IMLebanon

لماذا محمّد بن سلمان ولياً للعهد..؟

اختيار الأمير محمّد بن سلمان ولياً للعهد يحقق نقلة نوعية مهمة واستراتيجية في تعزيز وتحديث بنية الحكم في المملكة العربية السعودية، ورفدها بديناميكية شبابية قادرة واستثنائية.

لم يكن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مفاجئاً، بقدر ما جاء تظهيراً لواقع تجربة كانت تعيشها القيادة السعودية، في السنتين الماضيتين، حيث أثبت الأمير محمّد بن سلمان قدرته ونجاحه، في إدارة اكثر الملفات اهمية وحساسية وتعقيداً، وحقق حزمة من الانجازات الداخلية والخارجية، كانت موضع تقدير وإعجاب السعوديين، قيادة وشعباً، بالقدر الذي أثارت أيضاً الاهتمام والإعجاب في عواصم القرار الدولي.

في وزارة الدفاع، استطاع الأمير الشاب أن يحوّل الجيش السعودي إلى قوة عسكرية مقاتلة للدفاع بشراسة عن أرض الوطن، وحماية أمنه واستقراره، فضلاً عن خوض الحرب الاستباقية في اليمن، للحؤول دون وصول التمدّد الايراني إلى الداخل السعودي، ولإعادة السلطة الى الشرعية اليمنية.

خلال رئاسته لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، أنجز الخطة الاستراتيجية العملاقة «رؤية 2030» التي أطلقها في نيسان من العام الماضي، وتضمنت خريطة طريق طموحة لنقل المملكة من اقتصاد الاستهلاك، إلى اقتصاد الإنتاج، وفتح المجال واسعاً لشراكة مدروسة مع شركات الصناعات الحديثة والمتطوّرة في أميركا وأوروبا، للعمل على إنشاء معاهد أبحاث ومصانع متطورة في المملكة، تعمل بأحدث الوسائل التكنولوجية، وتساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، المعتمد حالياً على النفط بنسبة كبيرة، فضلاً عن التغييرات التي ستحدثها في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، والتي من شأنها ان تزيد من انخراط الشباب السعودي في تنمية اقتصاد بلده، والاستفادة من خبرات وتجارب مؤسسات عالمية ضخمة في عالم الصناعات الحديثة والتكنولوجيا.

والحديث عن إنجازات الأمير محمّد بن سلمان في الداخل شرح يطول، خاصة بالنسبة لاندفاعته المشهودة في ريادة الإنجاز، حيث أطلق ديناميكية شبابية في الإدارات والمؤسسات الرسمية، ساهمت في رفع الانتاجية، وتعزيز الفرص أمام اصحاب الكفاءات من الشباب للانخراط في الوظيفة العامة.

* * *

أما بالنسبة لملفات السياسة الخارجية للمملكة، فيعتبر ولي العهد الشاب مهندس العلاقات السعودية مع شركاء السعودية الدوليين، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين واليابان.

ولم يكن خافياً أن زيارته المشهودة إلى واشنطن في آذار الماضي، وبُعيد استلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهامه الدستورية، قد نجحت في ترميم العلاقات السعودية مع الولايات المتحدة، والتي كانت تعاني من أسوأ مراحلها في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

وجاءت زيارة ترامب إلى الرياض لتتوّج نجاحات محادثات الأمير محمّد في واشنطن مع سيّد البيت الأبيض، حيث قام الأخير بأول زيارة له خارج أميركا إلى السعودية، وأجرى خلالها محادثات تاريخية واستراتيجية مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، أعادت تمتين قواعد وأواصر الشراكة السعودية – الأميركية، وتحديد أولوياتها، خاصة بالنسبة لمحاربة الإرهاب، والحد من التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية.

وإدراكاً منه لأهمية تحقيق التوازن في علاقات المملكة السياسية والاقتصادية مع الدول الفاعلة على المسرح الدولي، حرص الأمير محمّد على القيام بزيارات إلى كل من موسكو وباريس، وإلى طوكيو وبكين، للتأكيد على اهتمام السعودية بتعزيز التعاون مع الشركاء الاقتصاديين، وعواصم القرار الدولي.

* * *

مع تولي الأمير محمّد بن سلمان مهام ولي العهد، تكون الدولة السعودية قد بدأت عملياً رحلة الانتقال الى الجيل الثالث، جيل الشباب من أحفاد الملك المؤسس من الشباب القادر على حمل الأمانة، وللاستمرار في قيادة بلاد الحرمين الشريفين، على دروب الأمن والاستقرار والازدهار، والتصدّي لما يعتري هذه المرحلة الحرجة من صعوبات وتحدّيات.