IMLebanon

من يُجري استشارات التكليف إذا استقالت الحكومة؟

tamam-salam-government

 

 

كتبت منال شعيا في صحيفة “النهار”:

أمّا وقد جنح التعطيل نحو مجلس الوزراء، فقد بدأت نتائج الفراغ الرئاسي تتمدّد على كل المرافق التشريعية والتنفيذية. وحدها، ربما السلطة الامنية تفعّل ” نشاطها”، وخصوصا بعد اعتقال الشيخ احمد الاسير.

وفي حين يبدو ان جلسات مجلس الوزراء المقبلة تواجه اكثر من عقبة، ولا دعوة الى جلسة جديدة وفق المدى القريب، يلفت ما يتردد بين حين وآخر عن استقالة للحكومة او اعتكاف لبعض وزرائها، لا سيما بعدما علّق الوزير بطرس حرب مشاركته في جلساتها اثر الجلسة الاخيرة.

وابعد من المعلومات التي تشاع احيانا في كواليس المقار الرسمية، واعمق من “الرسائل” السياسية التي توجه بين الافرقاء انفسهم، الحلفاء والخصوم، تبدو الامكانات الدستورية المتاحة ضيقة جدا، مقارنة بالظروف التي تعيشها البلاد. فاذا استقالت الحكومة، من يقوم باستشارات تكليف رئيس حكومة جديد، تمهيدا لاستشارات التأليف؟

بين الدستور والواقع

دستوريا، ووفق المادة 53 من الدستور، يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استنادا الى استشارات نيابية ملزمة، يطلعه رسميا على نتائجها. ويصدر رئيس الجمهورية منفردا، مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء. ولاحقا، يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء او اقالتهم، ويصدر منفردا المراسيم بقبول استقالة الحكومة او اعتبارها مستقيلة.

كل هذه المعادلات ضربت مع افراغ قصر بعبدا من رئيسه. وباتت لغة الدستور شبه معطلّة، في وقت يقفز كل فريق فوق عناوين سياسية كبيرة، لا اطر عملية لها. وبالتالي، اذا استقالت الحكومة، من يجري استشارات التكليف اولا؟

يجيب الدستوري هادي راشد ان لا استشارات في هذه الحال. ويشرح لـ”النهار”: “دستوريا، لا امكانية ابدا لهذا الاجراء. ففي حال استقالت الحكومة لن يكون هناك تكليف لرئيس حكومة جديد. لذلك، اذا وقع اي طارىء يمكن ان يحول دون متابعة الرئيس تمام سلام لمهماته، سنكون في مأزق حقيقي”.

ولكن ماذا عن القول بان الـ24 وزيرا يحلّون مكان رئيس الجمهورية؟ يجيب راشد: “هذه هرطقة دستورية. لان الوزراء 24 يحلّون مكان الرئيس في القرارات المؤسساتية لا غير، اي تلك التي تتعلق برئاسة الجمهورية كمؤسسة. اما في ما يتعلق بالقرارات المتصلة بشخص الرئيس، فلا احد يحلّ مكانه. في الاساس، هناك استحالة في حال تكليف رئيس حكومة جديد، ان يحلّ احد مكان رئيس الجمهورية، لان شخصه ووجوده مهمان لاجراء التكليف”.

ويسأل: “هل يذهب الـ128 نائبا عند الـ24 وزيرا؟”.

وسط هذا الواقع، اي تصنيف يمكن ان يطلق على الحكومة الحالية؟ يرى راشد ان “الحكومة الحالية مشلولة. ففي القرارات الفردية، يحاول كل وزير ان يقوم بمهماته قدر الامكان، اما في القرارات التي تتطلّب توافقا او اجماعا، فهي مشلولة تماما. وعلى الرغم من هذه العرقلة، فان الاستقالة ممنوعة. وبالتالي، ان كل كلام عليها يندرج في الاطار السياسي البعيد كل البعد عن الاطر الدستورية. وفي الوقت نفسه، ثمة استحالة للاستقالة، لان ما وراء الاستقالة فراغ تام. وحتى اللحظة، لا احد مستعداً لتحملّ مثل تلك الواقعة”.

ولكن ماذا اذا لم يدع سلام الى جلسة مقبلة للحكومة، اي واقع دستوري سنواجهه؟ يقول راشد ان “الحكومة الحالية في موقع تصريف الاعمال حين تستطيع، وفي موقع الشلل التام حين يتطلّب الامر اجماعا لمجلس الوزراء”، مذكرا ان “لبنان سبق أن عاش الكثير من الخضات المماثلة، فبقي في العام 1969 نحو تسعة اشهر من دون حكومة ايام الرئيس رشيد كرامي, واليوم، مرّت سنة وثلاثة اشهر من دون رئيس للجمهورية. كما لو ان كل شيء ممكن في لبنان”.

باختصار، بتنا على مشارف الفراغ الكلي. فاما انتخاب رئيس لاعادة الحياة السياسية الى دورتها الطبيعية، او توافق حقيقي يعيد جميع الاطراف الى طاولة مجلس الوزراء، المؤسسة الوحيدة التي تعمل حتى اليوم. اقلّه لامرار المرحلة بأقل قدر من الاخطار.

وحين “تأتي” الساعة، ستعود الامور الى نصابها الصحيح بدءا من الرئاسة مرورا بمجلس النواب وصولا الى الحكومة، وحتى تلك اللحظة، قد يقال الكثير، في السياسة، عن استقالة للحكومة، اما في الدستور فالاستحالة كاملة.