IMLebanon

المكافحة مستمرة لكن… بِلا قانون «سلامة الغذاء»

frozen-food
ايفا ابي حيدر
مرّ أسبوع على بدء مسلسل فضائح الأمن الغذائي التي أثارها وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور، تخلله إقفال بعض اقسام اللحوم في السوبرماركات والملاحم والمطاعم. وعلى رغم دسامة الملف ووَقعه على اللبنانيّ، لم ينكبّ المسؤولون السياسيون المعنيون لإقرار قانون سلامة الغذاء باعتباره موضوعاً طارئاً وضرورياً، انما اكتفوا بالاستنكار أو التضامن مع ابو فاعور.
قدّم الوزير الشهيد باسل فليحان عام 2003 قانوناً يتعلق بسلامة الغذاء، تنقّل بين اللجان المشتركة واللجنة الفرعية وصولاً الى المجلس النيابي ليعود مجدداً الى اللجان المشتركة… اليوم، وبعد أكثر من عشر سنوات لا يزال القانون قابعاً في أدراج اللجان المشتركة.

فبعدما طرحه فليحان، أحاله رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اللجان المشتركة نظراً لأهميته وللإسراع بإقراره. اللجان المشتركة أقرّته من دون تعديل وأرسلته الى الهيئة العامة.

في الهيئة العامة اعترض عليه بعض الوزراء على اعتبار انّ إنشاء هيئة وطنية لسلامة الغذاء يأخذ بعضاً من صلاحياتهم. وأصرّ الوزراء حينذاك على الصلاحيات من دون الاهتمام بصحة المواطن. عاد مشروع القانون الى رئاسة المجلس النيابي الذي عاد وأرسله الى اللجان المشتركة. اللجان المشتركة ألّفت لجنة مشتركة ترأسها النائب عاطف مجدلاني.

ومع بدء مناقشة مشروع القانون عادت الاعتراضات نفسها لتظهر من الوزارات المعنية وللاسباب عينها، فتوقفت أعمال اللجنة الى حين مجيء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي سحبت هذا المشروع من المجلس النيابي.

فتقدّم النائب مجدلاني مجدداً في 8 تشرين الاول 2012 بمشروع القانون على شكل اقتراح مع إدخاله لبعض التعديلات عليه. فأرسله الرئيس بري الى اللجان المشتركة، لكنّ اللجان المشتركة تأخّرت في ادراجه على جدول الاعمال، ولم تعطه الاولوية، والمشروع لا يزال قابعاً في أدراج اللجان المشتركة. فلم يتهرّب بعض النواب من اقرار هذا القانون على رغم خطورته وأهميته؟

يشير رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني الى انّ «قانون سلامة الغذاء يقرّ بإنشاء هيئة وطنية لسلامة الغذاء، تتمتع بصلاحيات واسعة تبدأ من وضع الشروط على كلّ ما يخصّ الغذاء ووضع كل ما يلزم لتتبّع ومراقبة مراحل إنتاج الغذاء او استيراده، الى مراحل نقله وتحويله وتصنيعه وتخزينه وتوزيعه. ويفترض بأن يكون لهذه الهيئة جهاز تنفيذي في وحدة الدراسات والابحاث العلمية، وحدة لتقييم المخاطر، وحدة للمراقبة ووحدة لنظام الانذار السريع ووحدة لادارة الأزمات.

والهيئة هي وحدة مستقلة عن بقية الوزارات، تعيّنها الحكومة وتتألف من خبراء يمتازون بمستوى عال من الكفاءة العلمية مهمتهم مراقبة الغذاء من الانتاج الى الاستهلاك. والهيئة هي مؤسسة مستقلة إدارياً ومالياً، لديها كل الصلاحيات التي تسمح لها بتنفيذ المسؤوليات المُلقاة على عاتقها».

وحول سبب الاصرار على إنشاء هيئة وطنية لسلامة الغذاء على رغم انّ هذا البند يحول دون اقرار قانون سلامة الغذاء، أوضح مجدلاني انّ المطلوب إنشاء هيئة واحدة قادرة على متابعة الغذاء في كل مراحله، فتكون حلقة المسؤوليات مترابطة بحيث انّ هيئة واحدة ترعى هذا الموضوع كي لا تضيع المسؤوليات.

وبرأي مجدلاني انّ اعتراض بعض الوزراء يأتي من قناعة بأنّ الوزارة ملك لهم ولا يمكن لأحد ان ينزع صلاحيات الوزير منهم. أمّا اليوم ومع تغيّر الوزراء، دعا مجدلاني الى إعادة طرح هذا الموضوع على اللجان المشتركة على اعتبار انّ موضوع سلامة الغذاء ضروري وآنيّ.

حملة أبو فاعور

وعن رأيه في الفضائح الغذائية التي تتكشّف يوماً بعد يوم، قال: «انّ ما يقوم به أبو فاعور مفيد للمواطن، ويجب أن تشمل هذه الحملة كل المناطق اللبنانية، من أصغر ملحمة الى أكبر مسلخ ومن أصغر متجر الى أكبر سوبرماركت».

وشدّد مجدلاني على ضرورة فحص المياه، وإرسال حملة مراقبة على المياه، بدءاً من خزّانات الدولة الى شبكة مياه الدولة الى الصهاريج التي توزّع المياه الى المنازل الى شركات مياه التعبئة التي فيها ما يفوق 700 شركة مياه مخالفة، وتعمل من دون ترخيص، بل تسرق مياه الدولة وتبيعها الى المواطنين، وهي مياه ملوّثة.

واعتبر مجدلاني انّ ما يحدث اليوم هو تعاطٍ مع النتائج، فالوزير ابو فاعور مشكور على العمل الذي يقوم به، لكن ما يقوم به هو الكشف على اللحوم الملوّثة، واصدار قرار بإقفال المحل وإحالته الى القضاء. بهذه الطريقة يعالج أبو فاعور النتيجة، ولا يعالج السبب.

يجب النظر الى الاسباب التي جعلت من هذه اللحمة ملوّثة. فهل هي ملوّثة من المسلخ؟ أو تلوّثت بعدما وضعها اللحّام في آلة الفرم؟ أو لأنها تلوثت بعد غسلها بالمياه الملوثة؟ تحديد أسباب التلوث كان يفترض ان تدخل ضمن عمل الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء.

فمراقبة الاسواق والغذاء يفترض ان تكون عملاً يومياً ومستمراً، خصوصاً أنّ المراقبة تبدأ من الارض من أنواع المبيدات المستعملة مع المزروعات، ونسبتها والكميات الموضوعة، طريقة الري ومصدر المياه، هل هي مياه صرف صحي أو مياه نظيفة؟

ورداً على سؤال، لفت أبو فاعور الى انّ الوزارات المعنية بسلامة الغذاء من صناعة وزراعة وسياحة وصحة وداخلية ستجتمع يوم الخميس المقبل، بمشاركة النائب مجدلاني الذي أعلن أنه سيطرح خلال اللقاء اقتراحاً يقضي بإنشاء هيئة خبراء ممثلين لمختلف الوزارات تستكمل العمل الذي يقوم به أبو فاعور اليوم مع توسيع النشاط اكثر وتوثيقه بانتظار إقرار قانون سلامة الغذاء.

كما دعا مجدلاني الى حَثّ البلديات على القيام بمسؤولياتها تجاه المؤسسات التي تتعاطى بالغذاء ضمن نطاق كل بلدية، ما يساعد أكثر على ضبط موضوع سلامة الغذاء ومراقبته، خصوصاً أنّ من صلاحية البلديات مراقبة المؤسسات التي تتعاطى بالغذاء.