IMLebanon

كتابان من سامي الجميل الى ريفي ومجلس القضاء بشأن قضية منال عاصي

sami-gemayel

تقدم رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل بكتابين الى كل من وزير العدل اشرف ريفي ورئيس واعضاء مجلس القضاء الأعلى في خصوص قضية منال عاصي، داعيا الى “اتخاذ كل الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لإعادة الإعتبار لصورة القضاء اللبناني وتصحيح مسار العدالة والتشديد على تطبيق القانون اللبناني على الجميع، وإحقاق الحق في قضية منال العاصي، إنصافا لها ولذويها وللعدالة واحتراما لسيادة القانون وأبسط حقوق الإنسان ألا وهو الحق بالحياة”.

وجاء في نص الكتابين:

“أتقدم منكم بهذا الكتاب بصفتي ممثلا للشعب اللبناني ومدافعا عن حقوق مواطناته ومواطنيه في الحياة والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية.

في 17 آب 2011، أي منذ 5 سنوات في مثل هذا اليوم، أقر مجلس النواب اللبناني إلغاء أحكام جريمة الشرف من قانون العقوبات اللبناني بناء على اقتراح قانون كنت قد تقدمت به في 8 آذار 2010 بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.

واستتبع ذلك بإقرار قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري في 7 أيار 2014، في دلالة واضحة على إرادة المشرع اللبناني الصريحة في احترام الحق في الحياة والكرامة الإنسانية، ورفض هذا النوع من الجرائم والمعاملة غير الانسانية وتأمين الحماية القانونية لضحاياه والحد من الإفلات من العقاب. واستكمالا لهذا التطور التشريعي، تقدمت في 8 آذار 2016 باقتراح قانون يرمي إلى إلغاء أحكام الزنا من قانون العقوبات.

إلا أننا نجد أنفسنا اليوم أمام وضع في غاية الخطورة تمثل بحكم صادر عن محكمة جنايات بيروت في قضية قتل منال العاصي في 14 تموز 2016 يكاد يبرر القتل بسبب الخيانة الزوجية ويخفض عقوبة زوجها القاتل من الإعدام إلى الحبس لمدة 5 سنوات سجنية فقط، أي ما يعادل 3 سنوات و9 أشهر فعلية، بالاستناد إلى المادة 252 من قانون العقوبات معللا العذر المخفف بأن الضحية ارتكبت “عملا غير محق تجاهه، وعلى جانب من الخطورة، نتيجة التعرض لشرفه وكرامته وسمعة ابنتيه وتشردهما في حالة طلاقه منها”، كأن القانون الذي ألغى جريمة الشرف غير موجود.

ولما كان الحكم وتعليله في غاية الخطورة ليس فقط لأنه برر القتل في إطار الحفاظ على شرف الزوج والعائلة وتفهم ردة فعله، وليس فقط لأنه أعاد إحياء ما يسمى بجريمة الشرف ضاربا بعرض الحائط مبدأ سيادة القانون ومخالفا القانون اللبناني وإرادة المشرع الجازمة والصريحة في إدانة هذه الجريمة، أي القتل القصدي هذا، وكل جناية أو حتى محاولة لارتكاب جناية بدأت بأفعال ترمي مباشرة إلى اقترافها تعتبر كالجناية نفسها، وليس فقط لأنه خفف من فظاعة الجرائم التي قام بها بحيث إن الجاني لم يقتل زوجته وحسب، بل عذبها لساعات طوال ونكل بها وشرب دمها من فمها أمام أعين أسرتها، وليس فقط لأنه علل تخفيف العقوبة بتمكين القاتل من إعالة وتربية ابنتيهما اللتين تشردتا بعد الحادثة، مما يعني أنه وضعهما في عهدة والد ثبت أنه قاتل ومعنف بدل إصدار أمر بحمايتهما منه، بل لأنه أيضا تهاون وبرر جريمة استيفاء الحق بالذات مشجعا الآخرين بطريقة غير مباشرة على القيام بالمثل.

ولما كنا نعلم أن رئيسة محكمة جنايات بيروت التي أصدرت الحكم هي أحد الأشخاص الذين ساهموا في صياغة ومناقشة وإقرار قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، وبالتالي فإن ذلك عزز شكوكنا بإمكانية تعرضها لتهديد أو ضغط بهدف تخفيف العقوبة وإصدار الحكم بالشكل المجحف الذي صدر فيه، وقد أتت هذه الشكوك نتيجة تصريح والدة منال العاصي على شاشات التلفزيون أنها أسقطت حقها الشخصي لتحمي أولادها الباقين، في دلالة واضحة على التهديد الذي تعرضت له حيث قالت حرفيا في الأمس “لقد أسقطت حقي الشخصي مجبرة بعدما هدد محمد النحيلي بقتل أولادي، وبعدما تعرض أفراد من قبله لأولادي ولممتلكاتي. خفت لإنو مجرم ممكن من قلب الحبس يبعت زعران يقتلونا… شو بيفيدني ساعتا الحكم؟ 18 شهر ورح يطلع مين ممكن يحمينا؟”.

ولما كانت وظيفة القضاء اللبناني تتمثل بتحقيق العدالة والإنصاف ونصرة المظلومين ومعاقبة المجرمين وعدم السماح بالإفلات من العقاب، إضافة إلى ترسيخ المساواة والدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية وردع التصرف العنفي والعدائي أو المبرر للعدائية. ولما كان السهر على حسن سير القضاء وكرامته واستقلاله وحسن سير العمل في المحاكم هو من مهمات مجلس القضاء الأعلى ودرس ملف أي قاض والطلب الى هيئة التفتيش القضائي اجراء التحقيقات اللازمة واتخاذ التدابير والقرارات المناسبة هو من الصلاحية المنوطة به بموجب قانون إنشائه، ولما كنا نعلم مدى حرصكم على عدالة القضاء وهيبته وسمعته وعلى تحقيق رسالته في الحفاظ على الدور الريادي الذي قام به لبنان في إعداد وصياغة الإعلان العالمي حقوق الإنسان عبر سفيره الدكتور شارل مالك.

لذلك، جئنا بموجب هذا الكتاب نرجو من مجلسكم الكريم النظر في مجريات سير المحاكمة والظروف المحيطة بها واتخاذ كل الإجراءات الهادفة إلى إعادة الإعتبار لصورة القضاء اللبناني وتصحيح مسار العدالة والتشديد على تطبيق القانون اللبناني على الجميع وإحقاق الحق في قضية منال العاصي، إنصافا لها ولذويها وللعدالة واحتراما لأبسط حقوق الإنسان ألا وهو الحق بالحياة”.