IMLebanon

من يقاتل داعش في أي مناخ ؟

بغداد المحرجة تبدو كأنها ترد عملياً على وزير الدفاع الأميركي الذي زاد في إحراجها. والعنوان هو سقوط الرمادي عاصمة الأنبار في يد داعش. اشتون كارتر تجاوز التعابير الديبلوماسية التي استخدمها الرئيس باراك اوباما ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، بالقول إن الجيش العراقي لم يظهر أية ارادة في قتال داعش. لا بل كشف أن القوات العسكرية التي هربت من الرمادي كانت متفوقة في العديد والعتاد على المهاجمين. وحكومة حيدر العبادي سارعت الى الإعلان عن بدء عملية لاستعادة الرمادي وإخراج داعش من كل مدن الأنبار، مع ان الدفاع عن الرمادي كان أسهل. ولا خيار لديها سوى الاتكال على الجيش الذي هرب، والقصف الجوي الأميركي، والحشد الشعبي الشيعي، وبقايا الصحوات من العشائر السنية.

لكن العبء الكبير في القتال يقع على الحشد الشعبي الذي تقدم له ايران الأسلحة والمستشارين العسكريين. وهو أعلن بدء عمليات تحت عنوان لبيك يا حسين في شمال تكريت وغرب الأنبار. وهذا، بصرف النظر عن جدواه والحاجة اليه كلما توسعت سيطرة داعش على الأرض وازداد ارهابه للسكان، محل نظرات مختلفة. إذ هو عبء وربما كابوس بالنسبة الى أوساط في الأنبار، ومصدر قلق لأميركا وحلفائها، وأداة اطمئنان لطهران حيال القتال هجوماً ودفاعاً من أجل مشروعها الاقليمي.

ذلك ان مشكلة بغداد منذ الغزو الأميركي وتهميش دورها العربي هي الحاجة الى واشنطن وطهران معاً. شيء بالعقل البارد وشيء بالقلب الحار ضمن الواقعية الجيوسياسية. فلا التناغم الضمني بين أميركا وايران منذ الغزو وصولاً الى الاتفاق النووي، منع الخطاب الايراني من تكرار القول ان واشنطن ليست جادة في محاربة داعش، ولا حتى قادرة. ولا هو منع الخطاب الأميركي من الدعوة الى شيء من الاستقلالية العراقية عن طهران وكثير من مشاركة السنّة في العملية السياسية والاتكال على الجيش في محاربة داعش.

لكن طهران هي التي أمسكت بالخيوط الأساسية للعبة في النهاية. فالجيش الذي بناه نوري المالكي ودرّبه وسلّحه الأميركان انهار في الموصل وهرب من الرمادي وبدا فئوياً وأقل قدرة على القتال من ميليشيا. والقوى والظروف التي ساهمت في خلق داعش ثم في توظيف الخوف من دولة الخلافة الداعشية وارهابها لا تزال حريصة على استمرار الوظيفة الى أن يكتمل عجن المنطقة لاعادة تركيبها. فلا أميركا ولا روسيا ولا القوى الاقليمية مستعجلة. ولا أحد يجهل الحاجة الى مواجهة داعش بقوى وطنية في مناخ العروبة، لأن المواجهة بقوى مذهبية هي وصفة لانهيار المجتمعات قبل الدول في حرب دائمة.