IMLebanon

حين ” برمت العدرا ” !

قد نخرج من جولات الانتخابات البلدية والاختيارية في نهاية أيار الحالي بما يتجاوز رسم مشهد سياسي مختلف الى ما هو اشد وقعا عبر ” نفخ ” لا سابق له في مفهوم التنافسات الانتخابية ومعاركها التقليدية . من دون إثقال الضمير باستنتاجات مضخمة ، ترانا ندهش غداة الجولة الثانية في جبل لبنان حيال تواطؤات مكشوفة بين ناخب يستطيب لعبة السياسيين وسياسيين يستغلون انتخابات محلية لجعلها البدل من ضائع لتجديد الشعبية والنفوذ . هذه المعادلة تبرز خصوصا في ظاهرة استعارة شعارات ” أسطورية ” باتت أثقل من ان تحتملها الانتخابات الرئاسية او النيابية ، فكيف الحال ونحن في مجرد استحقاق بلدي ؟ خلنا ان “موقعة زحلة ” قطفت قصب السباق في عملقة شعارات التحفيز والتحميس حين بلغ الغلو حد حرب على توطين سوري من هنا او معركة إقصاء ” الخوراج ” الحزبيين من هناك أو النصر المبين بالقبض على قرار المدينة بين الاثنين . ثم تراءى لنا ان موقعة بيروت كادت تمزق النسيج التعايشي في حمى الحلفاء فيما كانت النسبة الساحقة من عوامل الإضطراب الذي تسبب بتلك الجولة معاناة الثمانية أشهر من “تعايش” مع أزمة النفايات . ولكن تحطيم الأرقام القياسية في تمدد الظاهرة جاءنا البارحة من جونية . هنا “وقفت المياه عموداً” في الساحات واختصرت عاصمة كسروان كل الاعتمالات في معركة مسيحية “صافية” . من عاش أيام جونية كاد يظن بأن ” التسونامي ” الهستيري ذاهب الى استحضار إحدى أطرف الأساطير الدعائية السياسية التاريخية لدى مسيحيي الجبل ولبنان عموما والتي ذهبت مثلا منذ ” برمت العدرا ” أيام الحلف الثلاثي الشهير في عز انتصاره الانتخابي النيابي الذي أدى الى إسقاط النهج الشهابي . واذا كان الشيء بالشيء يذكر، ترانا لن نبخل على واقعات ” ادنى” وانما معبرة بضمها الى لوائح المعارك المشهودة حين يأتي دور بعض الجنوب وبعض الشمال ولا سيما منهما ما يتطابق مع الواقعات المسيحية وعدواها الحارة .

نتساءل فعلا هل استطاب الناس ظاهرة التضخيم والنفخ بفعل ألاعيب السياسيين المهرة والمحترفين وماكينات انتخابية فعالة أم بفعل تطور اعلامي وتواصلي فعال للغاية بات السلاح الجديد الأمضى في أي انتخابات ايا تكن ظروفها وطبيعتها بحيث باتت تساوى معها انتخابات رئاسية ونيابية مع انتخابات بلدية واختيارية بلا أي فوارق ؟ لا نجادل تكرارا في الاهمية الساحقة التي تكتسبها هذه الانتخابات، ولكننا لا نزعم امتلاك تفسير موضوعي لظاهرة السكر بهذا التضخيم الهستيري الذي لا تحتمله أي معركة في بلد يعاني عقدة الخطئية الأصلية الديموقرطية منذ سنتين مع جمهورية بلا رأس وبلا مؤسسات حقيقية. لعلنا أمام “عدالة” معاقبة السياسيين برفع الناخبين الى مراتبهم ونحن آخر من يدري!