IMLebanon

عام 2015 حلّ ضيفاً ثقيلاً على الزراعة ويحمّلها خسائر: الصادرات تتراجع ولا إشارات إلى أي تحسُّن

AgricultureBekaaHarvest

ميليسا لوكية

وصلت تبعات الاهمال المنتشر في مفاصل الدولة إلى كل القطاعات الانتاجية، ما جعل المؤتمنين عليها يقاومون بمفردهم التلاشي الذي تمر فيه البلاد. وقد شمل هذا الواقع الزراعة التي تكبّدت خلال الأعوام الماضية خسائر بلغت ذروتها عام 2015، نتيجة تضافر عوامل أثرت على الصادرات ومعنويات المزارعين. وفي ظل تعدُّد الحلول للنهوض بالزراعة، لا يتوقع المعنيون أن تكون هذه السنة أفضل من سابقاتها.
يساهم القطاع الزراعي بـ6 إلى 21% من اجمالي الناتج المحلي، ويشغل ما بين 20 إلى 03% من إجمالي العاملين في لبنان، في حين أنَّ عدد المستفيدين منه يناهز المليون و200 ألف مواطن، أي ما يوازي نحو 52% من عدد القاطنين في لبنان. وتسلّط هذه الأرقام الضوء على أهمية دعم هذا القطاع، خصوصاً أنَّ المزارعين شكوا مراراً وتكراراً من الكساد والخسائر التي طاولت محاصيلهم.
حمل العام المنصرم أسوأ الأيام الزراعية في تاريخ لبنان، وفق رئيس تجمّع مزارعي وفلاحي البقاع ابرهيم ترشيشي، الذي يعتبر ان هذا الامر مرده إلى اقفال المعابر البرية بدءاً من 1 نيسان 2015، وتالياً توقف تصدير المنتجات اللبنانية عبرها. ورغم أنَّ الدولة وفرت الدعم اللازم للتصدير بحراً، “لم يلق المزارعون النتائج المرجوة بفعل غياب التنظيم، المشكلات في آلية التطبيق واحتكار شركتين للموضوع، ما ترك الأسعار مرتفعة وجعل الدعم الممنوح من الدولة يذهب سدى”.
ويضيف ترشيشي لـ”النهار” أنَّ الظروف المناخية المتقلّبة أثرت سلباً على الزراعات الحقلية والأشجار المثمرة، وحتى على القمح. ففقد المزارع نحو %50 من انتاجه، في حين أنَّ العاصفة الرملية التي سيطرت على البلاد في أيلول الماضي أضرّت بالزراعات المتأخرة. يُضاف إلى كل هذه العوامل، التضارب الحاصل في الأسواق التي تعتبر ملاذاً آمناً للصادرات المحلية، كمصر، السعودية والامارات مثلاً.
وإذ يرى أنَّ السنة الجارية لم تحمل اشارات إلى أنَّها ستكون أفضل من سواها، يعتبر أنَّ الحل يكمن في إعادة برمجة القطاع بالتناغم مع المتغيرات والانكماش في المنطقة ككل وتراجع القدرة الشرائية لدى مواطنيها عموماً، فضلاً عن وقف احتكار بعض الشركات لأسواق البذور والأسمدة، وإعادة النظر في الأسعار التي تحددها.

العوامل الطبيعية… سلبية!
يتفق رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك مع ترشيشي على أنَّ العام الماضي كان سيئاً جداً بالنسبة إلى القطاع، لكنّه يشير الى أنَّ اقفال المعابر أخّر وصول المنتج اللبناني إلى الأسواق المستوردة، فضلاً عن أنَّ الحظر الأوروبي المفروض على روسيا بفعل الأزمة الأوكرانية أثّر هو أيضاً سلباً على الصادرات، وخصوصاً التفاح الذي واجه تنافساً من جانب نظيره الأوروبي الذي اقتحم الأسواق المصرية، الخليجية وغيرها.
نتيجة لذلك، تراجعت الصادرات بنسبة %35 وفق الحويك الذي يقول لـ”النهار” إنَّ أهم الزراعات المتأثرة هي التفاح، الموز، الحمضيات، الخس، الملفوف، في حين أنَّ البطاطا حافظت على موقعها في الأسواق التي تستهلكها، بدليل أنَّ لبنان صدّر نحو 150000 طن منها في 2015، بزيادة %50 تقريباً عن الأعوام الماضية.
وتكمن الحلول برأيه “في توفير إدارة جيدة للملف الزراعي، متابعة الدولة له وحماية المنتجات المحلية من المنافسة، وتحديداً من المنتجات السورية، فضلاً عن إعادة النظر في الروزنامة الزراعية وإنشاء مؤسسات قادرة على تحويل المحاصيل الكاسدة منتجات صناعية، كتحويل الليمون عصيراً مثلاً. وهنا يشدّد على أنَّ توفير القروض للمزارعين وايجاد مؤسسات عامة للضمان الزراعي من الكوارث، والتي علّق القانون المرتبط بها منذ 2005 في مجلس النواب، يشكّلان أيضاً وسيلتين انقاذيتين للمزارعين.
وعن أهمية اللجوء إلى الزراعات البديلة ليتمكن المزارعون من الإفادة من أراضيهم وتقليص الخسائر التي ألمّت بهم نتيجة العوامل الطبيعية، الاهمال السياسي والواقع المهيمن على المنطقة، يلفت رئيس جمعية المزارعين في الجنوب رامز عسيران الى أن لا مفر من سلبيات الناتجة من تقلّبات الطقس، مشدّداً على أنَّ تكاليف تركيب خيم بلاستيك تتحمل سرعة رياح مرتفعة جداً تبلغ نحو 50 دولاراً للمتر المربع، و”هذه التكلفة مرتفعة جداً بما أنَّ العواصف لا تطول”.
ومن أهم الصعوبات التي تواجه اللجوء إلى زراعات بديلة، كالكينوا مثلاً الذي يجد في لبنان أرضاً خصبة لنموّه، ضرورة توفير مختلف الأصناف التي تحتاج إليها الأسواق، بحسب عسيران، الذي يختم بأن التنسيق بين القطاعين العام والخاص ضروري حيال توفير أسواق للمنتجات المحلية، تعليم المزارعين سبل الإفادة من مواسمهم بأقل تكلفة ممكنة وحمايتهم من الأمراض.