IMLebanon

المرحلة الانتقالية…الأسباب والدوافع والضغوط

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

كيف قَبِل النظام السوري بحث المرحلة الانتقالية في المفاوضات بينه وبين المعارضة؟ وهل يمكن أن يصل البحث إلى نتيجة؟

تفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع، أن بحث المرحلة الانتقالية، جاء أولاً نتيجة ضغط روسي، إذ إن موسكو تحتاج إلى مسار سياسي للحل في سوريا. وثانياً، مقابل بحث هذه المرحلة تمّت إضافة بند إلى بنود البحث التي كانت مقترحة، وهو مكافحة الإرهاب. وثالثاً، إن بحث المرحلة المذكورة لم يعد يفترض رحيل الرئيس بشار الأسد كشرط مسبق. ورابعاً، إن الجهد الدولي لوضع حد للعنف في سوريا جدّي، وإن كان مستقبله غير واضح المعالم، نظراً لعدم وضوح سياسة الإدارة الأميركية الجديدة حيال ملفات المنطقة حتى الآن.

لكن المصادر تؤكد أن لا معنى لبحث المرحلة الإنتقالية، إلا إذ ترافق ذلك مع جدّية وعمل فعلي. أي يجب أن يتزامن البحث مع الدخول بآلية فعلية للانتقال السياسي، وتشكيل هيئة لدرس الدستور وتعديله.

وتشير المصادر، إلى أن ما يُقلق هو التخوف من احتمال أن تدعم روسيا النظام في توجه للمماطلة في البحث بالمرحلة الإنتقالية. فيكون الروس قد وفروا حداً أدنى من التوازن في ظل وجود عملية سياسية قائمة، لكن من جهة ثانية يقومون بدعم النظام في ما يريد أن يفعله. كانت جولة ٢٣ آذار الماضي تؤشر إلى مكامن التفاؤل لكن المفاوضات لا تزال مستمرة ولم تحقق تقدماً جوهرياً.

إن قرار العودة إلى التفاوض السوري – السوري، يأتي بضغط روسي، وقرار روسي، في النهاية الروس لم يعودوا يريدون كلفة عالية عليهم نتيجة انخراطهم في الحرب السورية، كما أن هناك ضغطاً دولياً عليهم، من بين انعكاساته، وقف النار، وإن كان يواجه خروقاً كبيرة وواسعة.

النظام يقوم، بحسب المصادر، باتفاقيات فردية في مجال عزل القرى والمدن، واللجوء إلى اتفاقيات معها لصالحه. لكن في المناطق حيث لا مصلحة له بوقف النار، لا يلتزم به. لكن في مجمل المناطق السورية هناك تخفيف للعنف.

والأميركيون يريدون الدخول إلى الرقة وهزيمة “داعش” هناك. لكن من سيتسلّم الرقة من الاميركيين؟ طريقة التعامل الأميركي مع الرقة لها مدلولات على طريقة التعامل مع الملف السوري.

إذا سُلّمت إلى الأكراد، هناك مشكلة مع العرب ومع تركيا. وإذا سُلّمت إلى النظام، مثلما تريد روسيا، فهناك مشكلة. وليس واضحاً إذا كان سيتم تسليمها إلى المعارضة. فضلاً عن أنه إذا سُلّمت للأكراد، فإن الرقة في الأساس منطقة سنية وليست كردية. وإذا سلّمها الأميركيون للنظام، فكيف تكون الإدارة الجديدة تواجه إيران وتكافح نفوذها كما تُعلن؟ وإذا ظهرت التناقضات في التعامل مع الملف السوري، فكيف ستكمل الإدارة في هذا التوجه؟ طُرحت فكرة إدارة دولية للرقة، لكن روسيا لا تريد ذلك. والأميركيون سلّحوا الأكراد للمشاركة في الحرب على “داعش” في الرقة.

وبالتالي، التفاوض السوري ينطلق ويستمر في ظل عدم وضوح في الرؤية الأميركية، وعدم استيعاب الملفات حتى الآن. وداخلياً لدى هذه الإدارة مشكلات، والوضع الأميركي معقّد، وليس واضحاً كيف سينعكس على تطور الموقف على الأرض، وفي التفاوض. لكن الأكيد أن شيئاً واضحاً لم يتبلور بعد.

والتخوّف أنه في هذه الأثناء يفرض الروس أمراً واقعاً جديداً في سوريا. والحل السياسي بالنسبة اليهم هو تشكيل حكومة وحدة وطنية من عدد محدود من المعارضين الذين يرضى عنهم النظام يشكلون أساساً فيها. وإجراء إنتخابات يعود فيها بشار الأسد رئيساً. ومن اللافت، بحسب المصادر، أنه أينما يجلس الروس مع العرب أو الأوروبيين، يقولون بضرورة الإنفتاح على النظام وإن الحكومة السورية هي شرعية، وإن على كل الأطراف التعامل معها.

هناك وعود روسية للمعارضة بأن تحقق المفاوضات تقدماً جوهرياً. كل الأطراف الدولية تنتظر النتائج. لكن لا شك أنه من دون الموقف الأميركي الواضح لا يمكن لروسيا وحدها أن تحقق الحل في سوريا.