IMLebanon

بلبلة تَسبق الإمتحانات الرسمية… ما الجديد؟

 

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

60 ألف تلميذ في الشهادة المتوسطة و40 ألف تلميذ في الثانوية العامة يستعدون لخوض الامتحانات الرسمية لعام 2017 التي تمتدّ من 6 حزيران حتى 19 منه. وقد برزت جملة مغالطات، تزامناً مع وضع اللّمسات اللوجستية الأخيرة، زادها حدّة تضارب الآراء حول جدوى إدخال نمط جديد من الأسئلة على المسابقات للمرة الأولى في هذه الدورة، أضف إلى ذلك الكباش الحاصل بين المركز التربوي للبحوث والإنماء والروابط التعليمية.«المحاور والفصول التي ألغيت العام المنصرم لا تزال ملغاة؟»، «هل سيطاول تغيير الأسئلة المسابقات كافة؟»، تتشعّب أسئلة التلامذة في اللحظة الاخيرة، ويختلف مستوى استعدادهم للامتحانات بحسب وعي إدارة مدارسهم لأدقّ التفاصيل المواكبة لهذه العملية.

أساس المشكلة

«التلاميذ ما ذَنبُن إذا الروابط التعليميه مغَيّبِه؟!»، صرخة مشتركة أطلقتها رابطة التعليم الاساسي، التي يستعدّ رئيسها محمود أيوب للاجتماع بوزير التربية والتعليم العالي مروان حماده عند الرابعة بعد ظهر اليوم (الاثنين)، ورابطة التعليم الثانوي التي ينتظر رئيسها نزيه جباوي موعداً من رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان.

في هذا السياق، يوضح أيوب بنبرة معاتبة لـ «الجمهورية»: «نحن نعرف ماذا يُدرَّس للتلاميذ، ونُعتبر مشاركين أساسيّين في العملية التربوية وفي طرح الاسئلة، لكنّ المركز التربوي لم يأخذ برأينا في النمط الجديد الذي سيُطرح في المسابقات، بل غَيّبنا عن ورش العمل».

ويضيف: «إكتشفنا أنّ هناك مغالطات في بعض نماذج الاسئلة المطروحة والمعروضة على الانترنت، منها مسابقة الرياضيات والعلوم واللغة العربية والاجنبية»، مشيراً إلى «انّ الرابطة ستلتقي الوزير حماده لتنقل إليه عتبها وتعرض معه مخاوفها لتعلن بعدها موقفها النهائي»، مؤكّداً أنّ الرابطة مع التطوير الدائم «ولكن ضمن ما يتمّ تدريسه للتلاميذ بعيداً من الاسئلة التعجيزية».

العتب عينه عبّر عنه جباوي، مؤكداً «عدم دعوة المركز التربوي لرابطة الثانويين للمشاركة في ورش العمل»، ويقول: «طلبت موعداً من المركز التربوي لنجتمع مع رئيسته ونبحث في الموضوع، فنحن لطالما كنا ممثلين وخضنا مؤتمرات جمّة في المناهج والقضايا التربوية ولنا باع طويل في هذا المجال، ولكن تم تغييبنا عن التحديث في المسابقات».

ويضيف: «تغيير نمط الاسئلة أو حذف محاور… لا بد أن يسبقه تحضير، في ما يتعلق بالمناهج، لذا الاستعجال غير مفيد»، معتبراً «انّ المسألة التربوية تَشاركية بما يخدم العملية التربوية».

من يُغيّر الاسئلة؟

وسط الأصوات المعترضة على تعديل اسئلة الامتحانات، توضح رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان، أنّ المركز هو من يعنى بإقرار «نمط أسئلة الامتحانات الرسمية وتنسيق وضعها وحضور أعمال اللجان الفاحصة، وذلك ضمن آلية قانونية محدّدة».

وتشير الى أنّ إدخال نمط جديد على الاسئلة لم يتم على بغتة، قائلة: «نتيجة الاجراءات التي اتخذها المركز التربوي وأقرّها وزير التربية والتعليم العالي، صدر القرار 631/م/2016 المتعلّق بتوصيف مواد الامتحانات الرسمية للشهادات المتوسطة والثانوية العامة (وفق مناهج 1997)، أي إدخال نمط جديد من الاسئلة.

ومتابعة لحسن تطبيق هذا القرار، إتخذ المركز التربوي تدابير عدة أهمّها: وضعنا كلّ المستندات موضوع القرار على الموقع الإلكتروني ليكون الجميع على بيّنة، ونظّمنا أكثر من 800 دورة تدريبيّة مناطقية شملت جميع أساتذة التعليم الرسمي والخاص للشهادتين المتوسطة والثانوية، تناولت التوصيف الجديد والتغيير الذي يمكن إدخاله على الاسئلة».

وتضيف: «فتحنا المجال للردّ على الاستفسارات التي وردتنا، ولكن رغم كلّ تلك التدابير والتعميم الذي أصدره مدير عام التربية فادي يرق عن إلزامية حضور الدورات التدريبية تخلّف بعض الأساتذة عن حضورها، لأسباب ما زلنا نجهلها، ما أدّى إلى عدم وصول الارشادات اللازمة لجميع التلامذة».

وتتابع: «على أثر ذلك، دعا الوزير حماده إلى اجتماع في مكتبه في 3 شباط 2017 وأعاد تكليف المركز التربوي بتدقيق ملاحق القرار السابق، بما يحفظ روحيّة المنهج ويؤمن الاتّساق بين التوصيف القديم والجديد، من هنا صدر القرار 142/م/2017 المتعلّق بتصحيح الملحقين بالقرار الرقم 631/م/2016، بهدف تمكين لجان الامتحانات الرسمية من الربط بين التوصيفين القديم والجديد».

نمط جديد… كيف؟

أمّا بالنسبة إلى ما يُميّز التوصيف الجديد عن سابقه، فتجيب عويجان: «الاول كان فضفاضاً عاماً، يحمل التأويل إن في طرح الأسئلة أو في معايير الاجابة والتصحيح، وكان لذلك انعكاسات سلبية في استعداد التلامذة ونتائجهم. وتحوّلت الأسئلة ومعايير الإجابة في بعض مواد الامتحانات الرسمية إلى ما يُشبه العُرف، من دون مراعاة تقويم الأهداف التربوية في بعض الاحيان.

ولذلك أتى التوصيف الجديد لينظّم هذه العمليّة ويوجّهها، ضمن منظومة علميّة ثابتة». وتلفت إلى أنّ «التعديلات ليست جذريّة، لكنها أضافت بعض المرونة على الامتحانات، فسمحت بإمكانية إدخال نمط جديد من الأسئلة مثل: الأسئلة المغلقة، وأسئلة الاجابات المتعدّدة، أسئلة الاجابات المحدّدة، أسئلة تبرير الاجابة وتصحيح الخطأ، أسئلة «لماذا» و»كيف» و»أي»، أسئلة تحليل ودراسة موضوع أو حالة، وغيرها. باختصار أسئلة لكلّ المستويات، تزيد فرص النجاح عند المتعلّم».

«دليلنا» لا يلغي «الشامل»

في هذا السياق، قد يجد البعض أنّ دليل «الشامل» (الذي يضم مسابقات الدورات الماضية) فقد دوره، مع بروز نماذج جديدة للمسابقات ضمن مشروع «دليلنا»، فتوضح عويجان: «دليلنا» لن يلغي الأدلّة الأخرى، وهو مشروع تربوي بامتياز، هدفه تقديم نماذج مساعدة إلى التلامذة عن نمط الاسئلة الجديدة، أعدّه أساتذة مجازون في المواد التعليمية من القطاعين الرسمي والخاص».

وتضيف: «بدأ المشروع مع قرار التوصيف عام 2016 وما زال فريق العمل يتابع حتى الساعة إصدار نماذج إضافية لمساعدة التلامذة ودعم المعلّم، وهو متوافر مجاناً للجميع، على www.crdp.org. ولكن على الآخرين أن يوائموا أدلّتهم مع التوصيف الجديد».

وفي ضوء الجدل الحاصل على مواقع التواصل الاجتماعي، تنبّه عويجان من «وجود بيانات خطيّة ومعلومات وإرشادات تتناقض مع ما سيتمّ اعتماده تنفيذاً للقرارين الوزاريين»، مشددة على «مفهوم الشراكة التي تُغني من خلال تبادل المعارف والخبرات وتقرّب في وجهات النظر».

كواليس دائرة الامتحانات

تُحاول مديرة الارشاد والتوجيه ورئيسة دائرة الامتحانات الرسمية هيلدا الخوري، امتصاص عتب بعض الاساتذة واستيعاب هواجس المرشحين، قائلة: «لا شك في أنّ كل عملية تغيير في المواضيع التربوية يقتضي نجاحها مشاركة جميع الاقطاب التربوية، وروابط الأساتذة ركن أساسي من أركان التربية، ولكن في النهاية على أصحاب الاختصاص اتخاذ القرارات التي يجدون أنها الأفضل بعد أخذ رأي الجميع».

وتوضح لـ«الجمهورية»: «للعام الثاني نعمل ضمن آلية جديدة في الامتحانات الرسمية تربوياً ولوجستياً أطلقها الوزير الياس بو صعب كما أنّ الوزير حماده جعلها من أولوياته. تربوياً صدر عام ٢٠١٦ بعد الامتحانات الرسمية قرار تعديل المناهج وتغيير توصيف الامتحانات بعد ورش عدة في المركز التربوي فألغيت بعض المحاور وأضيفت أخرى باتَ من الضروري إدخالها الى المنهج تماشياً مع العصر، وذلك بصورة مرحلية في انتظار تغيير المناهج اللبنانية».

وتضيف: «لقد عُدّل هذه السنة قرار التوصيف من المركز التربوي بالتنسيق مع المديرية العامة ليلائم بين ما اعتاد عليه طلاب لبنان وبين نمط جديد من الاسئلة، ولكن لا داعي للقلق لأنّ الامتلاك الفعلي للمعلومة والكفاية تخوّل التلميذ الإجابة عن الأسئلة بصرف النظر عن طريقة طرحها، ولن تأتي الامتحانات صعبة كما يقال بل ستكون مدروسة كالسنوات الفائتة».

وتعتبر الخوري «أنّ أهمّ الإنجازات التربوية للآلية الجديدة للامتحانات هي الادخال الالكتروني للعلامات الجزئية، ممّا يسمح لنا بتقويم مدى اكتساب المتعلم للمعارف والكفايات العموديّة والأفقية على صعيد الشخص او المدرسة او الوطن».

بنك الاسئلة… والغش

وسط النمط الجديد من الاسئلة، كان لا بد من معرفة مصير بنك الاسئلة في الوزارة، فتؤكّد الخوري «أنّ هناك فريقاً من الاساتذة والمدرّسين من القطاعين العام والخاص يحدّثون المسابقات حسب التوصيف الجديد كما أنّهم في صدد تزويد البنك بأسئلة جديدة ككل سنة».

ويُشكّل الغش الخصم الاساسي الذي تُحاول الوزارة محاربته من دورة إلى أخرى، لذا تعمل على المستويات، فتوضح الخوري: «في الماضي كان توزيع التلامذة والاساتذة على المراكز يتمّ يدوياً، فكانت المسألة غير مضبوطة 100 %.

اليوم، طبعاً تُركت صلاحية التوزيع للمناطق التربوية لتحدّد النطاق او القضاء الذي من المفترض ان يوزّع فيه المراقب والتلميذ، ولكن البرنامج الإلكتروني الذي استحدث يوزّع أسماءهم عشوائياً على المراكز، ولم يعد أحد قادراً على التحكم بعملية التوزيع ممّا يضمن شفافية التوزيع».

إجراء جديد

نتيجة تكرار عمليات التزوير وبروز شبكات غشّ تؤمّن مرشحين يخضعون للامتحانات عن غيرهم، إتخذت الوزارة العام الفائت إجراءً حدَّ من الغش. فتقول الخوري: «منذ مطلع العام الدراسي تُرسل إلينا إدارات المدارس صوراً عن مرشحيها، ومن ينوي الغش كان يرسل من الأساس صورة الطالب الذي سيتقدم عن زميله، فيتعذّر بالتالي ضبط العملية في غرفة الامتحانات، لذا قرَّرنا وضع الصورة التي ترسل إلينا على بطاقات الترشيح نفسها وعلى الشهادة، أي أنّ المزوّر لن يستفيد من الشهادة ولن يتمكن من تحويلها إلى المرشح الحقيقي كما أنّ مكننة الامتحانات أتاحت لنا معرفة ما اذا كان قد حصلت عملية غش في غرفة معينة من خلال العلامات الجزئية، وقد نستطيع أن نعلم من قام بعملية الغش واسم مراقب الغرفة».

التصحيح… والنتائج

وبعد معاناة المرشحين المتكرّرة من انقطاع الكهرباء وغيرها من الشكاوى في المراكز، تؤكد الخوري حرص الوزارة على التأني في اختيار المدارس، قائلة: «هذه السنة أيضاً إستعَنّا بالمدارس الخاصة التي أبدَت كل التعاون في هذا المجال، ورفعنا أعداد التلامذة في بعض المراكز هرباً من الأبنية غير الملائمة، وحرصاً على عدم إبعاد التلميذ عن مدرسته الاساسية، وسيضمّ المركز بين 160 مرشحاً و250 في المدن».

أما بالنسبة إلى عملية التصحيح، فتلفت الخوري إلى أنها ستتم في المحافظات، «لكن ستُجمع المسابقات بداية في وزارة التربية ليتم خلطها وإرفاقها برقم وهمي، «باركود»، لتُعاد وتوزّع على المناطق من منطلق أنّ «كل لبنان يُصحّح لكل لبنان».

وفي ما خص النتائج، تُطمئن الخوري «أنها ستصل إلى جميع التلامذة عبر رسائل قصيرة في اللحظة التي تُجمع فيها العلامات»، مشيرة إلى انها «لن تصل بسرعة صدور النتائج العام الماضي بسبب عطلة عيد الفطر»، متمنية للجميع عملاً مثمراً، ومطمئنة الى انّ الامتحانات ستكون مدروسة وبعيدة عن التعجيز.