IMLebanon

كواليس اجتماع المدارس الكاثوليكية… طارت السنة الدراسية؟

 

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

عَقدت المؤسسات الكاثوليكية اجتماعاً مغلقاً صباح أمس بعيداً من الإعلام، كما سبقَ وكشفَت «الجمهورية» عن الموعد، ضمَّ جميع مسؤولي المدارس الكاثوليكية، من أساقفة، رؤساء عامّين ورئيسات عامّات، بالإضافة إلى خبراء اقتصاديّين ونقباء سابقين. لأكثر من ساعتين ناقشَ نحو 60 مرجعاً تربوياً تداعيات سلسلة الرتب والرواتب على مصير المؤسسات التربوية، من دون إصدار أيّ بيان للإعلام، مع إبقاء الجلسات مفتوحةً والنقاش متواصلاً. «نُعِدّ لخطوات تصعيدية، على أساسها نُحدّد مصيرَ السنة الدراسية، في مؤتمر صحافي توضيحي أواخر آب مطلع أيلول»، بحسب ما أكّده مصدر خاص لـ«الجمهورية».عند الساعة التاسعة صباحاً افتُتح الاجتماع برئاسة رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية المطران حنّا رحمة، في مركز اتّحاد المدارس الكاثوليكية. بدأ اللقاء بعرض الواقع الاقتصادي للمؤسسات التربوية ما قبلَ السلسلة ومرحلة تداعيات إقرارها.

فقدَّم الخبراء دراسةً مالية شاملة والمتغيّرات التي ستفرضها السلسلة فيما لو سَلكت طريقها وفُرِضت على قطاعالتعليم الخاص.

هاجسٌ كبير

تُشكّل المدارس الخاصة الكاثوليكية 30 في المئة من اتّحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان، وتضمّ نحو 190 ألف تلميذ. لذا هيمنَ هاجسٌ كبير على اجتماع أمس، وهو السباق مع انطلاق بداية السنة الدراسية والاتفاق على الإجراءات الممكنة للتخفيف من تداعيات الزيادات التي ستفرضها السلسلة، وخصوصاً مع ارتفاع رواتب الأساتذة.

في هذا السياق علمت «الجمهورية» أنّ الهيئة التنفيذية والأسقفية للمؤسسات الكاثوليكية ستجتمع غداً، وستُنظم اجتماعات توضيحية لاحقاً مع الأهالي والأساتذة كي يكونوا شركاء في أيّ موقف سيُتّخَذ في مواجهة الدولة، على اعتبار أنّ الكلّ جسمٌ واحد في الحفاظ على المؤسسات التربوية، ولكي لا يتحوّل الأساتذة والتلاميذ إلى الشارع.

في موازاة ذلك، يؤكّد مصدر خاص لـ«الجمهورية»: «أنّ المؤسسات التربوية الكاثوليكية تحرص على العمل بعيداً من الإعلام، وقد قرّرت إبقاءَ الاجتماعات مفتوحة ومتواصلة لتكوين صورة واضحة عن واقع الحال النهائي في ضوء المستجدّات اليومية، قبل التوجّه إلى الرأي العام».

أمّا عن الخطوات التصعيدية التي سيتمّ اللجوء إليها، فيقول المصدر: «سنواجه موقفَ الدولة العديمَ المسؤولية، خصوصاً أنّ النواب الذين قرّروا، والوزراء الذين وافقوا، تمكّنوا من إرضاء فئةٍ معيّنة من الشعب، وغابَ عن بالهم أنّ الأهالي لهم في المرصاد». ويضيف: «سيتمّ الإعلان تباعاً عن المواقف التصعيدية، وتحديداً خلال مؤتمر صحافي، لتحديد مصير السنة الدراسية».

«الراعي مستاء»

أمّا بالنسبة إلى موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممّا تمرّ به المدارس الكاثوليكية؟ فيُجيب المصدر: «إنّه مستاء جداً، ويُتابع اجتماعاتنا بأدقّ تفاصيلها، وبدَورنا نضعُه باستمرار في محصّلةِ لقاءاتنا». ويضيف: «يُشدّد غبطتُه على عدم الاستهتار بالقضايا الوطنية والتربوية، لذا يدعونا إلى أخذِ التدابير لوضعِ حدٍّ لهذا الاستهتار، رافضاً أن يُدمّر أحدٌ البيتَ على من فيه، فهو حريص على وقوف المؤسسات».

هاجسُ هذه الأزمة كان قد نَقله وفد من المدارس الكاثوليكية إلى رئيس الجمهورية ميشال عون نهاية الأسبوع المنصرم، وأبلغَه أنّ «نكبةً ستُصيب المدارسَ الخاصة في ما لو أبقَت الدولة على فرضِ السلسلة على قطاع التعليم الخاص». لكنْ ماذا لو لم يردّ عون السلسلة إلى مجلس النواب وسَلكت طريقَها؟

«نحن أمام سلسلة من الخيارات، أحلاها مرّ»، يقول المطران رحمة بنبرة غاضبة لـ«الجمهورية» بعد انتهاء الاجتماع المطوَّل، ويوضح: «سبق وتمنّينا على الرئيس عون ردَّ السلسلة لتكونَ عادلةً ومتوازنة، وإنْ لم يتمّ ذلك، سنتّجه إلى سلسلة من الخطوات التصعيدية قبل نهاية شهر آب، وعقدِ مؤتمرٍ صحافي موسّع لنوضح موقفَنا من العام الدراسي».

ويرفض رحمة «أن تُسبّب الدولة الهرَيان للمؤسسات التربوية الخاصة، بعدما سَمحت باهتراء مؤسساتها بنسبة 90 في المئة»، قائلاً: «مؤسّساتنا هي الوحيدة الصامدة والمنشّطة للاقتصاد نتيجة ثقةِ المواطنين بها».

أساس المشكلة

نقمةٌ، عتبٌ، إمتعاضٌ شديد، مجموعة من المشاعر السلبية رافقَت التربويّين، عبَّر عنها رحمة قائلاً: «لم يعطوا السلسلة الوقتَ الكافي ولم يَستعينوا بمجموعة من الخبراء لدرسِ السلسلة من أبعادها كافّة، لذا لن نَسمح لهم بكلّ خفّةٍ بهدمِ ما بنيناه سنوات».

ويضيف: «كما زُرنا الرئيس عون، نحن مستعدّون للقيام بجولة على عدد من المرجعيات، ونَرفض تماماً التشريعَ لنا بمنطقهم من دون معرفة طبيعة الأرض والواقع الاقتصادي».

وما يزيد الطين بلّة، بحسب رحمة: «منحُ الأساتذةِ درجاتٍ لامسَت الـ17 درجة، فيما الحدّ الأدنى للموظف الأجير 675 ألف، لذا من غير المنطق أن يُصبح الحدّ الأدنى للأستاذ ألفَي دولار أو 3 ملايين ليرة. من أين سيأتي الموظف بأجر الراتب؟ هناك خللٌ كبير في التشريع، وفي القانون»، محذّراً من «خضّة مزدوجة غير مدروسة للمدارس وللاقتصاد اللبناني».

قد نعلّم مجّاناً…

يستحوذ القطاع الخاص على 70 في المئة من التعليم، فيما القطاع الرسمي على 30 في المئة. في هذا السياق، يقترح رحمة «لو تُقدّم لنا الدولة الميزانية التي تَصرفها على المدارس الحكومية، كنّا من خلالها علّمنا جميعَ تلامذةِ لبنان مجّاناً، لأنّنا نُعلّم تماماً كم تُغطّي هذه الميزانية».

ويضيف: «لذا في ما لو سدّدَت الدولة رواتبَ الأساتذة، نحن على استعداد لتقديم أنفسِنا ومدارسنا ورهباننا وراهباتنا وخبراتنا مجّاناً، المهم فلتتحرّكْ أو تَقُم بأيّ مبادرة، أو تغطّي شيئاً ما»، مقترِحاً في الوقت عينِه «تحقيقَ مشروع البطاقة التربوية، التي تضمن مجّانية التعليم إلى مراحل محدّدة».

إسترجاع التسجيل

في وقتٍ لا تزال نسبة الزيادات المحتملة على الأقساط غيرَ محسومة، والتردّد يَعتصر أهالي الطلّاب لجهةِ هل يَنقلون أولادهم إلى قطاع التعليم الرسمي، يوضح الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار لـ«الجمهورية»: أنّه في الوقت الراهن ما مِن جواب حول موضوع الأقساط المدرسية، نُبدي تمسّكَنا بالقانون 515 الذي يُنظّم موازنة المدارس ويُقرّر إمكانية الزيادة بحسب وضعِ كلِّ مدرسةٍ وخصوصيتِها من حيث الكلفة التشغيلية، ورواتب الأساتذة وغيرها من التفاصيل»، مؤكّداً «أنّنا لسنا ضدّ إعطاء المعلّمين حقوقَهم، ولكنْ نطالب بالعدالة ومراعاة أوضاع الأهالي الاقتصادية والاجتماعية».

ويُحمّل عازار الدولة مسؤولية الفوضى التي تسبق السَنة الدراسية، قائلاً: «المؤسف هو التشريع الموحَّد بين القطاعين الرسمي والخاص، الدولة مسؤولة عمّا أقرَّته بعد 5 تمّوز، لتتفضّلْ وتؤمِّنْ مصادرَ تمويلية، كما تؤمِّن للقطاع الرسمي ما يَلزمه».

أمّا بالنسبة إلى إمكانية استردادِ رسومِ التسجيل، فيوضح عازار: «لم نتحدّث في هذا الموضوع، ولكنْ بإمكان لجان الأهل مراجعة إدارة المدرسة والاتفاق معها بحسب نظامِها الداخلي، لقد تركنا كاملَ الحرّية للمدارس لتأخذَ القرار المناسب في فتحِ المجال لاسترداد رسمِ التسجيل للأهالي أو لا».