IMLebanon

الحريري: باب المحاسبة فُتح في “المستقبل”

saad-al-hariri-new

أكد الرئيس سعد الحريري أنّ لا حل الا بإنتخاب رئيس للجمهورية ما يسمح باعادة عمل المؤسسات الدستورية، لافتاً إلى أنّ الهدف من حوار “تيار المستقبل” مع “حزب الله” هو خفض التوتر ودرء الفتنة بين السنّة والشيعة.

الحريري، وخلال إفطار رمضاني في شتورا، أشار إلى أنّ الإنتخابات التي ستجري في “تيار المستقبل” ستتم في كل المناطق وكل القطاعات، مشيراً الى أنّ كل هيئات التيار تقوم حالياً بتسيير أعمال حتى نصل الى المؤتمر العام الذي هو التعبير الحقيقي عن فتح باب المحاسبة داخل التيار.

وقال: عندما نتحدث عن الحريرية السياسية نتحدث عن الوطنية واهمها حماية البلد واستقراره وحماية اللبنانيين في كل المناطق وحماية العيش المشترك والوحدة الوطنية، مضيفاً: ثوابتنا هي الاعتدال ورفض الفتنة وحماية الدولة ورفض أيّ اعتداء على سيادتها وحقها الحصري بإمتلاك السلاح.

وتابع الحريري: رغم كل محاولات إلباس أهالي عرسال صفة التطرف والتعصب والخروج عن الدولة الا انّهم تمسكوا بالدولة ومؤسساتها وعلى رأسها المؤسسة العسكرية.

نص كلمة الحريري

أهلي وأحبتي ورفاقي

من البقاع الغربي وراشيا وعرسال،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل رمضان وأنتم بألف خير.

إفطارنا اليوم يكتسب بنظري أهميةً مضاعفة. فهو أول فرصة تتاح لي لزيارة هذه المنطقة العزيزة على قلبي ولقاء أهلها الأوفياء الطيبين بعد سنين من الغياب القسري للظروف التي تعرفونها جميعاً.

وهذه مناسبة لأعبّر عن شكري لكم وامتناني شخصياً لكل واحد وواحدة منكم على الوفاء الذي أظهرتموه وتظهرونه كلّ يوم لخط تيار المستقبل والحريرية الوطنية والذي ظهر جلياً في الانتخابات البلدية الأخيرة في كل البقاع الغربي وراشيا بالتعاون مع الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يشاركنا هذا الإفطار في هذه الليلة الرمضانية المباركة.

أيها الأحبة،

إن لمنطقتكم العزيزة احتياجات مزمنة يزيد منها ما تسببه الأزمة السورية المجاورة من إقفال في وجه تصريف منتجاتكم الزراعية، ومن تدفّق لإخوتنا الهاربين من نارها، وقد كنتم وما زلتم، عنواناً في الشهامة والمروءة العربية الأصيلة في استقبالكم لهم والعمل على التخفيف من معاناتهم والويلات التي دفعتهم للهروب من بطش نظام الأسد وحلفائه المجرمين.

أقولها، ولا عجب، فأنتم من كان رفيق الحريري يقول عنكم: “أهل البقاع، أهل للسيف، وللضيف، ولغدرات الزمن!”. هكذا كنتم، وهكذا أنتم، وهكذا ستبقون بإذن الله. وهنا أريد أن أقول أن هذه المشاكل تأتي لتضاف فوق مشاكل البلد عموماً من تراجع اقتصادي عام وصعوبة فرص العمل للشباب خصوصاً وغياب أي عمل جدي على البنى التحتية. هذه المشاكل مرتبطة بالوضع السياسي الذي نعمل لنجد له حلا بأسرع وقت ممكن. وبنظرنا فإنه ليس هناك من مدخل حل غير انتخاب رئيس للجمهورية، مما يسمح لكل مؤسسات الدولة أن تعيد انتظام عملها ويسمح لنا، مع كل الإرادات الصادقة، أن ننهض مجددا بالاقتصاد ونوفّر فرص عمل للشباب ونعيد تأهيل البنى التحتية في كل لبنان.

هذا لا يمنع أن منطقتكم لديها حاجات إنمائية خاصة ولم تأخذ حقها من الاهتمام والأولوية في السنوات الماضية. ولكن في السنوات الماضية لم أكن أنا هنا، والآن أنا هنا وسأبقى، وهذه الأمور ستتغيّر بإذن الله.

تعرفون جميعاً ما قمنا به في موضوع تلوث نهر الليطاني، وأخيراً، وإن شاء الله بعد عيد الفطر، سيتم تلزيم محطة التكرير بقرض إيطالي بقيمة 32 مليون دولار. كما وافق البنك الدولي على قرض بقيمة 55 مليون دولار لشبكة الصرف الصحي. وهذا إعلان سيصدر بعد العيد من قبل نوابكم ومجلس الإنماء والإعمار ووزارة البيئة والبنك الدولي مجتمعين، ولكني أحببت أن “أحرقلن” الإعلان أمامكم اليوم. وبعد ذلك سنكمل متابعة مشروع تنظيف نهر الليطاني وسنعمل على استكمال الأوتوستراد العربي، من ضمن المشاريع الكثيرة للمنطقة بإذن الله.

أيها الأحبة والأصدقاء،

لقد سمعتم في الأيام الماضية قرار تيار المستقبل عقد مؤتمره العام في منتصف تشرين الأول المقبل، واعتبار كافة هيئاته حتى ذلك التاريخ، هيئات تسيير أعمال للتحضير لهذا المؤتمر حصراً.

وسأشرح لكم ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الانتخابات ستحصل في كل المناطق وكل القطاعات إن شاء الله، وهي تقرر من سيكون المندوب عن كل منطقة وكل قطاع الذي سيشارك بالمؤتمر العام. هؤلاء المندوبون سيوصلون صوتكم للمؤتمر العام حول الخط السياسي الذي تريدونه للتيار والمطالب الخاصة بمنطقتكم، كما يعبّرون عن رأيكم بانتخابات المؤتمر العام، وعن الأشخاص الذين تريدون أن ترونهم في قيادة التيار.

وهنا ليس لي سوى تمنٍ واحد عليكم، وهو أن تعطوا حصّة وازنة لا تقل عن 40 بالمائة للشباب وللشابات في كل هيئات التيار، المحلية والوطنية. لا يكفي القول أن التيار يحتاج إلى تجديد وإلى دم جديد، ولا يكفي أن نقول أن المرأة يجب أن تأخذ دورها في الحياة السياسية: هذه هي الوسيلة الوحيدة للتجديد في التيار ولدور المرأة في التيار وفي السياسة.

وسأشرح لكم أيضا معنى اعتبار كل هيئات التيار هيئات تسيير أعمال حتى المؤتمر؟ هو التعبير الحقيقي عن فتح باب المحاسبة داخل التيار: الكل سيكون بتصرّف الرئيس حتى المؤتمر العام. وأنا قلت وأكرر: أنا المسؤول عن كل ما حدث، ولكن جميعنا يجب أن نتحمّل المسؤولية، وأن نتعاون لنجدّد نشاط التيار ومسيرة التيار ومسيرة الحريرية الوطنية، لأن هذه هي الأمانة الأغلى التي تركها لنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري!

أحبّتي، إخوتي وأخواتي،

عندما نتحدّث عن الحريرية الوطنية، نتحدّث عن مجموعة ثوابت أهمّها حماية البلد واستقراره وحماية اللبنانيين، أهلنا في كل المناطق، وحماية العيش المشترك والوحدة الوطنية التي كانت منطقتكم وما زالت وستبقى نموذجاً لهما كما يشهد على ذلك الحضور المميّز والكريم لأهلنا المسيحيين من كل المنطقة معنا هذا المساء.

ثوابتنا الاعتدال ورفض الفتنة وحماية الدولة ورفض أي اعتداء على سيادتها وحقها الحصري، …الحصري! بالسلاح والسلطة على كل الأراضي اللبنانية. وعندما نقوم بحوارات، محلية أو وطنية، أو بخطوات سياسية من أجل مصلحة لبنان، فإنّ هذه الثوابت ليست مطروحة، لا للمساومة ولا للتسويات ولا للتنازلات.

دعوني اليوم أتطرّق إلى سؤال أعرف أنّ الكثير منكم يطرحه، حول الفائدة من الحوار مع حزب الله. هذا الحوار، كان سببه الأساس، العمل على خفض التوتر، ودرء الفتنة بين السنة والشيعة. وأنا أعرف في هذا المجال صعوبة قياس هذا العمل الذي سنواصله، طالما أنّ هناك من يعمل على تأجيج هذه الفتنة، لأنّ مقياسه الحقيقي ليس ما أنجز ولكن كلّ ما تفاداه من مآس وويلات لو سمحنا للفتنة أن تقع لا سمح الله.

وأنا أقول ذلك هنا، وفي حضور أهلنا الأبطال من عرسال ومن الطفيل الذين يشاركوننا هذا الإفطار. وأقول عنكم أبطالا لأنه رغم كل المحاولات التي جرت لإلصاق تهم التطرف والتعصّب والخروج على الدولة بكم، بقيتم أنتم الحصن المنيع في وجه التطرف وبقيتم أهل التمسّك بعروبة لبنان وأهل التمسّك بالدولة وبمؤسساتها، وعلى رأسها الجيش اللبناني الذي يخوض أقسى المعارك ضد الإرهاب.

أنا أعرف معاناتكم، وأعرف صبركم وأعرف الظلم الذي لحقكم وأعرف الحصار المفروض عليكم من كل الجهات، ونحن نعمل، حتى لو لم نعلن، لوضع الأمور في نصابها الصحيح. وأنا واثق أنكم تعلمون وأنكم ستبقون سندا لخط الحريرية الوطنية، خط الاعتدال والعيش المشترك، خط الدولة وخط لبنان وعروبته.

ورمضان كريم،

وكل عام وأنتم بخير.