IMLebanon

السفير المصري: الطفرة في علاقتنا مع روسيا ليست على حساب حلفائنا

nazih-najari

 

 

كتبت مي الصايغ في صحيفة “الجمهورية”:

في ظلّ طفرة التنسيق والتعاون بين مصر وروسيا، سواءٌ في ملف الأزمة السورية أو لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، يُطمئن السفير المصري نزيه النجاري الى أنّ هذه العلاقة «لن تكون على حساب علاقتنا بأيّ حليف آخر أو على حساب رؤيتنا للحلّ»، آملاً أن تشهد فترة رئاسة دونالد ترامب ضخّ روح جديدة في مسار العلاقات بين واشنطن والقاهرة. أمّا لبنانياً، فيثق الديبلوماسي الشاب، الذي سبق وعمل في سفارة بلاده في بيروت في أدق مرحلة سياسية (2002-2006)، شهدت سلسلة اغتيالات لقادة بارزين، أنّ علاقة العهد الجديد مع مصر ستحافظ على زخمها الإيجابي، مُتمنّياً تأليف الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري في أقرب فرصة.ليس خافياً على أحد الدور الذي قامت به مصر لتسهيل إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان. فمنذ البداية، تبنّت القاهرة «مُقارَبةً قوامها أنّ حلّ الأزمة لا يمكن أن يأتي من خارج لبنان فقط، وأنّ على الأشقاء اللبنانيين الإضطلاع بمسؤولياتهم، وتغليب منطق الدولة ودعم مؤسساتها الدستورية، وصولاً إلى حلّ الأزمة، على أن تضطلع مصر والدول الصديقة للبنان بدور مساعد في تنفيذ ما يتوافقون عليه»، على حدّ تعبير السفير المصري في لبنان.

ويقول النجاري في مقابلة مع «الجمهورية»: «عندما شعرنا بأنّ لبنان وصل إلى حال جمود وتأزّم مُثيرة للقلق، وبدأت تداعياتها تنعكس في تحرّك تدريجي على مؤسسات الدولة الدستورية، ووسط مشهد إقليمي ملتهب، زار وزير الخارجية سامح شكري بيروت في منتصف شهر آب الماضي، وكان الهدف من الزيارة السعي إلى استخلاص مساحة مشتركة، يمكن أن تمثّل بداية حلّ للأزمة اللبنانية، ابتداءً من انتخاب رئيس للجمهورية مروراً بإنجاز الاستحقاقات النيابية والدستورية المقبلة».

زيارة استضاف شكري خلالها جلسة حوار ضمّت معظم القيادات اللبنانية بهدف تمهيد الطريق لحلحلة الأزمات، وعلى رأسها الشغور الرئاسي، وقد تابع نتائجها السفير المصري منذ وصوله الى لبنان مطلع أيلول الماضي، متواصلاً مع كلّ القوى السياسية.

ويذكّر النجاري بـ«حرص مصر على تحقيق الحدّ الأدنى من التوافق اللبناني بغية النأي بلبنان عن الصراعات الإقليمية الملتهبة»، وترحيبها بما أفرزته العملية السياسية اللبنانية من تفاهم.

ويقول: «لقد التقيت الرئيس ميشال عون قبيل جلسة انتخابه رئيساً بيومين، ناقلاً إليه رسالة ترحيب مصرية بانتخابه».

ويبدو النجاري مُرتاحاً لعلاقة بلاده مع العهد الجديد، ولا سيما أنّ مصر مع لبنان يرتبطان بعلاقات تاريخية قوية في مختلف المجالات. ويقول: «نثق أنّ العلاقة ستحافظ على زخمها الإيجابي الراهن، انطلاقاً من الحرص المتبادَل لدى قيادتي وشعبي البلدين على تنميتها في مختلف المجالات.

ومن هذا المنطلق، إننا نتطلّع إلى نجاح الجهود المبذولة لتأليف الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ سعد الحريري في أقرب فرصة، بما يمكننا من إعطاء قوة دفع جديدة للعلاقات المشترَكة، بما في ذلك في المجالات الإقتصادية».

ويذكّر في معرض رده عن وضع العلاقة مع «حزب الله»، بـ«انفتاح» بلاده على كلّ القوى السياسية اللبنانية.

الأزمة السورية

توازياً، يأسف النجاري لما آلت إليه الأوضاع في سوريا «الشقيقة». ويجدّد التأكيد أنّ «المسار الوحيد للخروج من الحرب الجارية هو التوصّل لحلّ سياسي للأزمة، خصوصاً أنّ المعارك العسكرية الجارية لم تجلب سوى الدمار والخراب للسوريين». ويقول: «نؤمن بأنّ الحفاظ على تماسك الدولة السورية ومؤسساتها، وجيشها الوطني، هو ضرورة لمستقبل السوريين».

ويشدد السفير المصري على أنّ مقاربة بلاده للأزمة السورية تقوم على التوّصل إلى حلّ سياسي، ورفض عسكرة الأزمة، معتبراً أنّ ما تردّد في وسائل الإعلام عن اعتزام مصر إرسال قوات عسكرية إلى سوريا في إطار مكافحة الإرهاب، هو أمر مغلوط، وقد صدر موقفٌ مصريّ واضح بنفي ذلك.

والنجاري الذي كان يرأس الوفد المصري الى مفاوضات جنيف بشأن سوريا، يبدو مرتاحاً لتزايد وتيرة التنسيق بين مصر وروسيا خصوصاً في الأزمة السورية، وجعل بلاده ركناً اساساً في مفاوضات فيينا ولوزان الأخيرة.

ويقول: «بالفعل شهدت العلاقات المصرية- الروسية طفرة كبيرة في مستوى التنسيق ومجالات التعاون المشترَكة خلال الفترة الأخيرة، وبطبيعة الحال تحتلّ القضية السورية أولوية كبيرة بأجندة الحوار مع الروس. وغنيٌّ عن التنويه بأنّ عضوية مصر في مجلس الأمن تفرض على الطرفين تكثيف هذا التنسيق حول القضايا المُدرَجة على برنامج عمل المجلس.

إلّا أنّه يهمني التأكيد بأنّ التطوّر الأخير في العلاقات المصرية -الروسية لا يتمّ على حساب علاقتنا بأيّ حليف آخر أو على حساب رؤيتنا للحلّ، ومن الطبيعي أن يكون لكلّ دولة طموحها في الحفاظ على مصالحها والدفع بها».

تنسيق لم يبلغ حدّ طلب القاهرة من موسكو الدخول على خط تطبيع العلاقات مع أنقرة، إذ يرمي النجاري الكرة في ملعب الأتراك. ويقول: «الموقف المصري من أنقرة واضح، فليست لدينا مشكلة مع الشعب التركي الذي نحترمه ونقدّره، وإنّ مشكلتنا الرئيسة مع سياسات الحكومة التركية نابعة من رفض القيادة التركية الاعتراف بوقائع محددة شهدتها مصر، بإرادة شعبية حرة، اعتباراً من 30 حزيران 2013. ومن هنا، فإنّ موقفنا ثابت بأنّ تحسّن العلاقات مع تركيا لن يتمّ من دون اعتراف حكومتها بإرادة الشعب المصري».

وتبقى العلاقة مع المملكة العربية السعودية «تاريخية وأخوية استراتيجية»، وتشكّل مصدر «اعتزاز» لمصر، على رغم بعض التباين بين البلدين بشأن تصويت مصر في مجلس الأمن لمصلحة مشروع القرار الروسي الأخير، والأزمة اليمنية».

ويقول النجاري: «علاقة مصر مع المملكة العربية السعودية، هي أكبر من أن تتأثر أو تهتزّ بخلاف في الرؤى حول قضية أو اثنتين، وهناك تنسيق دائم بين البلدين في المحافل الثنائية والدولية حول مختلف القضايا محلّ الاهتمام المشترك».

أمّا أميركياً، ومع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فيبدو أنّ مستقبل العلاقات المصرية-الأميركية سيكون أفضل حالاً ممّا كان عليه الوضع مع إدارة باراك أوباما، التي دعمت حكم «الإخوان المسلمين».

وفي هذا السياق، يقول النجاري: «تتطلّع مصر الى أن تشهد فترة رئاسة ترامب ضخّ روح جديدة في مسار العلاقات بين البلدين، ومزيداً من التعاون والتنسيق في مواجهة التحدّيات الكبيرة التي تشهدها المنطقة والعالم»، ويختم حديثه مُذكّراً بأنّ «مصر والولايات المتحدة تربطهما منذ عقود طويلة علاقات إستراتيجية تقوم على المصالح المشترَكة والحرص المتبادَل على تحقيق الأمن والإستقرار والتنمية في الشرق الأوسط ومواجهة الإرهاب».