IMLebanon

من لا يغطّي متورّطاً فليعلّق المشنقة

من توافرت النية الجرمية لديه للقيام بعمل إرهابي لقتل أبرياء، ثم حال حائل، خارج عن إرادته، دون تنفيذه، هو قاتل مع وقف التنفيذ. هذه هي حال ميشال سماحة التي لا يجوز أن يختلف عليها اثنان. غير أن حفلة الفجور التي انطلقت أمس تستحق التوقّف عندها. معظم المستنكرين هم ممن لُطِّخت أيديهم بالدماء، سواء مباشرة أو بالوكالة.

مِن هؤلاء من غطّى على مجرمين، ومنهم من صمت أو تواطأ لإخراج مشاركين في سفك دماء بريئة من السجون، ومِنهم من مكانه الطبيعي خلف القضبان.

مِن بين المستنكرين الوزير أشرف ريفي، «رجل الدولة» الذي وفّر الغطاء لِقَتَلة في طرابلس تاريخهم معروف في أحداث جبل محسن باب التبّانة. ومنهم «هيئة علماء المسلمين» التي أُوقِف من بين مشايخها إرهابيون، والتي يندر أن يقف موقوف أمام المحكمة العسكرية من دون أن يذكر اسم أحد مؤسّسيها، الشيخ سالم الرافعي، واتهامه بأنّه آوى قاتلي جنود الجيش وضبّاطه، وقدّم المال والسلاح وحرّض الشباب. لكنّ أحداً لم يجرؤ على توقيفه. الرئيس سعد الحريري استنكر أيضاً عدم إحقاق العدالة، لكنّه نسي أن لمستشاره الأمني العقيد المتقاعد عميد حمود أيادي سوداء في معظم المعارك بين جبل محسن وباب التبّانة التي سقط فيها عشرات الأبرياء. هذا الرجل الذي لم يرد اسمه مرة واحدة في محاضر الموقوفين من قبل فرع المعلومات، شاءت الصُدف أن يتردد اسمه على ألسنة الموقوفين أنفسهم أثناء استجوابهم أمام المحكمة العسكرية بشأن مسلّحيه وصفقات السلاح التي تتم لحسابه. ومن «محاسن الصدف»، أيضاً، أنّ حمود صديق حميم لرئيس الفرع العميد عماد عثمان الذي يستضيفه في مقرّ المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي التي تسهر على تطبيق القانون. رغم ذلك، لم تكلف النيابة العامة نفسها، بشخص القاضي صقر صقر، عناء إصدار مذكرة توقيف في حق حمود والرافعي. كذلك فإن عمّة الحريري نفسه، النائبة بهية الحريري، بذلت قصارى جهودها لتغطية مدير المشتريات في قصرها، محمد علي الشريف، الذي آوى أحمد الأسير ومرافقيه بأسلحتهم في منزله.

لا تُقارن المحكمة العسكرية بالمجلس العدلي. بعد التجربة، صار موقوفو الإرهاب يفضّلون الأولى على الثاني. في قضية شبيهة بقضية سماحة (وربما أخفّ منها)، ضُبط لدى عبد القادر سنجقدار بودرة ألومنيوم، وليس متفجرات، وثبت انتماؤه إلى تنظيم «فتح الإسلام»، لكنه لم يشارك في قتال الجيش ولم تتلطّخ يداه بدم. حُكِم عليه بالسجن ١٥ عاماً، وهو «حكم ظالم»، إذا ما قورن بالحكم على سماحة. لكن، في قضايا مشابهة لقضية مدير المشتريات لدى «الست» بهية، فإن من يؤوي إرهابياً أو يهرّب مطلوباً، يحكم المجلس العدلي عليه بالسجن عشر سنوات.

كُثر من جهابذة السياسة خلطوا أمس في تصريحاتهم بين المحكمة العسكرية (يرأسها ضابط) ومحكمة التمييز العسكرية (يرأسها قاضٍ مدني). الأولى حكمت على سماحة بالسجن أربع سنوات ونصف سنة. قامت القيامة ولم تقعد يومها. وأمس، قررت الثانية إخلاء سبيله. وللعلم، فإنّ المنصب الأول من حصّة قوى ٨ آذار، فيما الثاني من حصة ١٤ آذار.

الحكم على سماحة أربع سنوات ونصف سنة لا يختلف عن معظم الأحكام الباقية التي صدرت عن المحكمة العسكرية. هاني الشنطي، على سبيل المثال، أحد عناصر مجموعة الـ13، المتهمة بالانتماء إلى «القاعدة» والتخطيط لتنفيذ تفجيرات، سُجن خمس سنوات، وخرج بعدها ليُشارك في «غزوة كراكاس» التي سقط فيها عناصر من الجيش والقوى الأمنية. أبرز المطلوبين هاني السنكري حُكِم خمس سنوات، هو خبير متفجرات وعنصرٌ بارز في «القاعدة». لم يكد السنكري يخرُج أخيراً حتى طُلِب مجدداً. أحد أبرز قيادات تنظيم «القاعدة» الذين مرّوا على لبنان، بحسب توصيف ضباط فرع المعلومات، السعودي محمد السوّيد حُكم بالسجن سبع سنوات. وكذلك السعودي فهد المغامس الذي حُكم بالسجن سبع سنوات، وكانت قضيته (بعد توقيفه عام 2007) حيازة متفجرات مع توافر النية بالتفجير والإعداد لعملية تفجير كبرى ضد المدنيين في زحلة يوم عيد السيدة والإعداد لقصف المدينة بالصواريخ، إضافة إلى اشتباكه مع عناصر القوى الأمنية وإطلاقه النار على أحدهم بقصد قتله، ومشاركته في عمليات إرهابية قبل توقيفه بأكثر من 3 سنوات. والعام الماضي، صدر حكم بالسجن سبع سنوات بحق جمال دفتردار «الأمير الشرعي» لتنظيم «كتائب عبدالله عزام» الذي نفّذ تفجيرات أوقعت عشرات الضحايا. أما المنتمون إلى تنظيم «داعش»، الذي يستهدف لبنان بمدنييه وأمنييه وعسكرييه، ويحتل جزءاً من الأراضي اللبنانية، فتصدر بحقهم أحكام بالسجن لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات أحياناً.

من لا يغطّي متورطاً أو إرهابياً فليرمِ سماحة بحجر ويطالب بتعليق مشنقته.