IMLebanon

الخيار الانتخابي لـ “حزب الله” يتقدّم!

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

إلى ما بعد 15 ايار دُرْ. فهذا الموعد الذي كان يتمّ التعاطي معه على أنه محطّة مفصليّة لتحديد مسار التمديد لمجلس النواب، سلّم الجميع تقريباً بأنه سيُطوى وفق معادلة «التعادل السلبي» بين عدم القدرة على إمرار قانون جديد للانتخاب ما زال أسير التجاذبات السياسية، وعدم القدرة على إقرار «تمديدٍ وقائي» مبكِّر أراده الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله»، وسقط عملياً حين قطع «حبْله» الرئيس سعد الحريري برفْضه التمديد بلا قانون، ملاقياً الثنائي المسيحي «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) و«القوات اللبنانية» الذي يخوض معركة القانون على حافة «المهلة القاتِلة» المتمثلة بانتهاء ولاية مجلس النواب في 20 حزيران المقبل.

وإذا كان مسلَّماً به أن فترة التفاوض بشأن القانون الجديد ستتمدّد الى ما بعد 15 الجاري وأيضاً لما بعد انتهاء الدورة العادية للبرلمان في 31 منه وصولاً الى 20 حزيران المقبل من دون حسْم إذا كان رئيس الجمهورية سيدفع نحو فتْح دورة استثنائية (تستمر حتى 20 حزيران) قبل آخر الشهر الجاري أم سيَترك الأمر «ورقةَ احتياطٍ» لتحسين الموقع التفاوضي للثنائي المسيحي يربط استخدامها بالتوصل الى قانونٍ، فإنّ البارز في ملاقاة منتصف مايو كان الوقائع الآتية التي تشي بارتفاعٍ كبير في منسوب الضغط الذي يسبق «إما انفراج حافة الهاوية وإما انفجار السقوط في الهاوية»:

  • ارتسام 3 استحالات متوازية: الأولى لتمديدٍ غير وارد بلا قانون وأقرّ مجلس الوزراء بالإجماع في جلسته الأخيرة رفْضه. والثانية لقانون جديد غير ممكن حتى الساعة في ظلّ تضارُب المقاربات بين اعتباره (من حزب الله) «ميزاناً» استراتيجياً يعكس «وهج» التحولات في سياق «حرب النفوذ» في المنطقة بحيث يكون لبنان ساحة تثبيت «الانتصارات» أو تعويض أي انتكاسات واستطراداً الإبقاء على خيوط التحكم بمسارات الواقع اللبناني واستحقاقاته الكبرى (أهمها الانتخابات الرئاسية المقبلة)، وبين التعاطي معه (من الثنائي المسيحي) على أنه مدخل لاستعادة التوازن في السلطة وتصحيح التمثيل، وسط حساباتٍ رئاسية لا تغيب انطلاقاً من تمكين هذا الثنائي من أن يكون له صوتٌ مقرِّر (عبر الثلث المعطّل) في الاستحقاق الرئاسي المقبل. أما الاستحالة الثالثة فهي حصول فراغٍ «ممنوع» وقوعه ويعتبره الثنائي الشيعي خطاً أحمر.
  • اعتبار رئيس الجمهورية و«التيار الحر» أن باب التفاوض بشأن قانون الانتخاب مفتوح حتى ما قبل منتصف ليل 19-20 حزيران المقبل.
  • رسْم بري خطاً فاصلاً بين ما قبل 15 ايار وما بعده، عنوانه أن طرْح قانون انتخاب وفق النسبية الكاملة لايصال برلمانٍ يحافظ على المناصفة بالتزامن مع تشكيل مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف «باقٍ حتى 15 هذا الشهر وبعدها سنعود إلى طرحنا الأساسي، النسبية الكاملة، ولن نتراجع ولن نقبل أن نُبتزّ بالعودة لطروحات البعض ومشاريعهم التي لا تؤدي إلا إلى فرز وتقسيم»، وفق ما جاء على لسان معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل في موقفٍ تصدّر نشرتيْ محطتيْ بري و«حزب الله».

ولم يفاجئ تحديد بري مهلةً لإسقاط طرْح «المجلسيْن» دوائر سياسية كانت عبّرت مراراً عبر «الراي» عن اقتناعِها بأن هذا الطرح، الذي لا يحبّذه «حزب الله» حالياً ويعترض النائب وليد جنبلاط على انتزاع رئاسة مجلس الشيوخ من الطائفة الدرزية وفق ما يريد «التيار الحر»، كان محكوماً بالفشل وأن «الخطة ب» في يد رئيس البرلمان كانت جاهزة بالتوازي، وبطريقة معروفة، وعنوانها النسبية الكاملة التي أكد عليها الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة باعتبارها حلاً «بالإقناع وليس الفرض».

على أن رئيس البرلمان أرفق إطلاقه العدّ العكسي لـ «النسبية ولا شيء غيرها»، بكلام عالي النبرة نقلت عنه تقارير صحافية وقال فيه «في 10 أيام يخلق الله ما لا تعلمون لكن بعد 15 ايار كل من تعنّت ورفع السقف عالياً سيندم على كل ساعة أضاعها من عمر التوافق». وإذ لم يحدّد مصير جلسة منتصف الشهر وإذا كانت ستُعقد أم سيعمد الى إرجائها، اضاف: «لست مضطّراً لتنفير طائفة الموحّدين الدروز التي تعترض على المشروع (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، ولا فرقاء سياسيين آخرين، وحتى الأصوات الشيعية المعترضة ولو أنها صامتة لكوني أنا من تقدّمت بهذا المشروع، ولأجل ماذا؟ كي يضيّع الآخرون الفرصة؟ عرضي ينتهي بعد أيام، وعندها لن أعود أقبل بما قد أقبل به الآن، وأنا تنازلتُ عن صلاحياتٍ من رئاسة المجلس اكتسُبت على مدى سنوات طويلة، لأجل الوصول إلى حلول، لكن يبدو أن ثمّة من لا يريد حلاً، وأنا لن أساوم على مسألة رئاسة مجلس الشيوخ للدروز، لأنني أسمع هذا منذ الطائف».

وكشف بري أنه ومَن يمثّل «منفتحون على عدد الدوائر المتوسّطة، وأبدينا كل إيجابية للنقاش، عليهم ألا يضيّعوا الفرصة».

ورغم القتامة التي تحوط مسار قانون الانتخاب، فإن أوساطاً سياسية ترى انه لا تزال هناك امكانية للخروج من عنق الزجاجة عبر واحد من مساريْن: اتفاق على الخطوط العريضة لقانون على أساس النسبية التي صارت أشبه بـ «بقعة زيتٍ» تتوسّع مع إسقاط أطراف عدة التحفظات على مبدئها وإبدائها انفتاحاً مشروطاً على بحثها، فيكون ذلك كفيلاً بإقرار تمديد تقني لاستكمال بحث تفاصيل النسبية وضوابطها. والمسار الثاني الاتفاق الكامل في ربع الساعة الأخير على قانون نسبي بالكامل يراعي هواجس مختلف الأفرقاء ويوفّر ما أمكن من التطمينات لها سواء عبر الدوائر (اكد «حزب الله» المرونة حيال عددها) أو الصوت التفضيلي، وسط انطباعٍ بأن «حزب الله» يريد إمرار هذا الاستحقاق بأقلّ الأضرار الداخلية وبما يُبقي على «الستاتيكو» الحالي المريح له، على طريقة «عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة»، وذلك في غمرة التحولات المتدحْرجة في المنطقة.