IMLebanon

المصارف اللبنانية: حجر زاوية الإقتصاد الوطني

Joumhouriya-Leb
طوني رزق

تمكّنت المصارف اللبنانية، خلال النصف الاول من العام الجاري، من تأكيد قوتها وصلابتها في قَضم الاعصارات الامنية والسياسية والارهابية التي تهزّ لبنان والمنطقة بأكملها.

وظلّ القطاع المصرفي اللبناني وحده المصدر الاساسي الداعم للنمو الاقتصادي في لبنان الذي يمر في ظروف صعبة على مختلف الاصعدة. ويساهم القطاع المذكور بنسبة 7 في المئة من الناتج الوطني العام، وتتجاوز قيمة موجوداته 3,7 مرّات حجم الاقتصاد الوطني كما عَكسته الارقام في نهاية شهر حزيران العام 2014.

كما توفّر المصارف اللبنانية التمويل الاكبر للدين الوطني العام، هذا الدين العام الذي بلغ 65,70 مليار دولار في حزيران الماضي. ويتألف هذا الدين بنحو 60,3 في المئة منه بالعملة الوطنية، ويتوزّع الى 52,7 في المئة تُوَفّرها المصارف اللبنانية والـ 29,9 في المئة يوفّرها مصرف لبنان المركزي والـ 17,4 في المئة من خارج القطاع المصرفي.

ويؤهّل ذلك الحكومة اللبنانية الى حد كبير في الاحتفاظ بقدرتها على الإيفاء بديونها عند الاستحقاقات المتتالية، الامر الذي دعم مصداقيتها المالية في المجتمع الدولي. ومرة جديدة أظهرت المصارف اللبنانية في العام 2014 قدرتها على التأقلم مع الظروف الصعبة وتجاوز الصدمات على أنواعها.

اذ انها ظلّت متمتعة بسيولة كبيرة بلغت في النصف الاول من العام نحو 32,02 في المئة من مجمل حجم الودائع، كما بلغت نسبة القروض الى الودائع 37,53 في المئة. ولم تتوقف المصارف اللبنانية عن توسيع انتشارها المحلي والخارجي، فارتفعت الفروع المصرفية من 1085 فرعاً في العام 2012 الى 1131 فرعاً في العام 2013 والى 1166 فرعاً في العام 2014.

وحققت مجموعة «الفا»، والتي تشكّل أكبر 14 مصرفاً لبنانياً وتتميز بتجاوز حجم ودائعها الملياري دولار اميركي وتشكّل 93 في المئة من مجموع الموجودات في القطاع المصرفي اللبناني، نمواً ونسبته 10,9 في المئة وحجم موجوداتها من 166,34 مليار دولار في حزيران 2013 الى 184,42 مليار دولار في حزيران 2014.

كما ارتفع حجم ودائع المصارف الكبرى في لبنان بنسبة 10 في المئة خلال الفترة المذكورة الى 153,86 مليار دولار. وتوزّعت الزيادة بين 5,2 في المئة للودائع بالليرة الى 45,23 مليار دولار، وبين 12,1 في المئة بالعملات الاجنبية الى 108,63 مليار دولار.

كما تمكنت مصادر مجموعة «الفا» من إنهاء النصف الاول من العام محقّقة نمواً في أرباحها بنسبة 4,8 في المئة الى 910,48 ملايين دولار، مقارنة مع أرباحها في النصف الاول من العام 2013.

من جهته بقي مصرف لبنان المركزي العامل والمحرك الرئيسي لديناميكية القطاع المصرفي اللبناني. فقد التزم البنك المركزي سياسات تحفيز النمو الاقتصادي الى جانب المحافظة على الاستقرار النقدي وعلى صلابة النظام المالي في لبنان. وشجّع مصرف لبنان المركزي سلسلة عمليات دمج واندماج في القطاع المصرفي اللبناني خلال العام 2014.

فاستحوذ فرنسبنك على البنك الاهلي الاردني، وتجري مفاوضات اندماج بين بنك الصناعة والعمل وبنك NECB التجاري للشرق الادنى، كما يخطط بنك Cedrus لشراء ستاندر شارترد بنك. وتمكن القطاع المصرفي اللبناني من سدّ الهوّة التي جاءت نتيجة تراجع النشاط في القطاع العقاري والسياحي والتجاري في لبنان، كما يغطي النجاح المصرفي اللبناني ويقلل من سلبيات العجز التجاري اللبناني العام والدين العام اللبناني المتفاقِم.

فجميع المراجعات والتحليلات الدولية، والتي تلحظ الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان اقتصادياً ومالياً، تشير دائماً الى الدور الايجابي الذي يؤديه القطاع المصرفي اللبناني في سد الثغرات في مختلف الاتجاهات. فمصداقية لبنان المالية وقدرة قطاعه المصرفي على تلقّي الصدمات والتعامل معها سوف يظلّان يؤديان دوراً ايجابياً ويمثّلان اختراقاً تفاؤلياً لمختلف التقارير الدولية عن لبنان.

مكامن الخطر

غير انّ القوة الداعمة للقطاع المصرفي لا تخلو من بعض التساؤلات، نظراً لتطور بعض الارقام والنسَب المالية المصرفية والاقتصادية اللبنانية.
وفي طليعة هذه النسَب، التي بدأت بتجاوز الخطوط الحمر للمعايير الدولية الحديثة من اجل استقرار مالي واجتماعي، نسبة القروض للقطاع الخاص الى حجم الاقتصاد الوطني او الناتج القومي العام، حيث ارتفعت هذه النسبة الى 127 في المئة.

وعلى رغم انّها تعكس اهمية دور المصارف في تمويل الاقتصاد الّا انها تجاوزت نسبة الـ 120 في المئة التي تعتبر بالمعايير الدولية والحدود القصوى لقروض القطاع الخاص، خصوصاً انّ هذه النسبة ترافقت مع ارتفاع حجم القروض والتسليفات بنسبة 16,5 في المئة كما في نهاية شهر حزيران 2014 وعلى أساس سنوي، علماً انّ النسبة القصوى هي 17 في المئة على مدى خمسة اعوام.

وهذا يعني في المعادلات الدولية انّ لبنان يقترب من الدخول في أزمة مالية حادة. ويُشار الى هذه المخاطر على رغم انّ 76,32 في المئة من الديون المشكوك بتحصيلها مُغطّى بمؤونات حتى حزيران 2014، وانّ هذه الديون المشكوك بتحصيلها لا تمثّل سوى 1,30 في المئة من مجمل محفظة القروض والتسليفات.