IMLebanon

هل تحتذي 14 آذار بتكويعة راعيها الاقليمي؟

لا تستبعد اوساط سياسية محسوبة على قوى الثامن من آّذار، ان تنتقل عدوى «الانقلاب» في المواقف تجاه الملف السوري، الى الساحة اللبنانية، وان بصعوبة، بعدما تشظت الساحات الاقليمية والاوروبية وصولا الى التبدلات الجذرية في المواقف الاميركية حيال مصير الرئيس السوري بشار الاسد، في ما يطرح من ضرورة التوصل الى حل سياسي، يكون الاسد شريكا اساسيا فيه.

وتقول الاوساط، بات من المرجح، وامام تبدل مواقف الدول الاقليمية والدولية من الازمة السورية، ان تنعكس المتغيرات الحاصلة على الساحة اللبنانية، وتصل تأثيراتها الى افرقاء الطبقة السياسية، وبخاصة مواقف القوى التي ذهبت بعيدا في مراهناتها على سقوط مريع للنظام السوري «خلال اسابيع او اشهر قليلة»، امام جيوش المسلحين الوافدين من دول العالم، والذين تم تجنيدهم بدعم من منظومة خليجية ـ تركية ـ اوروبية ـ اميركية، فلم تقدم قوى الرابع عشر من آذار على اجراء اي مراجعة لسياساتها ومراهناتها، على الرغم من انها تصاب بصدمة سياسية امام اي متغير في ساحة الازمة السورية، ولعل ما لم يكن في حسبان هذه القوى، «الدعسة الزائدة» الروسية في دعم ادارة الرئيس فلاديمير بوتين للنظام السوري وتمسكه بالرئيس الاسد، كنقطة ارتكاز لمحاربة الارهاب والولوج الى اي حل سياسي، بات يسعى اليه، وبالحاح، الاوروبيون والاميركيون وبعض الخليج، امام تدفق الالاف من النازحين السوريين الى دول اوروبية، قدمت نفسها على انها رأس حربة لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، لكنها وجدت نفسها امام تكويعة، اين منها «التكويعة الجنبلاطية»؟

وبرأي الاوساط، فان الوجود العسكري الروسي المباشر داخل سوريا، وادخال اسلحة استراتيجية قادرة على تغيير الخارطة العسكرية، واحداث متغيرات في جغرافيا المعارك العسكرية، ومعه ازمة النازحين السوريين التي انتشرت بقعتها في مساحات واسعة من اوروبا، دفعت بصانعي القرار في القارة العجوز باعادة النظر في سياساتهم تجاه الرئيس الاسد ونظامه الذي اثبت قدرة على الصمود امام كل ما رُسم من مخططات وسيناريوهات لاسقاط النظام.. النظام السوري برئاسة الاسد، بات بنظر الاميركيين والاوروبيين اقل ضررا من البديل الذي سيترجم موجات بشرية من النازحين تغزو الدول الاوروبية، لتشكل عبئا وضغطا اجتماعيا وامنيا، وبات الاوروبيون ومعهم الاميركيون محرجين من طرحهم الذي تناوبوا على تسويقه في الساحتين الاقليمية والدولية، والمتمثل بـ «ضرورة اسقاط الرئيس بشار الاسد»، لتتغير المعزوفة الى ضرورة مشاركة الاسد نفسه في اي مفاوضات للوصول الى حل سياسي يكون فيها الاسد شريكا حقيقيا.

بالمقابل، انعكس الحسم السياسي في الموقف الروسي المتمسك بالاسد وبنظامه، بالتزامن مع خطوات عسكرية عملانية فاجأت بها موسكو العالم، على وضع نهاية للطروحات والمواقف الاقليمية والاوروبية والاميركية، التي دعت على مدى السنوات الخمس التي مضت على اندلاع الازمة السورية الى اسقاط الاسد، في ظل قناعة اوروبية بجدوى الحلف الذي تريده روسيا لمحاربة الارهاب في الساحتين السورية والعراقية، والذي سيستهدف تنظيم «داعش» الذي بات ارهابه يشكل خطرا على الاوروبيين بالقدر نفسه الذي يشكله على النظام في سوريا، فالتهديدات الداعشية القادمة من ساحات ما سُمي بـ «الربيع العربي» بدأت ملامحها ترتسم في الساحات الاوروبية المنشغلة بسبل استيعاب الاف النازحين اليها عبر البحار، وتقول الاوساط.. بدأ العالم يلمس جدية المشروع الروسي لمحاربة الارهاب في سوريا، والذي شُكل حتى الان من الحلف الذي تقيمه روسيا مع سوريا وايران، مع لاعب لبناني اساسي في ارض الميدان السوري، يمثله «حزب الله».

وتعتبر الاوساط، ان كل الرهانات التي بنتها قوى الرابع عشر من آذار حول الوضع السوري، وصلت الى طريق مسدود، وهي رهانات اسقطتها جملة من المتغيرات والتطورات السياسية والعسكرية التي شهدتها المنطقة، بالتزامن مع المفاوضات الصعبة التي خاضتها ايران مع الاوروبيين والاميركيين بشأن الملف النووي، وتقول : ان المنطقة تعيش مرحلة جديدة، تختلف كليا عما كان سائدا من قبل الهجمة الروسية العسكرية.

وتشير الاوساط الى الخارطة التي طالتها المتغيرات، والتي شكلت انقلابا صادما لاصحابها من دول صانعي القرار على المستوى الدولي، من فرنسا وبريطانيا والمانيا..الى اميركا التي لاقت صدى على المستوى الاقليمي، حتى بات المشهد سورياليا اكثر مما توقعه البعض في القوى السياسية الحليفة للسعودية، بعد ان اصبحت المشاورات والاتصالات بين روسيا وملوك وقادة دول اقليمية وخليجية وضعوا السيناريوهات الاولى لـ «عملية اسقاط الاسد»، تجري بصورة يومية، بعنوان محاربة الارهاب الداعشي في سوريا، وتقول : كل الساحات تغيرت وكل الاستراتيجيات تبدلت، باستثناء قوى الرابع عشر من آذار، ربما لان مثل هذه الاستراتيجيات غير مبنية على المصلحة السياسية، بل ان الغرائز ما تزال تتحكم فيها، والا فما معنى ان يستدير الراعي الاقليمي لهذه القوى في قضايا استراتيجية، فرضتها متغيرات ومستجدات جوهرية ومصيرية ويبقي حلفاؤه على مواقفهم، وكأنهم يمارسون السياسة في كوكب آخر… ويصرون على ان يبقوا في جزيرة منعزلة عن التطورات التي سيكتشفون انها تعيد رسم خارطة المنطقة.

وتخلص الاوساط الى القول : ان الطحشة العسكرية الروسية فتحت شهية الاوروبيين للتحدث مع الرئيس السوري بشار الاسد، واعتباره طرفا مهما في كل مفاوضات الحل السياسي في سوريا، ورسمت لجهود وتحركات تركية اوايرانية، وبنسبة اقل، سعودية، للبحث في معالجة الازمة السورية، من دون ان تكون قاعدتها اسقاط الاسد، فيما تسابق قادة فرنسا وبريطانيا والمانيا والادارة الاميركية في الاستعداد للتعامل مع النظام السوري لمحاربة الارهاب والوصول الى حل سياسي للازمة السورية، فيما قوى الرابع عشر من آذار تغرد خارج المتغيرات والتطورات المتسارعة، التي قرأها راعيها الاقليمي والدولي جيدا، فيما هي لم تستطع بعد، ان تتلمس ما يجري. فهل تحتذي قوى 14 آذار بـ «تكويعة» راعيها الاقليمي والدولي بشأن سوريا، فيما هناك من يرى أن لا استحالة في «تكويعات» لبنانية، بشأن الملف السوري، طالما هناك من يقول ان التكويعة الاوروبية او الاميركية … اين منها «التكويعة الجنبلاطية»؟