IMLebanon

لبنان بين “لعبة الشارع” و”لعبة الأمم”

tayyar-mouzaha

 

 

كتبت هدى شديد في صحيفة “النهار”:

هل هي قصة تأجيل تسريح عماد أو إنهاء خدمة عميد؟ أم إنه التمهيد للتسوية المقبلة على لبنان من البوابة السورية، بتفويض أميركي – روسي لرعاية ايرانية؟

بالرغم من تعميم جميع الأطراف اجواء التهدئة تمهيداً لزيارة وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف لبيروت، يمضي “التيار الوطني الحرّ” بتحضيراته للنزول الى الشارع، منطلقاً من مسلمتيْن عُممت على كوادر غرفة عملياته: ممنوع منعاً باتاً حصول أي مواجهة مع الجيش، وممنوع السماح بتحويله الى “جيش لحماية النظام” وفق الشعار الذي أطلقه العماد ميشال عون في كلمته السبت الماضي. وفي انتظار تحديد الساعة الصفر للتحرّك، يدرس عون وحليفه “حزب الله” توقيت بدء التحرّك والخطوات التي يفترض ان تعقبه. اما ما يطرح من صيغ تسويات ربع الساعة الأخير تحت عنوان حفظ الشراكة الحقيقية ومنع الاقصاء والتهميش، فلا يعدو كونه تعبئة تدريجية لنزع كل الذرائع وإعطاء كل المبرّرات للمعركة الكبرى التي أعطيت عنوان “استعادة الحقوق”. ولسان حال المطلعين على التحضيرات والاتصالات السرّيّة لهذا التحرّك “إن من طرحوا قضية العميد شامل روكز إنما فعلوها من أجل أخذ التيّار الى “الشخصنة”، فيما هي “معركة شاملة” وليست “معركة شامل”، والايام المقبلة كفيلة بتظهير الأبعاد الحقيقية للمعركة الاستراتيجية التي فتحت.

في المقابل، يقول المطلعون في المقلب الآخر إن العماد عون أخطأ في توقيت المعركة التي ليست سوى معركة خاصة، حتى أن لا أبعاد لها خارجية ولا حتى لبنانية. ولذلك فإن “حزب الله”، هو داعم للعماد عون، بقدر ما هو ضد هزّ الاستقرار، وما زال يسعى لإيجاد مخرج بالتمديد للعميد شامل روكز من خلال رفع سن التقاعد للعسكريين. الا ان هذا المخرج دونه عقبتان أساسيتان، هما الرفض المطلق من كتلة “المستقبل”، والتزام العماد ميشال عون مع “القوات اللبنانية” عدم السير بأي تشريع في المجلس النيابي لا يمرّ حكماً بإدراج قانون الانتخاب في جدول اعمال اي جلسة تشريعية. وعلم أن هذا الباب أقفل نهائياً مع ابلاغ “القوات” للعماد عون الذي يبحث عن حلّ وليس عن مشكلة، بأن هذا الأمر غير وارد على الإطلاق. ويشير هذا الفريق الى ان “حزب الله” ليس في وارد خربطة الوضع الداخلي أو تغطية النزول الى الشارع، وما خريطة الطريق التي اقترحها اللواء المتقاعد جميل السيّد في مقالته الاخيرة، الا تعبير عن وجهة نظر هذا الفريق بأن “الحلّ الوحيد امام العماد عون هو الاستقالة وكتلته من المجلس النيابي”، وخصوصاً ان هذا الرأي سبقه ايضاً موقف شبيه رافض للعبة الشارع وهزّ الوضع الداخلي، عبّر عنه كل من النائبين سليمان فرنجية وطلال إرسلان.

وبالرغم من ذلك، يراهن البعض على ان الحكومة بعد رئاسة الجمهورية ومجلس النواب قد تعطّلت كلياً، ولن يكون في وسعها بعد اليوم اتخاذ قرار واحد، وان قضية العميد روكز ليست سوى واجهة لعملية دفع يقودها علناً “التيار”، مدعوماً من “حزب الله”، في اتجاه تسوية كبرى بدأت ترتسم ملامحها بعد الاتفاق النووي بين ايران والغرب وما أعقبه من لقاءات مفصلية في رسم خريطة توزّع النفوذ في المنطقة بين الأميركيين والروس، وصولاً الى سوريا ولبنان، وان من نسي كيف حلّت تسوية اتفاق الطائف لا بدّ انه يتذكّر الوقائع الدموية التي سبقت اتفاق الدوحة. ولكن في موازاة هذه القراءة، ثمة بعض آخر يرى فيها استعجالاً لعملية طويلة الأمد لن تتظهٰر ملامحها في لبنان إلا بعد أن يرسو مشروع الاتفاق الذي يجري وضعه لإنهاء النزاع في سوريا. فهناك “خلط أوراق” في المنطقة كما في لبنان. والتسوية في لبنان لم يحن بعد وقتها، ومن المبكّر جداً الرهان على “خلطة عجيبة” يعمل عليها الأميركيون والروس، ولا تبدأ من اليمن والمنطقة فحسب، بل من أوكرانيا. والى ان تصل الى لبنان، ستشهد الساحة اللبنانية سلسلة صدمات وصدامات، فيما اللبنانيون غارقون في تعييناتهم وكهربائهم، ومياههم، ونفاياتهم، ونحو مليون ونصف مليون من النازحين السوريين، ومن يقودهم رجال سلطة يتصارعون على مصالح ونفوذ، هم فيها نازحون عن التقدير، بدلاً من مواكبة المناخ الخارجي بحسن التدبير.