IMLebanon

أي قانون انتخاب  في معركة هويات؟

لا نقص في مشاريع القوانين الانتخابية في لبنان. ولا قلّة في التنوع، بحيث يصعب الحديث عن أية صيغة في أي نظام انتخابي أكثري أو نسبي أو مختلط في العالم لم ترد في واحد أو أكثر من الاقتراحات والمشاريع التي جرى تقديمها. لا بل اننا أضفنا الى التراث العالمي صيغا ضد طبائع الأمور يستحيل حتى التفكير فيها خارج لبنان. فضلا عن أن المشاريع التي دبّت الحماسة لتقديمها في اللحظة الأخيرة مرشحة لأن تحوي صيغا مبتكرة قابلة للتدريس في كليات العلوم السياسية في العالم.

لكن النقص هو في الارادة السياسية للخروج من الحسابات الضيّقة والحسابات الواسعة التي تحول دون التوافق على انتاج قانون انتخاب من المواد الخام في المشاريع. فالحركة الدائرة في الكواليس وكل مكان، باستثناء المسرح الطبيعي في مجلس الوزراء والمجلس النيابي، هي مجرد دوران في المأزق. وما يسمّى الفراغ القاتل هو الامتناع عن مكافأة المجلس النيابي على فشله في انتاج قانون انتخاب بالتمديد الثالث له. وهو بالطبع ان ننتقل من مجلس معطّل بلا أمل في انتخابات في ظلّ شغور رئاسي طويل الى شغور برلماني بعد مجلس انتهت ولايته الممددة في ظلّ رئاسة جمهورية وحكومة وقدرة على اجراء انتخابات نيابية خلال أشهر حسب القانون النافذ.

والمشكلة هي خوض معركة القانون والانتخابات على أساس انها معركة هويات، لا ورشة بناء دولة، ولا تنافس على البرامج لمعالجة الهموم الاقتصادية والمالية والاجتماعية، ولا استكمال للتسوية التي أنهت الشغور الرئاسي بالذهاب الى التسوية التاريخية التي لا قيامة للبنان من دونها. ومن المهام الصعبة، إن لم تكن المستحيلة، في معركة الهويات أن يتخلّى أي لاعب عمّا يراه دوره الطبيعي ومن حقّه وواجبه أن يلعبه.

والمشكلة الأكبر ان الانحدار السياسي في غياب الايديولوجيات والأفكار المتعلقة بالقضايا الكبيرة جعلت معارك الهويات تتصدّر المعارك الانتخابية النيابية والرئاسية في بلدان كثيرة من العالم. معركة الهويات حملت دونالد ترامب الى البيت الأبيض. وهي تتحكّم بمعركة الرئاسة الفرنسية التي صارت جولتها الثانية محصورة بين مارين لوبن وايمانويل ماكرون. لوبن تصف ماكرون بأنه مرشح النخبة الكونية وتضييع هوية فرنسا في المدار الأوروبي وتسمّي نفسها مرشحة الشعب وهوية فرنسا. وماكرون يتّهمها بأنها قومية شوفينية خطرة على فرنسا وأوروبا. لكن ترامب أضاف الكثير من البرامج السياسية والاقتصادية الى الهوية. ومعركة الهويات في فرنسا لم تحجب التركيز على البرامج لدى لوبن وماكرون.

أما في لبنان، فلا مكان للبرامج، انها مجرد معركة عارية على الهويات الطائفية والمذهبية.