IMLebanon

لماذا رفض باسيل نصيحة حزب الله

على وقع اصوات الاعتراضات في الشارع الذي بلغت اصداؤها قاعة الهيئة العامة، ينتظر الوزير جبران باسيل الردود الرسمية على صيغة قانون الانتخابات التي قدمها، وسط مشهد ضبابي يوحي بأن ثمة قطبة مخفية يجري حبكها في الكواليس فيما تضع غالبية القوى السياسية «اجرا في البور واجر في الفلاحة» في انتظار كلمة السر، التي قد تكون هذه المرة من حارة حريك.

فترحيب القوات اللبنانية باقتراح باسيل شرط موافقة القوى الأخرى عليه،  قابله رفض علني لحزب الله لكل ما يطرح من بدع لا تحقق ضمانة للعيش الواحد والحفاظ على المناصفة من خارج قواعد الدستور، فيما شكل رئيس مجلس النواب لجنة من مستشاريه لدراسة الصيغة الثالثة ووضع ملاحظات مفصلة عليها، في وقت يحكى فيه عن ان ما قدم فصّل بالتعاون مع نادر الحريري إذ إنه يحسم النتيجة سلفاً لتيار المستقبل في غالبية الدوائر ذات الثقل السني.

وفي انتظار جديد انتخابي لم يسجل بعد، على رغم أنتهاء مهلة الثماني والاربعين ساعة التي حددها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لرد القوى السياسية سلبا او ايجابا على صيغته الجديدة، وصفت اوساط برتقالية ما يجري بانه عملية ابتزاز للثنائي المسيحي الساعي الى استعادة الحقوق التي سلبت تحت ضغط المعادلات الاقليمية والسورية التي سادت في المرحلة السابقة .

واشارت المصادر الى ان هدف الوزير باسيل من اعلان صيغته وضع الاطراف جميعا امام مسؤولياتها، في الوقت الذي يبدي فيه التيار انفتاحه على اي تعديلات، قائلة ان المطلوب اليوم من المعترضين تحديد اسباب اعتراضهم بوضوح على كل نقطة وان يقدموا البدائل، والا فان خلاف ذلك يعني اصرار المعرقلين على السير بقانون الستين وكسر الارادة المسيحية وهو ما لن يحصل في ظل وجود الرئيس القوي في قصر بعبدا والمسيرة التي اطلقها على طريق استعادة الحقوق، محذرة من المزايدات في مجال سلسلة الرتب والرواتب لامسة محاولات لاثارة جزء من الشارع ضد العهد على خلفية مواقف شعبوية لن تصرف فيما خص مسالة الضرائب، متخوفة ان يكون ذلك هدفه التعتيم على قانون الانتخابات وعملية الهاء من قبل اطراف لطالما اجادت تلك اللعبة.

اوساط سياسية متابعة توقفت عند الموقف اللافت لحزب الله، مستغربة تكفل حارة حريك باسقاط كل الصيغ الباسيلية، كاشفة ان رئيس التيار الوطني الحر رفض طلبا من مسؤولي حزب الله بتأجيل الاعلان عن طرحه الانتخابي الى حين درسه ووضع الملاحظات عليه من قبل الثنائي الشيعي، ما قد يؤمن له فرصا اكبر في النجاح، مصرا على عقد مؤتمره الصحافي الاثنين لحشر واحراج القوى السياسية امام الرأي العام، بعدما اخذ بمطلب الحزب بالتراجع عن صيغته الاساسية القائمة على انتخاب 61 نائبا وفقا للنظام النسبي و47 نائبا وفقا للنظام الاكثري مراعاة لرئيس مجلس النواب وحلفاء الحزب السنة والمسيحيين،رافعا السقف في ما خص مجلس الشيوخ ردا على الحملة التي يقوم بها وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي  ونوابه ضد التيار، وعدم تفويتهم اي فرصة في الهجوم على رئيس الجمهورية في مجالسهم،مستغربة في هذا الاطار عدم تعاون الحزب الذي يبدي نوابه اصرارهم امام الجميع في مجالسهم على ان يكون القانون الانتخابي المقبل على قاعدة القانون النسبي ايا كانت تقسيمات الدوائر.

غير ان مشروع باسيل الذي لم يحل مشكلة قانون الانتخاب، اضاف الى الملفات الخلافية المتراكمة ملفا جديدا قديما هو ملف مجلس الشيوخ ورئاسته، الذي بدأت تداعياته تظهر في المواقف السياسية التي ازدادت تطرفا وتشنجا، حيث استغربت مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي اصرار التيار الوطني الحر على السير بمنطق التحدّي بعد خروج رئيسه للمطالبة بأن يكون رئيس مجلس الشيوخ مسيحيًّا، علما ان المتعارف عليه ومنذ الطائف وجوب أن يكون درزيا، مضيفة بان العهد يخطئ اذا كان يعتبر ان التلويح بورقة «الشيوخ» سيجعل الدروز يرضخون بل على العكس فان ما حصل عقد الموقف اكثر ووحد الطائفة خلف النائب وليد جنبلاط، داعية الى انتظار الصوت الدرزي الموحد يوم 19 الجاري من المختارة.

وزير الداخلية والبلديات يستعد لجولة جديدة من المهل في الواحد والعشرين من هذا الشهر عن طريق الطلب بتشكيل الهيئة المشرفة ورصد الاعتمادات المالية، إذا كان الانتخاب على أساس أيار وإلا فإنه قد يمتد الى أيلول بتمديد تقني استنادا الى قانون الستين، اما اذا كانت الرئاسة مصرة على عدم التوقيع على مرسوم يرتكز الى ذلك فإن الامر قد يمتد الى تشرين الثاني على ان يكون ذلك استنادا الى قانون الستين معدلا وإذا كان القصد قانونا مغايرا وعصريا ونسبيا وأكثريا مختلطا فإن التمديد للمجلس قد يأخذ ستة أشهر أو سنة إضافية.

فهل هي غلطة الشاطر جبران؟ ام ان ما يجري لا يعدو كونه عملية شد حبال في الوقت الضائع؟ وهل يكون القانون العتيد باكورة العقد العادي الذي يبدأ الثلاثاء المقبل ؟ ام ان تداخل المواقف وتشابكها سيؤدي الى ضياع الفرصة لولادة قانون انتخابي جديد؟ وفي هذه الحال، ماذا سيكون عليه الوضع الانتخابي؟ وهل يخير اللبناني بين الستين والفراغ؟ ما هي الفرضيات المتاحة اذا ما ضاع المتاح من مهل لاقرار قانون جديد للانتخاب؟