IMLebanon

مَنْ يتحمَّل مسؤولية التعطيل؟

كان النواب المسيحيون ومعهم كافة نواب 14 آذار يعرفون مسبقاً ماذا سيكون ردّ البطريرك الماروني مار بشارة الراعي على مطالبتهم له بموقف حازم وحاسم يدفع الاستحقاق الرئاسي إلى الأمام، ويُنهي هذه الأزمة التي مرّ عليها سنة، وما زالت تُهدّد الوجود المسيحي والكيان اللبناني الذي قام بعد حرب أهلية استمرت أكثر من خمس عشرة سنة على ما يسمى باتفاق الطائف الذي وزّع الرئاسات الثلاث بين الطوائف الثلاث واحتفظت الطائفة المارونية برئاسة الجمهورية التي أسندت إليها في أيام الانتداب الفرنسي وبقيت محتفظة بها بعد الاستقلال، وعلى أساس ميثاق وطني لا يزال معمولاً به بعد أكثر من سبعة عقود.

ذلك أن مواقف البطريرك بشارة الراعي معروفة منذ أكثر من عام، وهو يردد في كل مناسبة دعواته إلى المسيحيين للخروج من الأزمة الرئاسية بالإتفاق أو التوافق على رئيس يُعيد إلى المسيحيين وحدة الصف، ويكون الراعي الأمين للجمهورية التي ميّزت نفسها عن باقي الدول العربية باعتمادها النظام الديمقراطي – البرلماني الذي يقوم على قاعدة أساسية هي تداول السلطة، على عكس كل الأنظمة الأخرى المبنية على مبدأ الرئيس إلى الأبد.

وما سمعه نواب 14 آذار والنواب المسيحيون المستقلون من سيّد بكركي بعد مرور سنة على الأزمة الرئاسية هو الكلام نفسه الذي طالما ردده في كل المناسبات المسيحية وغير المسيحية وعنوانه العريض ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية حسب ما ينص عليه الدستور، لأن بقاء البلاد بدون رئيس يُشكّل سابقة مشينة وهو أكبر خطر على الوجود المسيحي.

البطريرك لم يُشر بالأصبع إلى الجهة المسيحية المسؤولة مباشرة عن بقاء الفراغ في رئاسة الجمهورية مُـدّة سنة وتمسكها بتعطيل الانتخابات مُـدّة أطول إلى أن يقرّ المسيحيون الآخرون والقوى الأخرى بوصوله هو ولا أحد سواه إلى احتلال هذا الموضع المخصص للطائفة المارونية وفق اتفاق الطائف وبناء على الميثاق الوطني الذي ارتضاه المسلمون بعد حصول لبنان على استقلاله قبل أكثر من سبعة عقود، وتلك ثغرة شجّعت الفريق المعطِّل على الاستفادة منها والتمسّك بتعطيل الانتخابات الرئاسية إلى أن يستجيب الآخرون من الطوائف الأخرى إلى طلبه الوصول إلى قصر بعبدا وإحياء مجد آخر الثمانينات وحتى أوائل التسعينات من القرن الماضي، وللتأكيد على ثبات موقف بكركي في مسايرة الطرف المتشدد والمسؤول مباشرة عن تعطيل الانتخابات الرئاسية وعدم التشهير به أمام الرأي العام المسيحي وحتى الإشارة إليه ولو بشكل غير مباشر سارعت إلى توضيح موقفها من طرح النواب استناداً إلى الدستور اعتبار الرئيس فائزاً برئاسة الجمهورية عندما يحصل على أكثرية الـ65 صوتاً، واعتبار النصاب المجلسي مكتملاً إذا حضر النصف زائداً واحداً من عدد النواب 127، وإحالة هذا الأمر إلى رئيس مجلس النواب الذي له وحده الحق في البتّ بموضوع نصاب جلسة انتخاب الرئيس.

هذاالموقف للبطريرك بشارة الراعي أحرج النواب الذين استنجدوا ببكركي لإخراج أزمة الشغور الرئاسي من عنق زجاجة المعطّلين المعروفين من قبل المسيحيين أولاً وجميع اللبنانيين ثانياً، وباختصار فإن بكركي ضيّعت مجدداً فرصة تحميل المسؤولية عن استمرار أزمة الانتخابات الرئاسية مسؤوليتهم ودعوتهم بإصرار إلى إنقاذ الجمهورية وإنقاذ المسيحيين.