم يلمسوا أي تبدل جوهري في التعاطي معهم في خياراتهم؟!

قد يكون من المبكر الحديث عن قرارات نهائية، لكن وعلى ما يظهر، فإن «حزب الله» ممسك بتحالفه مع الجنرال عون ولا يمكن البناء على ما حصل في جلسة الحكومة أول من أمس، وقد رفض رئيس الحكومة تمام سلام التجاوب مع دعوة وزراء الحزب ارجاء الجلسة الى موعد لاحق، وهو لديه ما يكفي من الاعتبارات التي تجعله يتجنب السقوط في الفخ عند كل مسألة من هذا النوع، وكما حصل مع وزراء الكتائب قد يتكرر، وقد لا يتكرر مع وزراء «التغيير والاصلاح» والبعض لا يرى في الحكومة المكتملة النصاب سوى أنها «حكومة تصريف أعمال» لا أكثر ولا أقل؟!