IMLebanon

من المسؤول؟!

في الساعات الثماني والأربعين الماضية، تكثفت حركة الاتصالات بين القوى السياسية المؤثرة لتُسرِّع قطار تأليف الحكومة العتيدة، وتم في هذا الوقت، تذليل معظم العقد التي كانت تؤخّر ولادتها، وأهمها عقدة اسناد حقيبة أساسية لتيار المردة الذي يتزعمه الوزير السابق سليمان فرنجية والتي يُصرّ عليها الثنائي الشـيعي الممثل بحزب الله والرئيس نبيه برّي، وباتت ولادة الحكومة قاب قوسين في حال صحت المعلومات التي تقول بأن الرئيس المكلف سعد الحريري استطاع إقناع الزعيم الزغرتاوي في خلال اجتماعهما الودي أول من أمس بقبول إسناد وزارة التربية إلى تيار المردة، وبأن رئيس الجمهورية نجح بدوره في إقناع رئيس حزب القوات اللبنانية الد كتور سمير جعجع بالتخلي عن حقيبة الأشغال العامة لمصلحة الرئيس نبيه برّي الذي يرفض التخلي عنها، ويعتبرها مثل حقيبة المالية من حق حركة أمل أو من حق الطائفة الشيعية.

وفي حال صحت هذه المعلومات التي عممت على معظم وسائل الإعلام، وعلى المصادر السياسية فإن الحكومة العتيدة ستبصر النور في حدود الأيام القليلة المقبلة، ويُطوى الملف الحكومي ليبدأ الجهاد الأكبر حول قانون الانتخابات وأي قانون سيعتمد في الانتخابات النيابية المقبلة، هل هو قانون الستين الذي لا يزال ساري المفعول أم القانون النسبي الذي يطالب به الثنائي الشيعي ويتعاطف معه علناً التيار الوطني الحر إستناداً إلى ما صرّح به رئيسه الوزير جبران باسيل، أم القانون المختلط المقدم من حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي.

ليس سراً أن الأحزاب الثلاثة التي اقترحت القانون المختلط تتمسك به، ولن تتخلى عنه لمصلحة أي قانون آخر يقوم على النسبية في ظل استمرار سلاح حزب الله وليفضل اعتماد قانون الستين في حال رفض الآخرون المختلط، وليس سراً أيضاً أن الثنائي الشيعي يتمسك بالقانون النسبي لأنه يؤمن له أكثرية عددية في مجلس النواب في حال جرت الانتخابات النيابية على أساسه وهو ما يطمح إليه للوصول إلى اعادة تكوين السلطة بما يؤمن ما تطمح إليه الطائفة الشيعية في التركيبة الطائفية التي ما زالت تتحكم بالنظام اللبناني، ولهذا السبب أطلق على البحث عن قانون انتخابي جديد مرحلة الجهاد الأكبر والذي أطلقها هو الرئيس برّي نفسه من جنيف حتى قبل إنجاز التسوية على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ودلت كل ممارساته وشروطه ومطالبه على مدى تمسكه بالاتفاق على قانون الانتخابات قبل أو مع ولادة الحكومة العتيدة.

غير أن ثمة سؤالاً مشفوعاً بعلامة استفهام كبيرة من يتحمل مسؤولية التأخير شهراً وأكثر في ولادة الحكومة، هل يتحملها الرئيس برّي لأنه يتمسك بالحصول على الثلث الضامن خلال اشراك كل مكونات 8 آذار، أم يتحملها حزب الله الذي نأى بنفسه وترك لبري حرية الحركة وفرض الشروط، في حقيقة الأمر الذي يتحمل المسؤولية عن التأخير الحاصل هو رئيس الجمهورية والرئيس المكلف اللذان أناط بهما الدستور وحدهما دون سواهما حق تشكيل الحكومة، وإرسالها إلى مجلس النواب للحصول على ثقته أو حجبه عنها، وهما اللذان تخليا عن هذا الحق وتركا الباب مشرَّعاً أمام من يريدون تغيير النظام القائم للاستفادة من ذلك للإمساك بكل أدوات اللعبة وحشر رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في الزاوية أي أمام خيار واحد وهو القبول بالتنازل عن صلاحياتهما الدستورية لمصلحة من يريد تغيير وتعديل النظام القائم بما يتناسب مع مصالحه الطائفية، فهل يُدرك رئيس الجمهورية والرئيس المكلف هذه الحقيقة، وهل ما زالا قادرين بعد كل التنازلات التي قدماها على احترام الدستور والنظام المعمول به وعدم المساس بهما، هذا هو السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح في زحمة التفاؤل أو التشاؤم بقرب ولادة الحكومة العتيدة أو عدمه.