IMLebanon

من يوقظ الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟

publicprivate
عزة الحاج حسن

يبرز قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص كحلٍ ربما “وحيد” لإعادة إحياء مؤسسات الدولة وتفعيل إنتاجيتها وتمويل وإنشاء بنى تحتية، نظراً الى حال “الشلل” التي تصيب غالبيتها و”الفشل” الذي يغرق به بعضها، وفي ظل تقاعس الدول عن المكافحة الفعلية للفساد الذي ينخر مؤسساتها ومرافقها وعجزها عن تقديم أبسط الخدمات الى مواطنيها.
مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإن كان يختلف من حيث الشكل والمضمون عن الخصخصة التي لاقت اعتراضات كبيرة بين السياسيين وفاعليات المجتمع المدني، ورغم التوافق العلني الذي حصده بين أركان الدولة كافة في العام 2007 فإنه ما يزال عالقاً منذ ذلك الحين في الأدراج، لأسباب لا يمكن تسميتها إلا بـ”الفاسدة”.
فالمحاصصة وحماية المصالح الخاصة تقفان دوماً خلف عرقلة قانون الشراكة بين القطاعين، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، ويبررهما غالبية السياسيين بـ” حماية صلاحيات الوزير وهيبة الدولة”، باعتبار أن إشراك القطاع الخاص في مؤسسات الدولة سينتقص من هيبتها وصلاحياتها.
وفي مقابل عرقلة مشروع الشراكة تلجأ معظم الوزارات إن لم نقل كل الوزارات الإنتاجية الى استقدام شركات من القطاع الخاص وتوكل إليها إحدى المهام المعنية بالوزارة وهي إدارة المرفق، وذلك تحت خانة “عقد الإدارة”، وخير مثال هي عقود الإدارة التي تربط وزارة الطاقة والمياه بالشركة التركية “كاردينيز” المستقدمة لبواخر الطاقة، والعقود التي تربط وزارة الإتصالات بشركتي الخلوي المشغلتين لقطاع الإتصالات في لبنان، فما هي العوامل التي تستبعد قوننة الشراكة مع القطاع الخاص وتدفع الوزارات الى تعميم “عقود الإدارة”؟
يصف حايك في حديثه الى “المدن” عقود الإدارة التي تبرمها الوزارات مع الشركات الخاصة بـ”أسوأ الشراكات” وهي أن تقوم الدولة بتلزيم شركة خاصة للقيام بمشروع معين، على أن تتولى الشركة المكلفة إدارته وتتحمل الدولة جميع التكاليف والنفقات، والخسائر في حال وقعت. ويرى أن اتساع دائرة التوظيفات والحصص التي ينالها الوزراء من المرافق التابعة لوزاراتهم هي السبب الرئيس الذي يقف وراء قلقهم من الشراكة مع القطاع الخاص وعرقلتهم لها.
وعن حلول بديلة لإصلاح مرافق الدولة ومؤسساتها في حال استبعدنا الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يرى الخبير الإقتصادي ايلي يشوعي في حديثه الى “المدن” أن لا خيارات أمام المعنيين لإعادة إحياء الدولة و”مأسستها” إلا عن طريق الخصخصة، وهنا يذهب يشوعي لأبعد من الشراكة مع القطاع الخاص لعدم ثقته بقدرة الدولة في إدارة مرافقها، ويحذّر من توجه بعض مرافق الدولة الى الإنهيار الكامل ما لم تتم خصختها وانتشالها من العجز لاسيما قطاع الكهرباء.
وللتمييز بين الشراكة والخصخصة لا بد من التذكير بأن الشراكة بين القطاعين الخاص والعام أي (public–private partnership (PPP هي نوع من أنواع التعاقدات التي تتم بين قطاعات الدولة مع شركات القطاع الخاص، بهدف تنفيذ مشروعات ضخمة تحتاج إلى تمويل كبير، مثل مشروعات البنى التحتية كالإتصالات والكهرباء والصرف الصحي والطرقات والجسور وسكك الحديد وشبكات المياه وغيرها، أما الخصخصة أي privatization فهي انتقال ملكية المؤسسة العامة من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
إذا كانت الدولة عاجزة عن ممارسة مهامها بتقديم الخدمات لمواطنيها كالطبابة والتعليم والنقل والكهرباء والمياه وغيرها، وغير مقتنعة بمشروع الخصخصة وغير قادرة على إقرار مشروع الشراكة مع القطاع الخاص منذ سنوات وإسناد بعض مسؤولياتها إليه، فأي مصير ينتظر الملفات المعيشية والإجتماعية وأي حلول ينتظرها ملف النفايات؟